انتهي الصيف وكل عام وأنتم بخير، واقترب رمضان وكل عام وأنتم بخير، واقترب بدء الموسم الدراسي وكل عام وأنتم بخير. نحن شعب يحب المناسبات ويتقدم لبعضه البعض بالتبريكات والتهاني بمناسبة وبدون مناسبة إلي الحد الذي يتقدم إليك أحدهم، بعد أن تنتهي - بمجهودك الخاص - من ركن سيارتك في الشارع، لافحا علي كتفه فوطة - كانت صفراء وأصبحت سوداء - مبتسما ابتسامة بلا معني، قائلا لك: كل سنة وأنت طيب. لحظتها قد يكون رد فعلك مثلي هو الحيرة التامة، ولا نعرف ما هو المطلوب.. هل نرد له التحية مثلا، أم نسأله ما هي المناسبة.. ثم نكتشف ببساطة أنه يريد أن يحصل منك علي نقوداً بلا مبرر منطقي أو سبب مقبول وبما أن الأعياد هي مناسبات غير عادية، يميل الناس فيها إلي الأريحية والانبساط، وقد تعطي لاقربائك من الأطفال نقود بلا دسبب تحت مسمي "العيدية" وبالتالي هو أيضا يطلب منك أن تعتبره من هؤلاء وان تعطيه العيدية والدليل علي ذلك أنه قال لك "كل عام وأنتم بخير". وحينما تستوعب كل هذا المفهوم المعقد، وتناوله النقود "في الغالب جنيه" يبادرك مشيحا بوجهه "ماشي". وتعود إليك الحيرة، من المفترض حينما تعطي أحدهم هدية أن يقول لك شكراً، أما "ماشي" فهي كلمة لا تفيد إلا الاستمرار.. والمعني أن عليك أن تتعود علي ذلك فهذا الموقف سيتكرر المرة تلو الأخري. لكل هذه الأسباب، رمضان، الدراسة، كل عام وأنتم بخير، الأريحية، طلبت مني زوجتي أن أرافقها إلي أحد محال السوبر ماركت الكبري.. لأفاجأ بزحام غير معقول.. وتكالب علي شراء أي حاجة، وكل حاجة المهم أن يتم تناولها عن طريق الفم. أما العاملون فهم يعاملون الزبائن بتعال غير مبرر كما لو كان كل منهم يتفضل علي الزبائن بسماحه لهم بالشراء من هذا المحل، وليس أن المحل والقائمين عليه قد بذلوا جهوداً جبارة كي يقنعوا الزبائن بأن محلهم أفضل من غيره. وأخيراً وأنا أمام الكاشير ليدفع الجميع في الغالب فلوساً كثيرة في أشياء ليسوا في حاجة إليها كان وراءنا في الطابور شخصان يتحدثان الفرنسية من أصل افريقي سأل أحدهم الثاني عن سبب الزحام. فجأت الاجابة بمناسبة شهر رمضان. * وما هو رمضان؟ قال الأول شهر يمتنع فيه المسلمون عن الطعام طوال فترة الصيام. ** أجاب الثاني * اذا كان المفترض ان يمتنع هؤلاء عن الطعام ماذا يفعل هؤلاء؟ ولماذا يشترون كل هذه الكميات من الأطعمة؟ ولا أجد اجابة أفضل من "كل عام وأنتم بخير".