تحت شعار "الرؤية الإصلاحية" اتجهت الدولة لتأسيس العديد من الشركات القابضة، بل وتحويل العديد من المؤسسات، والهيئات إلي قابضة. كان منتصف العام الماضي هو الانطلاقة الحقيقية لإعلان الحكومة عن مولد هذا النوع من الشركات، فيما تم الإعلان عن تأسيس شركة قابضة للمدن العمرانية الجديدة، بعدها بدأ سيل من الإعلان عن هذه الشركات والاتجاه إلي تحويل العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية إلي شركات قابضة. فلم يمض سوي أشهر قليلة علي القابضة للمدن العمرانية حتي تم الإعلان عن إنشاء قابضة لتنمية الصعيد، ثم ثالثة لتنمية سيناء وخليج السويس برأسمال مرخص مليار جنيه، والمدفوع بنحو 100 مليون جنيه والمصدر ملياري جنيه، علي أن تساهم الحكومة بنسبة 40% والمستثمرون 60%. وخلال الأشهر القليلة الماضية كان الإعلان عن تأسيس شركات أخري كالقابضة العربية للاستثمار، والقابضة للترويج لفرص الاستثمار، والقابضة لمصر للطيران، والملاحة، والغاز، وأخيراً القابضة للتأمين الصحي. اتجاه الحكومة لهذا الأسلوب كان مدعوماً علي حد تفسير الخبراء والمتخصصين بنجاح تجارب القطاع الخاص في هذا الصدد، لما يتمتع به هذا القطاع حسب قولهم بإدارة جيدة قادرة علي تحقيق الأهداف والبرامج التي تم وضعها. الإدارة القوية هي المحدد الرئيسي في نجاح الشركات القابضة، فالإدارة المستقلة تكون دائما قادرة علي اتخاذ القرارات التي فيها مصلحة هذه الشركة بهذا عبر عادل جزارين رئيس جمعية رجال الأعمال علي نجاح الشركات القابضة التي اتجهت إلي تأسيسها الحكومة. وقال إن الشركة القابضة هي شركة تضم العديد من الشركات الصغيرة تحت مظلتها بحيث تقوم هذه الشركة بتحديد سياسة وخطة العمل لهذه الشركات. تجربة المؤسسات وبعد التأميم حسبما قال تم العمل بنظام الشركات الصناعية ثم اتجهت الدولة إلي تجربة المؤسسات الصناعية، وكان هناك نحو 6 مؤسسات ما بين هندسية وتجارية، ولكن فشلت هذه التجربة أيضا بسبب تدخل الدولة بشكل مباشر في اختصاصاتها. ثم تم العمل بنظام الوزارات التي كانت تضم العديد من الشركات تحت مظلتها، وفشلت الفكرة أيضاً، فكان البديل في الهيئات ثم الشركات القابضة التي تملك ولا تدير، وانها يقتصر دورها وفقا لما قال علي وضع استراتيجية وخطة تعمل بموجبها هذه الشركات. وهذا الاتجاه كما يراه لو توافرت له الإدارة الجيدة والقوية سيحقق نجاحا كبيرا، مثلما حدث في الدول الأجنبية، خاصة في دول أمريكا واليابان، وكل دول الاتحاد الأوروبي. وربط د. جزارين نجاح هذه التجربة بعدم الخلط بين الملكية والإدارة في هذه الشركات مثلما يحدث في القطاع الخاص. ولأن مكاسب هذه الشركات كما يقول متعددة، حيث تعمل علي إيجاد كوادر وخبرات عالية في النواحي الفنية والإدارية، والتسويقية مع الحرص علي تقليل المخاطر. التحرر من القيود وعلي حد وصف منير عز الدين عضو شعبة المستثمرين فإن الشركات القابضة تعمل علي التحرر من القيود الحكومية وتدار بمنطق اقتصادي يخضع للربح، والخسارة، وهنا تبعد الحكومة عن البعد الاجتماعي. وقال إن الشركة القابضة تعمل تحت مظلتها أكثر من شركة، سواء كانت هذه الشركة حكومية أو مملوكة لأفراد، ويرتبط نجاحها هنا بالسياسة التي تضعها الإدارة، دون التدخل في عمل الشركات الصغيرة التابعة لها. ولضمان نجاح هذه التجربة حسب قوله لابد من الاطلاع علي تجارب الدول الأجنبية، والاستفادة منها، ولكن مخاطر هذه الشركات كما قال تتمثل في تجاهل البعد الاجتماعي. وفي هذا الصدد استشهد عز الدين بشركة الشرق الأوسط الزراعية، والتي كانت تمتلك أراضي زراعية في جنوب السودان والوادي، وقد حققت هذه الشركة نجاحات كبيرة في الإدارة، واستصلاح مئات الأفدنة من الأراضي الزراعية. إصلاح اقتصادي ويري محمد المنوفي رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر أن الحكومة تحاول من خلال إنشاء هذه الشركات القابضة إلي الاصلاح الاقتصادي وقال إن الشركات القابضة دائما ما تعمل علي المساهمة في تحسين الخدمات سواء في الصحة، أو المواصلات أو الرياضة، ومن هنا يتحقق النجاح، فهناك تجربة ناجحة يجب وضعها في الاعتبار وهي مجلس الأمناء بالمدن الجديدة، حيث نجح هذا المجلس في تقديم خدمات متميزة للمنطقة في جميع الخدمات.. ويقاس ذلك علي باقي المجالات التي تضمها هذه الشركات القابضة، فنجاح هذه الشركات يكون بالتخطيط الكامل للمشروعات التي تتطلب وضع الأهداف المطلوبة، والإمكانيات والتمويل، فالهدف بالنسبة لهذه الشركات كما قال واضح، هو جمع عدة شركات تعمل في مجال واحد وتصب في مصلحة واحدة، بحيث تعمل هذه الشركات علي اصلاح الأوضاع الاقتصادية مع مراعاة البعد الاجتماعي. المزايا في إنشاء هذه الشركات كثيرة كما حددها مدحت خليل رئيس مجلس إدارة شركة راية القابضة، حيث تقوم هذه الشركات علي إدارة قوية، تعمل علي تذليل العقبات، وتيسير الإجراءات أمام المستثمرين، عكس العراقيل والاساليب الروتينية التي تتبعها الحكومة، وبالتالي يطفش ذلك المستثمرين. وقال: علينا أن ننظر في هذا الاتجاه إلي النجاحات التي حققتها الشركات القابضة الخاصة، واتجاهها الدائم نحو التوسع الداخلي والخارجي. تأخرنا كثيراً تأخرنا كثيرا ووصل هذا التأخر إلي 20 عاما علي حد تفسير الدكتورة نهال المغربل بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. فلو اتجهنا إلي هذا الأسلوب حسبما قالت، لتغير الأمر، وكنا من الدول المتقدمة اقتصاديا، يتحسن وضعنا علي المستوي الدولي. وقالت إن أهم ما يميز هذه الشركات هو اللامركزية، فتكون للشركات ميزانيات، ونفقات، وأوليات تحددها الشركة الأم من خلال مجلس إدارة مشكل من الشركات التابعة.. ولكن إذا كانت علي حد قولها الإدارة ضعيفة فهذا بكل تأكيد سيؤدي إلي فشل الشركة. والمنتظر من هذه الشركات إيجاد حلول جادة للإصلاح الاقتصادي، والعمل علي تقديم خدمات جيدة، مثلما حدث في القطاع الخاص.. هكذا قالت.