الهروب من الكمساري، التزويغ من ماكينات مترو الانفاق، التسطيح أعلي القطارات للفوز بمواصلة مجانية، سرقة وصلات الدش والانترنت والتسلل إلي شبكات الاتصالات الدولية لاجراء مكالمات بلا مقابل، سرقة أسلاك الكهرباء ولجوء بعض المواطنين إلي عمل بعض الوصلات خلف العداد لتوصيلها ببعض الأجهزة مثل التكييف والسخان.. كل هذه نماذج "للفهلوة" المصرية التي انتقلت عدواها إلي قطاعات عريضة من المجتمع. خبراء الاقتصاد قدروا خسائر قطاعات النقل العام بسبب هذه الفهلوة ب 200 مليون جنيه سنويا إلي جانب الخسائر الفادحة لقطاع الاتصالات والتي قدرت ب 100 مليون جنيه. المسئولون عن هذه القطاعات طالبوا بضرورة التصدي لتلك الظاهرة والتي تثمل خلالها في منظومة القيم الاجتماعية والاخلاقية والموروثات الثقافية للمجتمع إلي جانب حرمة المال العام والخاص. العالم اليوم "الأسبوعي" قامت بجولة في هذه القطاعات لرصد حجم الخسائر التي تتعرض لها وتتساءل: ما الذي يدفع الانسان إلي المغامرة بنفسه وحياته في بعض الاحيان؟ هل هو الفقر ام البطالة أم الظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها المجتمع؟ في البداية ذهبنا إلي وزارة النقل حيث صرح مصدر مسئول فيها فضل عدم ذكر اسمه ان الوزارة تتعرض لخسائر فادحة تقدر سنويا ب 2 مليون جنيه بسبب تهرب بعض الركاب من دفع تذاكر المترو والقطارات بالاضافة إلي التزويغ من الكمساري "والتسطيح" أعلي القطارات مشيرا إلي وجود خسائر أخري اكثر تأثيرا وهي التلف الذي تتعرض له هذه الوسائل من جراء قيام بعض الركاب بالركوب في الأبواب الخلفية - الشعلقة - من خلال ضرب القطارات بالحجارة والتي يتسبب في أحيان في كسر الزجاج وتحطيم أجزاء عديدة من القطار تحتاج فيما بعد إلي مبالغ كبيرة للتصليح والصيانة هذا إلي جانب تعرض السائقين والركاب لاصابات مما يعني خسائر بشرية اضافية. ويضيف المصدر أن مفهوم "الفهلوة" في الأطر القانونية لا يعني بالضرورة قيام هذه الشخص بسلوك يخالف القانون ولكن قد يقوم شخص بالتحدث كثيراً ويمتلك القدرة علي اقناع الآخرين بفكره ولكن هذا المفهوم قد تحول من العمل في اطار الشرعية والسلوك القانوني إلي السلوك غير القانوني مستندا في ذلك علي مفهوم قد ترسخ لدي البعض من أن المال العام هو ملك للجميع فإن الدولة - كما يقول المصدر - اذا قامت بالاستحواذ عليه فسوف يتعرض للسرقة من بعض المسئولين بدلا من استخدامه في صيانة واصلاح هذه المرافق. ويشير المصدر إلي أن الحل قد يكون في تغليظ العقوبة وتشديد المراقبة للحد من الفهلوة ولكن هذا الحل ليس كافيا لاننا في النهاية نتعامل مع سلوك بشري لا يمكن السيطرة عليه بالمراقبة او القوانين فقط فالجزء الأكبر يقع علي عاتق المواطن نفسه وضرورة عودته للفطرة والسلوك القويم والبعد عن الشطارة او الفهلوة المصرية لان القضية في النهاية تخضع للسلوك والعادة فهذا المال وان كان ملكا للدولة فالضمير يحتم علينا المحافظة عليه لانه ملك لنا وللاجيال القادمة. مترو الانفاق الجولة الثانية قمنا بها داخل جهاز تشغيل المترو حاملين معنا تجربتنا الخاصة التي تتلخص في انه خلال ذهابنا إلي الجهاز حدثت مشكلة في التذكرة اثناء وضعها في احدي الماكينات فقد ابتلعتها الماكينة - وعند البحث عن الموظف المختص والذي يفترض ان تكون وظيفته الرئيسية مراقبة الراكب اثناء المرور من الماكينات المخصصة لذلك لم نجده اضطررت إلي المرور وراء أحد الركاب دون ان يعترض طريقي أحد وهذا المشهد أراه يتكرر كثيرا وفي العديد من المحطات مع اختلاف المناطق. داخل جهاز تشغيل المترو قابلنا المهندس علي حسنين رئيس الادارة المركزية بجهاز تشغيل المترو الذي اكد ان الجهاز يقوم بتعيين طاقم كامل داخل كل محطة يتكون من رئيس المحطة وناظر المحطة بجانب الشرطة المسئولة عن مراقبة الركاب المخالفين مبررا عدم وجود المسئولين في بعض المحطات إلي أن هذا استثناء وليس قاعدة كما ان مشرف المحطة له سبع واجبات في اللائحة احداها التدخل في حالة حدوث عطل لأحد البوابات ومهام اخري داخل القطار مما يعني ان عدم تواجده هو قيامه بأداء وظيفة أخري خاصة انه في حالة قيام أحد الموظفين بترك مكان عمله يتعرض لخصم اسبوع من راتبه.