من يرغب في قراءة صفقة بيع المصرية للأسمدة والتي وصلت قيمتها إلي 416.1 مليار دولار قراءة دقيقة بهدف التقييم عليه ان يعود عامين للوراء ليتذكر قيمة بيع الشركة التي شملت حصة المال العام والتي وصلت إلي 700 مليون دولار.. فما السبب في هذا الفارق الكبير هل اخطأت الحكومة في التقييم؟ وهل ارتفاع تقييم المصرية للأسمدة يشجع علي خصخصة شركات أبو قير للأسمدة أو المالية والصناعية في الفترة الحالية؟. بداية يقول ناجي هندي مدير صندوق الاستثمار ببنك مصر إيران ان الاختلاف في تقييم الشركة المصرية للأسمدة خلال عامين هو اختلاف مثير للارتياب ويجب ان نتوقف امامه بالتحليل نظرا إلي انه يدلل علي انه إما ان الدولة عندما باعت حصتها في عام 2005 باعتها بأقل من قيمتها أو ان السعر الذي بيعت به المصرية في الصفقة الأخيرة كان مبالغ فيه. ويعتبر هندي ان السبب في الغموض الموجود حول هذه الصفقة يعود إلي عدم تداول اسهمها في السوق معتبرا انه للتمكين من تقييم حصص المال العام في الشركات يجب ان يكون مطروحا علي الأقل 30% منها للتداول في سوق الأوراق المالية وان يتم المواءمة بين التحليل الأساسي للشركة وبين سعر السهم المتداول في ظل وجود "صانع للسوق" للوصول للتقييم الدقيق لها. كما يري هندي ان صفقة خصخصة المصرية للأسمدة منذ عامين لم تكن ناجحة إذا ما اعتبرنا ان معايير النجاح مرتبطة بالفائدة التي تعود علي الحكومة فمن خلال هذه الصفقة انتقلت الشركة إلي القطاع الخاص بنسبة 100% وفي الصفقة الأخيرة اصبحت ايضا في يد القطاع الخاص وهو ما يمثل خطورة كبيرة لامكانية إيجاد احتكار في قطاع استراتيجي مثل قطاع الأسمدة ويري انه كان من الأصح ان يتم طرح نسبة من أسهم الشركة للاكتتاب العام خاصة انه سيكون سهما جذاب لصغار المستثمرين. أبو قير للأسمدة وعن فكرة طرح أبو قير للخصخصة يشير هندي إلي ان الشركة ارتفع تقييم سهمها تأثرا بصفقة المصرية من حوالي 130 جنيها إلي 190 ويعتبر ان قطاع الأسمدة من القطاعات التي يرتفع عليها الطلب نظرا إلي انه من الصعب اعتبار الاقبال علي شراء المصرية نوع من المضاربة لأن قطاع الأسمدة قطاع استراتيجي ومن يشتري فيه يشتري ليستمر، علاوة علي وجود اقبال حالي لرؤوس الأموال الخليجية بدأ بالاتصالات والإسكان وقد ينتقل في الفترة القادمة إلي الأسمدة. ويري أن هناك فرصة جيدة لخصخصة أبو قير وشركات أخري كباكين والمالية والصناعية وكفر الزيات بشرط بيع حصص أكبر للجمهور واتباع نظم دقيقة للتقييم وتوسيع دائرة المنافسة بالاتجاه ايضا لاستغلال السيولة المالية في البنوك المصرية في عروض شراء هذه الشركات. ويختلف مع الرأي السابق المحلل المالي محمد الصهرجتي حيث يري ان صفقة بيع حصة المال العام في المصرية للأسمدة تمت بشفافية علاوة علي ان هذا الارتفاع في تقييم الشركة يعود بدرجة كبيرة إلي زيادة الطلب علي منتجات هذا القطاع. وتري رشا أنور مدير البحوث بشركة عكاظ للتداول ان الارتفاع في تقييم المصرية كان له عدة أسباب منها إعادة الهيكلة التي تعرضت لها الشركة خلال هذه الفترة وخطط التنمية ومعدلات النمو المتوقعة للشركة علاوة علي اختلاف الوضع الاقتصادي وفرص النمو بشكل عام الآن عن عام 2005. فرصة جيدة وتري رشا ان هناك فرصة جيدة لبيع شركات مثل أبو قير أو المالية والصناعية في الفترة القادمة حيث تعتبر ان التأثير الإيجابي الذي احدثته صفقة المصرية علي تقييم اسهم هذه الشركات مازال يضعها في أقل من السعر العادل لاسهمها نظرا إلي ان هذا القطاع كان "منسيا" خلال الفترة الماضية علي الرغم من اهميته وساهمت صفقة المصرية في لفت الأنظار إليه. وتشير إلي انه علي الرغم من اعلان الحكومة عن سياسة جديدة لتسعير الطاقة واستمرار تدخلها في سياسات التسعير والتوزيع ومنع التصدير في بعض الاحيان وهو ما يرفع من مخاطر الاستثمار في هذا القطاع إلا ان الطلب القوي علي منتجات هذا القطاع يجعله قطاعا واعدا وتدلل علي ذلك بطلبات انشاء مصانع جديدة للأسمدة في الفترة القادمة قدمها بعض رجال الأعمال. ويري المحلل المالي عصام مصطفي ان ارتفاع تقييم المصرية للأسمدة قد يعود بدرجة كبيرة للتطورات الإيجابية التي طرأت علي السوق خلال الفترة القصيرة الماضية بسبب اقبال رؤوس الأموال الخليجية علي السوق المصري بصورة فاقت كل التوقعات، ويري ان اقبال رؤوس الأموال الخليجية علي مصر يرتبط بشكل كبير بعنصر الأمان الذي تتمتع به هذا البلد وان الاقبال الخليجي سيزداد كلما ازدادات احتمالات ضرب ايران. تسعير الطاقة وعن أبو قير يري مصطفي ان موقفها يختلف عن المصرية فعلي الرغم من التطورات الإيجابية الأخيرة في تقييم سهمها تأثرا بصفقة المصرية إلا ان تداولها في السوق اتاح بدرجة كبيرة امكانية ارتفاع تقييم سهمها وهو ما لم يكن متاحا للمصرية بسبب عدم طرحها في السوق إلا انه يري انه لا يجب ان يتم بيع أي من الأصول الاستراتيجية للدولة في الفترة القادمة سواء من قطاع الأسمدة أو غيره من القطاعات الاستراتيجية كالأسمنت أو المطاحن لأن التجربة اثبتت أن دخول القطاع الخاص في قطاعات كالأسمنت أو الحديد ساهمت في رفع الأسعار وتعميق الأزمة الاقتصادية، ولا يعتبر ان اعلان الحكومة عن سياسة تسعيرية جديدة للطاقة قد يسهم في زيادة اعباء قطاع الأسمدة علي الدولة باعتباره قطاعا حيويا من الممكن ان يتحمل المواطن أي ارتفاع في أسعاره. فيما يري محمد الصهرجتي ان هناك وسائل مختلفة من الممكن اتباعها لإدارة الدولة لهذا القطاع سواء بالاحتفاظ بنسبة من ملكية هذا القطاع أو ببيعه للقطاع الخاص وتولي توزيعه ودعم اسعار منتجاته، مشيرا إلي ان الحكومة تحدد اسلوبها في إدارة هذا القطاع وفق دراستها لأحوال هذا القطاع.