شهد القطاع المصرفي المصري مؤخرا اتجاه عدد كبير من البنوك نحو التوسع في تقديم القروض العقارية علي رأسها بيريوس والوطني المصري والاسكندرية والبنك التجاري الدولي CiB- مصر. هذا التوجه من جانب بعض البنوك التجارية للدخول في تمويل القطاع العقاري ومنافسة الكيانات المصرفية المتخصصة في اقراض هذا القطاع وفي مقدمتها بنكا العقاري المصري العربي والتعمير والاسكان، اثار علامات استفهام كثيرة حول مغزي هذه الخطوة، ومدي تأثير ذلك علي البنوك المتخصصة العاملة في هذا المجال. رجال البنوك من جانبهم اكدوا ان هذا التوجه متوقع ويعد تطورا طبيعيا، نظرا لحالة الاستقرار التي اصبح يتمتع بها هذا القطاع الواعد، بسبب القرارات المتعلقة بفرض رسوم تصدير علي مواد التشييد والبناء خاصة الحديد والاسمنت. وراهن هؤلاء علي نجاح الاستثمار في القطاع العقاري، نظرا لدخول الكثير من الشركات المحلية والاجنبية في هذا السوق وعلي رأسها اعمار واملاك والفطيم وايفاد بالاضافة الي مجموعة شركات طلعت مصطفي والسادس من اكتوبر للتنمية والاستثمار، مؤكدين ان هذا شجع الكثير من البنوك التجارية علي اقتحام مجال التمويل العقاري. ومن جانبه يعترف مجدي عبدالفتاح نائب المدير العام بالبنك الوطني المصري ان توجيه عدد كبير من البنوك التجارية نحو تقديم خدمات التمويل العقاري، يهدف الي جذب شريحة كبيرة من العملاء وتلبية احتياجاتهم عن طريق التوسع في مجال التجزئة المصرفية بشكل عام. وقال ان هناك مجالات عديدة للتجزئة المصرفية، ومنها قروض السيارات والاسكان والتعليم والزواج وتشطيب الشقق والمحال التجارية ، مؤكدا ان اتجاه البنوك التجارية صوب هذا القطاع يأتي من منطلق انها تقدم خدمة من خدمات التجزئة المصرفية. وردا علي سؤال حول الفائدة التي ستعود علي البنوك من وراء ذلك يذكر عبدالفتاح انه سوف يترتب عليه تحقيق البنوك معدلات ربحية مناسبة لانخفاض مخاطر الاستثمار في هذا القطاع؛ لان البنك يقوم برهن الوحدة العقارية لصالحه، كضمانة جيدة للوفاء بقيمة القرض في حالة عدم قدرة المقترض علي السداد. ويضيف ان نشاط التمويل العقاري اصبح من القطاعات الواعدة التي تحقق مكاسب ومعدلات ربحية عالية للبنوك التي تستثمر فيه، مؤكدا ان هذا القطاع يساهم في احداث رواج ملحوظ في قطاعي الاسكان والمقاولات، باعتبارهما يؤثران في اكثر من 20 صناعة اخري. ويؤكد عبدالفتاح ان اقدام البنوك التجارية علي اقتحام مجال التمويل العقاري، لن يترتب عليه تحميل هذه البنوك باية اعباء اضافية، مشيرا الي ان هناك شكلين يمكن للبنوك التجارية ان تقوم عن طريقهما بتقديم خدمات القروض العقارية اولهما توفير القروض العقارية لجمهور المستهلكين من العملاء، وثانيهما التعامل مع شركات المقاولات والعقارات، وهذان المجالان يعتبران سوقا واعدة يمكن للبنوك التعامل معهما عن طريق تقديم الخدمات المطلوبة بطريقة سريعة وبسيطة. ومن جانبه يقول طلعت الشهابي المدير العام بالبنك العقاري المصري العربي ان قطاع التمويل العقاري يتميز عن سائر القطاعات الاخري في وجود ضمانات قوية، تزيد قيمتها بمرور الوقت علي قيمة الدين او القرض. ويضيف قائلا هناك بعض المعوقات التي قد تعوق عملية التمويل العقاري ابرزها القوانين المتعلقة بالملكية، وعدم استقرار الظروف والاوضاع الاقتصادية بالاضافة الي المشكلات الناجمة عن تقييم العقارات والاصول المختلفة. ويري الشهابي ان البنوك المتخصصة في تقديم القروض العقارية واقراض المشروعات العقارية لن تتأثر كثيرا بدخول البنوك التجارية الاخري في هذا المجال لان القدرة علي توفير قروض عقارية بمبالغ ضخمة ولآجال طويلة قد تصل الي 20 عاما. ويضيف ان البنوك التجارية التي اقتحمت هذا القطاع مؤخرا ربما تواجهها عقبات تمنعها من توفير القروض العقارية ذات الاجال الطويلة وايضا المتوسطة التي تتراوح مددها من 5 الي 7 سنوات، مؤكدا انه في حالة اقدام هذه البنوك علي تقديم القروض طويلة الاجل فهذا يتطلب منها الحصول علي ودائع ذات اجال طويلة. وفي رأي محمد الاتربي المدير العام وعضو مجلس الادارة بالبنك العقاري المصري العربي فانه لا يوجد اي تخوف من وراء قيام عدد من البنوك التجارية العاملة بالسوق بتقديم القروض العقارية واقتحام قطاع التمويل العقاري وذلك لان البنك لديه من الادوات والآليات التي تجعله يحتفظ بالصدارة في تمويل هذا القطاع. وقال ان البنك باعتباره من البنوك المتخصصة في نشاط الاقراض العقاري يمتلك محفظة عقارية قوية، حيث توجد لديه وحدات عقارية مملوكة له، بالاضافة الي الوحدات الاخري المملوكة للعملاء والتي يتم تسويقها لصالحهم. ويذكر الاتربي ان هناك عددا كبيرا من البنوك التجارية اقتحم هذا القطاع، بسبب حالة الاستقرار وتراجع حجم مخاطر الاستثمار فيه، بالاضافة الي صدور حزمة من القرارات الاقتصادية التي من شأنها المساهمة في زيادة حجم الاستثمارات الموجهة الي قطاع التمويل العقاري ولعل من ابرزها قرار فرض رسوم تصدير علي كل من الحديد والاسمنت.