نظرة علي أحوال السياحة في مصر في الفترة الأخيرة تلخص بمنتهي الموضوعية الحال الذي وصلت إليه مصر فها هي صناعة من أربح وأنجح الصناعات في مصر نفقدها بمنتهي السرعة نتيجة لعدة أسباب أهمها وأعمقها الاختيارات العشوائية والعمل في جزر متناثرة والبحث عن المصالح الخاصة علي حساب المصلحة العامة.. فالكل دون تخصيص مشترك اشتراكا قويا في هدم صناعة السياحة. بدأنا بإلغاء الأجندة السياحية بحجة أنها لا تضيف للسياحة المصرية وتنفق الوزارة فيها أموالا وهذا هو لب المشكلة، فالسياسة التي تم وضعها للحكومة والتي تتلخص في أن أي وزارة عليها تجلب أموالا بأي طريقة وبأي شكل وتحت أي مسمي جعلت الوزارة في حالة هلع وخوف من الإقصاء وكلنا يعلم كم نعشق السلطة حتي حكومة التكنوقراط عشقت السلطة هي الأخري ونافست عليها وبدلا من اصلاح المائل المفترض أنهم جاءوا لإصلاحه انكسر المائل وانفصل من المصلحة العامة وأصبحت الوزارات حقلا للتجارب ولم يعد هناك تعاون بين الوزارات بل تجزأت وأصبحت جزرا متناثرة، الكل يعلي صوته ومصلحة وزارته وشركاته لأنها أهم من الحكومة والصالح العام. كيف تسير الأمور بهذا الشكل؟ إن فلسفة أن أي وزير يجب أن يجلب المال ويستغني عن ميزانيته ويقلصها تشبه إلي حد كبير رب الأسرة الذي يقول لأولاده أنا غير مسئول عنكم وكل منكم مسئول عن نفسه والمهم هو جلب المال بأي شكل وأي طريقة. وإلا بماذا نفسر كثرة الاخطاء وعشوائية القرارات وعدم اجتماع المجلس الأعلي للسياحة ولا مرة حتي الآن؟! وزير الزراعة يسمح بصيد أسماك الزينة بالبحر الأحمر متجاهلا المنظمات الدولية للبيئة، وزير الطيران يصدر قرارا منذ شهور بخفض أسعار التذاكر الداخلية فيضرب سوق الطيران الخاص في مصر في مقتل وبعد التأكد من موته يصدر قرارا آخر بدفع ثمن تذاكر الطيران فيضرب السياحة الداخلية في مقتل!! بماذا نفسر أن هبوط الوارد السياحي يجري منذ ثلاث سنوات ونصف السنة ولم يتحرك لنا ساكن ولم تستنفر الدولة أو رئيس وزرائها لدراسة كيف نوقف سيل هبوط الوارد السياحي؟ كيف نفسر تدني الخدمات وانهيار السياحة النيلية وكثرة مشاكلها ومع هذا نزيد عدد الفنادق النيلية خاصة وراء السد من 8 مراكب قبل ثلاث سنوات إلي 25 فندقا دون مراس أو خدمات، وفي بحيرة ناصر تصرف مخلفات المراكب ونضرب البيئة جهارا؟! كيف نفسر مشاهدة أسواق تهرب بعيدا مثل السوق الايطالي والسوق الفرنسي الذي انهار تماما في الوقت الذي تحاول فيه الشركة المحتكرة للسوق "أكور" زيادة عدد فنادقها والاستيلاء علي أي فندق قابل للبيع سواء عن طريق الخصخصة أو الأفراد؟!! كيف نفسر تأخر الحملة الإعلانية والدعائية لمصر السياحية علي شاشات العالم والتخبط الذي حدث طوال السنوات الثلاث.. والنتيجة أن مصر بلا دعاية وتمشي بالدفع الذاتي؟!! كيف نفسر عدم تغيير القيادات السياحية بالخارج لعشرات السنوات سواء كان المكتب ناجحا أو فاشلا؟! كيف نفسر سوء أحوال السكك الحديد والطرق والمستشفيات في المواقع السياحية وقد فقدنا من قبل صناعات كانت تميزنا في العالم مثل القطن طويل التيلة وصناعة السينما والثقافة عموما.. فهل كتب علينا أن نخسر كل ما كان علينا أن نكسبه ونحافظ عليه؟!