بينما تعمل الدبلوماسية المصرية بحماس منقطع النظير علي إلقاء طوق النجاة للحكومة العراقية، وتستعد لاستقبال رئيسها نوري المالكي بالقاهرة بعد بضعة أيام .. ردت قوات الاحتلال الأمريكية والقوات العراقية الحكومية علي "مبادرة" الدبلوماسية المصرية بمداهمة القنصلية المصرية في بغداد أمس الأول بعد ان كسرت أبوابها، وصورت بعض المستندات، ثم اعتذرت عن العملية متعللة بأن المبني لا يعلوه علم مصر، وان المعلومات أكدت أنه فارغ ويستخدم من قبل قناص. والحمد لله أن قوات الاحتلال الأمريكية، وذيلها العراقي، لم تقل أن "المعلومات" المتوفرة لديها تؤكد وجود أسلحة دمار شامل داخل القنصلية المصرية، علي غرار تلك "المعلومات" التي تذرعت بها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لغزو العراق واحتلاله منذ أربع سنوات، ثم ثبت بعد ذلك أنها كلها "معلومات" كاذبة ومصطنعة مع سبق الإصرار والترصد. وحتي لحظة كتابة هذه السطور لم نسمع عن قيام الخارجية المصرية بالاحتجاج، الساخن أو الفاتر أو حتي البارد، علي هذا العمل العدائي الذي يمثل انتهاكا للتقاليد الدبلوماسية، ناهيك عما يحتويه من جليطة تجاه "دبلوماسية الحب من طرف واحد" المصرية. ولعل الدبلوماسية المصرية علي صواب - هذه المرة- في تجاهلها للأمر، فما هو المنطق في مطالبة قوات الاحتلال الأمريكية باحترام التقاليد الدبلوماسية، وهي التي داست بالحذاء كل القوانين الدولية وكل حقوق الإنسان وسيادة العراق وفي حربها الاستعمارية علي بلاد الرافدين.. فماذا تعني التقاليد الدبلوماسية الي جانب ذلك كله؟! ولذلك .. فان الغضب لا يتجه الي قوات الاحتلال الأمريكية وذيلها العراقي، وإنما يتجه الي الدبلوماسية المصرية التي بدلا من أن تساند المقاومة الوطنية العراقية الباسلة، والمشروعة، هرولت إلي إلقاء طوق نجاة للاحتلال الأمريكي الذي غرق في مستنقع العراق وكبد الولاياتالمتحدة حتي الآن أكثر من 500 مليار دولار وأكثر من 3500 قتيل و50 ألف جريح (مع الرأفة وتصديق الأرقام والبيانات الأمريكية الكاذبة)، الأمر الذي آثار سخط الرأي العام الأمريكي نفسه، كما جعل الأغلبية الديموقراطية في الكونجرس تطالب إدارة بوش بجدول زمني محدد للانسحاب من العراق. هذا يحدث في أمريكا ذاتها .. فنأتي نحن العرب لنكون أمريكيين أكثر من الأمريكيين ونحاول أن نجد وسيلة لإنقاذ إدارة بوش من ورطتها بدلا من ان نساعد المقاومة العراقية علي تعميق هذه الأزمة وقصم ظهر الاحتلال وزيادة عزلة عملائه"!! وإذا تركنا الأمريكان جانبا.. فما هي الحكمة من محاولة القاء طوق نجاة لحكومة عراقية لم تكن لتجلس في مكانها دون إرادة الاحتلال الأمريكي، فضلا عن أن ممارساتها منذ توليها السلطة أثبتت أنها طائفية فوق أنها عميلة، وأنها مسئولة عن تأجيج الحرب الأهلية واستباحة دماء السنة العراقيين.. وأنها رغم وحشيتها - وربما بسبب ذلك - محكوم عليها بأن تذهب الي المكان الذي تستحقه في سلة مهملات التاريخ.. فما الحكمة من قيام الدبلوماسية المصرية، والعربية، بهذه "المبادرة" المحكوم عليها بالفشل؟ وما هو رأيها في رد القوات الأمريكية والعراقية علي "تحيتها" باجتياح القنصلية المصرية اليوم.. وقتل السفير المصري ايهاب الشريف بالأمس؟! أفيدونا أفادكم الله [email protected]