[email protected] يلاحظ المتابع لما يحدث حاليا في سوق مواد البناء أن هناك توجها عاما من العاملين في هذا المجال لتحميل التكنولوجيا الجديدة مسئولية الارتفاع الحالي وغير المبرر في أسعار جميع مواد البناء وبصفة خاصة الاسمنت مؤكدين أن سعي الشركات العاملة في هذا المجال لتطوير قدراتها التنافسية من خلال الحصول علي أحدث التقنيات هو ما يتسبب في زيادة التكلفة الإجمالية هذا ناهيك عن اضطرار هذه الشركات لتصدير جزء من إنتاجها لتوفير العملة الأجنبية الدولار التي تحتاج إليها لتمويل احتياجاتها علاوة علي زيادة الطلب الموسمي علي مواد البناء خلال فترة الصيف. وللوهلة الأولي تبدو هذه التبريرات غير منطقية فالمعروف أن استخدام التكنولوجيا في أي صناعة يهدف في المقام الأول إلي تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية بما ينعكس ايجابيا في صورة زيادة الإنتاج وليس انخفاضه كما هو الوضع الحالي حيث يؤكد الخبراء أن هناك تعمدا من جانب الشركات المنتجة للاسمنت لتخفيض إنتاجها في الوقت الحالي وفي ذروة الطلب المحلي هذا ناهيك عن ثبات سعر الصرف للدولار وتوافره أمام الراغبين ومن ثمة فمن غير المقبول استمرار مسلسل التواطؤ الذي تلعبه بعض شركات الاسمنت في الوقت الحالي دون اي مراعاة لمصلحة المستهلك النهائي الذي يجد نفسه مضطرا للرضوخ لهذه الممارسات غير الأخلاقية خاصة في ظل غياب تام لدور رقابي أو حكومي فعال علي ما يحدث في سوق البناء وكأن الأمر لا يعنينا أو يحدث في دولة أخري. نتصور أن التكنولوجيا من الممكن أن تقوم بدور ايجابي في عودة الانضباط إلي سوق الحديد والاسمنت المحلي وذلك من خلال قيام وزارة الإسكان بالتعاون مع وزارة التجارة بإنشاء جهاز لتنظيم والإشراف علي صناعة الحديد والاسمنت ووضع آليات للمنافسة الشريفة بما يؤدي إلي حماية الاستثمارات الحالية والمستقبلية في هذه الصناعة ومنع بعض الممارسات غير التجارية أو القانونية بجانب العمل علي حماية حقوق المستخدمين حيث يعتمد هذا الجهاز في عمله علي بناء قواعد بيانات عن جميع الشركات العاملة في مجال صناعة الاسمنت الحالية ووضع رؤية مستقبلية لتطوير هذه الصناعة والفرص المتاحة علي ضوء الطلب المحلي المتوقع والطلب العالمي. كذلك نتصور أن أهم دور لهذا الجهاز هو وضع المعايير والمواصفات القياسية لتصنيع الاسمنت حيث يشير الواقع الحالي إلي أن هناك تفاوتا كبيرا في أسعار الاسمنت بين الشركات المنتجة يصل إلي نحو 50 - 60 جنيها للطن وذلك بناء علي ما يشير إليه المشرفون علي عمليات البناء من استشاريين ومهندسين من تفاوت في مستوي جودة الاسمنت بين شركة وأخري فهل هذا يعاني أن هناك شركات تتهاون في حماية أرواح المستخدمين من خلال عدم التزامها بالمواصفات القياسية للاسمنت أم ماذا؟! في النهاية نطالب الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بتكرار تجربته الناجحة عندما كان وزيرا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إنشاء جهاز لتنظيم صناعة الحديد والاسمنت علي غرار جهاز تنظيم الاتصالات.