مازالت التساؤلات مستمرة في مرحلة ما بعد التعديلات الدستورية حيث كانت المادة 179 الخاصة بمكافحة الإرهاب - ومازالت - الأكثر جدلا. وبعد أن تم إقرارها وأصبحت واقعا دستوريا أصبحت كل الأنظار تتجه حاليا إلي القانون التفصيلي الذي سيترجم هذه المادة إلي مشروع القانون المنتظر الذي سيترجم هذه المادة إلي نصوص قانونية سيتم إخضاع المواطنين لها وفي هذا الإطار ناقشت "الاسبوعي" مع عدد من الخبراء رؤاهم حول القانون الذي سيولد من رحم هذه المادة حيث أكدوا ضرورة أن يكون قانونا منضبطا لا يحتمل التأويل.. ويفعل رقابة القضاء السابقة واللاحقة.. ويؤكد علي ضرورة محاكمة المتهمين أمام القضاء الطبيعي.. ولا يسمح بالتجسس علي أي مواطن ومراقبة حياته الخاصة تحت دعوي الاشتباه بأن له علاقة بالإرهاب. ولفت الخبراء إلي ضرورة تفعيل المادة 57 من الدستور والإشارة إليها في قانون مكافحة الإرهاب المنتظر صدوره.. والتي تنص علي "أن كل اعتداء علي الحرية الشخصية أوحرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكلفها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوي الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء". كما أوضحوا أيضا إلي أنه لا يجب أن يعطل قانون مكافحة الإرهاب الجديد نص المادة 168 من الدستور التي تنص علي أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي.. ويحظر النص في القانون علي تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. "حقائق مهمة" ويشدد كل من د. حسن المنازع وحسن عبدالله الخبيران في الشئون القانونية والدستورية وعبدالبديع صالح المحامي بالدستورية العليا ود. محمد الجندي الخبير في الشئون القانونية علي مجموعة من الحقائق والأمور المهمة ومنها:- يجب وضع تعريف جامع مانع للارهاب.. لا توجد به عبارات مطاطة يمكن تفسيرها بأشكال مختلفة مثل عبارات: "الاخلال بالنظام العام" و"تعريض سلامة المجتمع للخطر" و"إلقاء الرعب بين الأشخاص.. وتهديد حريات المواطنين وأمنهم للخطر" و "تعطيل تطبيق الدستور أوالقوانين أو اللوائح" فكل هذه عبارات مطاطة تقبل مختلف ألوان التفسيرات ولا يجب أن يشتمل عليها القانون. القضاء الطبيعي يجب محاكمة المتهمين في الجرائم الارهابية - التي يجب أن تحدد علي نحو منضبط لا يحتمل أي تأويل - أمام القاضي الطبيعي.. كما يجب الحرص علي التطبيق الكامل للأحكام القضائية.. لأن المحكمة يمكن أن تقرر إخلاء سبيل المتهمين وبموجب قانون مكافحة الإرهاب يمكن أن يعتقلوا مرة أخري مثلما يحدث حاليا بموجب قانون الطوارئ! القانون الجديد المنتظر يجب الا يكون طاردا للاستثمار المحلي أو الأجنبي كما يجب أن يفعل الشئ الوحيد الإيجابي الموجود بالمادة 179 وهو: النص علي "أن إجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة أخطار الارهاب يجب أن تتم تحت رقابة القضاء وهنا لم يحدد الدستور شكل الرقابة القضائية.. هل هي سابقة أم لاحقة.. وبالتالي يمكن للقانون المنتظر أن ينص علي ضرورة أخذ إذن النيابة في جرائم الإرهاب.. إذا لم تكن هناك حالة استعجال أو إذا لم تكن هناك ضرورة ملحة. الخصوم السياسيون قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي سيوضع بموجب المادة "الكارثة" 179 لا يجب أن يوجه ضد الخصوم السياسيين وضد المعارضين للحكومة من أي تيار سياسي أو حزبي موجود علي الساحة.. ولا يجب أن يستخدم أيضا ضد كل من يعترض أو يبدي رأيا مخالفا لإدارة السلطة التنفيذية. كما يجب أن ينظم القانون الجديد المنتظر ويفعل بكل الطرق والوسائل مسألة الرقابة القضائية اللاحقة بعد الضبط بحيث لا يتم تعطيل المواد ،41 ،44 ،45 من الدستور التي تنص علي حماية الحرية الشخصية وحرمة المساكن والاتصالات. القانون الجديد يجب أن ينص علي أن مرحلتي الاستدلال والتحقيق، هي التي يجب أن تخضع للإجراءات الاستثنائية المنضبطة برقابة القضاء الصارمة.. أما مرحلة المحاكمة فيجب أن تخضع بالكامل للقضاء الطبيعي. يجب الأخذ بعين الاعتبار بتوصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان والذي أكد فيها د. بطرس غالي علي ضرورة حماية الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثالث من الدستور وأن تتم محاكمة المتهمين أمام القضاء الطبيعي. وأن يتم الحرص علي التطبيق الكامل للأحكام القضائية. لا يجب أن يحول القانون الجديد الاجراءات الاستثنائية المستخدمة في قانون الطوارئ الحالي إلي إجراءات دائمة ومحصنة دستوريا باسم قانون الارهاب.. وإلي جانب ذلك يجب إنشاء جهة قضائية تكون مهمتها الأساسية تحديد طبيعة الجريمة.. وهل تدخل في إطار الجريمة الإرهابية أم الجريمة العادية.. أيضا يجب أن يمنع القانون الجديد أي تجاوزات للشرطة.. ويمنع اعتقال المفرج عنهم بأحكام قضائية.. كما يجب أن ينص في القانون الجديد علي أن عدم أخذ إذن النيابة أو إذن القاضي المختص يجب أن يرتبط بحالة الاستعجال وحالة الضرورة، بحيث إذا لم يتوافر هذان الشرطيان يبطل الاجراء ولا يؤخذ به. لا يجوز للقانون الجديد أن يسمح لأي مخبر في جهاز الأمن بالتجسس علي أي مواطن ومراقبة حياته الخاصة تحت دعوي الاشتباه بأن له علاقة بالإرهاب.. كما يجب الا يلغي عمليا بابان مهمان في الدستور هما باب الحقوق والحريات العامة وباب استغلال السلطة القضائية.