النظرة الفاحصة لتعاملات المستثمرين في البورصة وبالذات الصغار منهم، تؤكد تغيرا في سلوكهم بعد صدمة فبراير 2006 والتراجع الحاد الذي حدث في الأسعار. وهذا التغير في السلوك يتركز علي عدة نقاط أولاها التحرك في دورات سعرية قصيرة، فما يلبث السوق أن يصعد لعدة أيام حتي يعقب الصعود عمليات جني للأرباح تعود بالأسعار غالبا إلي نقطتها الأولي، وهذا السلوك سببه الرئيسي الخوف من حدوث عمليات تراجع وتكرار تجربة فبراير ،2006 رغم أنها لن تتكرر في الأجل القريب أو المتوسط، وربما مع زيادة تطور ونمو السوق قد يكون من الصعب أن تحدث مثل هذه التذبذبات الحادة، ولكن أصبح المستثمرون يفضلون سياسةإخبط وإجري، ولم يعد هناك توزيع للمحفظة الإستثمارية بين الإحتفاط والمضاربة، فهناك أسهم جيدة وتصلح للإحتفاظ لفترة طويلة بدون مخاطر كبيرة. أما النقطة الثانية فهي إتجاه أغلب صغار المستثمرين نحو الأسهم عالية المخاطر التي يتسع مدي تحركها السعري وتذبدبها، وأغلبها لشركات صغيرة، وأصبح أغلب المستثمرين ينتظرون شائعة أو خبراً عن تجزئة أو أسهم مجانية ولذلك رأينا سهما مثل المنتجعات السياحية المصرية يصل مضاعف الربحية له بناء علي سعر إقفال الخميس الماضي وأرباح العام الماضي إلي أكثر من 100 مرة!! ولنا أن نتصور ذلك فما هي الأسباب التي تدفع المستثمرين للإندفاع وراء هذا السهم، بينما هناك شركات أخري مثل أوراسكوم تليكوم مثلا أو أوراسكوم للإنشاء والصناعة والمجموعة المالية هيرميس علي سبيل المثال لا الحصر مضاعف ربحيتها أقل من 20 مرة. وهناك مثال آخر صارخ وهي الصعيد العامة للمقاولات لمضاعف ربحية 52.3 مرة، والسبب الأسهم المجانية والتجزئة. وقد تكون هناك مبررات لمضاعفات ربحية عالية في أسهم شركات النمو التي تتوسع بشدة، وعادة لا توزع كوبونات أرباح إلا أن معدلات نموها تتجاوز متوسط السوق بشدة، والمضاعفات المرتفعة لها قد تبرر بأنها مستقبلا قد تحقق طفرات في أرباحها كحصيلة لهذا النمو، ولكن هل هناك مبررات لوصول مضاعفات ربحية للرقم 100 أو 52 بينما متوسط السوق كله حوالي 15 مرة؟! والنقطة الثالثة: أصبح الإعتماد الكامل في قرارات الشراء والبيع علي الشائعات بدون وجود إستراتيجية واضحة للإستثمار في البورصة وتوزيع الإستثمارات، وبدون أسس مالية تدعم إتخاذ القرارات الإستثمارية. إن صغار المستثمرين يجب أن يعوا أن الشراء العشوائي المعتمد علي المضاربات والشائعات فقط هو إستثمار عالي المخاطر لا يناسب حجم إستثماراتهم وما يمتلكونه من فوائض وقد يؤدي لتحقيق أرباح، ولكن أيضا إذا حدث هبوط فإنه سيأكل جانبا كبيرا من المحفظة. ولذلك فإن الشراء الانتقائي القائم علي أسس حقيقية بالنسبة للشركات المشتراة، هو الأفضل ويجب التدقيق في المؤشرات المالية للشركة مثل معدلات الربحية، ومدي عدالة التسعير، ومعدلات نمو أعمال وأرباح الشركة سنويا، وهل يستمر هذا النمو أم يتباطأ، وحسن إدارة الشركة والشفافية والإفصاح، وهذه المؤشرات تصب في صالح الشركات القوية في قطاعات البنوك والأسمنت والبتروكيماويات والإسكان والخدمات المالية وبعض شركات النسيج، وفي النهاية الشراء الإنتقائي القائم علي أسس مالية حقيقية سوف يحول طبيعة الإستثمار من الدورات السريعة إلي الإحتفاط في بعض الأسهم وليس كلها بالطبع وسوف يقلل من المخاطر بالنسبة لأغلب صغار المستثمرين، نصيحه بالشراء الإنتقائي والبعد عن الأسعار المبالغ فيها. [email protected]