بين الحين والحين يظهر في الصحف المعارضة أو المستقلة عنواناً بالبنط الأحمر وداخل برواز وعلي الشمال دائما صفحة أولي أو صفحة أخيرة. والعنوان هو: استغاثة إلي السيد رئيس الجمهورية ولا يخفي علي أحد أنه "إعلان" مدفوع الأجر وثمنه كبير والقادرون "جدا" هم الذين يدفعون ثمن الاستغاثة ولا أعرف ما إذا كان قسم الاعلانات بالصحيفة يعرض "الاستغاثة" علي رئيس التحرير أم لا ذلك أن معلوماتي كرئيس تحرير لمطبوعة صباح الخير علي مدي سنوات أكدت لي عدم اقحام السيد رئيس الجمهورية في قضايا داخلية بحتة وللدقة أكثر مصالح افراد ليس إلا وهذه الاستغاثات "تستفز" رجل الشارع في الواقع لأن صوته يضيع في الزحام ماذا لجأ للصحف قد لا تنشر صرخته وفي الوقت نفسه يستكلف رجل الشارع أن يدفع فلوساً لجرنال ينشر شكواه كإعلان ولوكان مع رجل الشارع هذا المبلغ الذي يدفعه لجريدة لنشر صرخته في نداء لرئيس الجمهورية لكان أسعد الناس وأكثرهم حظا لكن تظل الاستغاثة برئيس الجمهورية هي الحل ربما لأن الرئيس إذا أمر بفتح ملف الشاكي المستغيث تحركت الأجهزة علي الفور. وهذا الأمر يثير أكثر من علامة تعجب! 1- هذا الشاكي المستغيث "لجأ" إلي أسلوب الاستغاثة المدفوعة الأجر ليحرك المياه الراكدة في الأجهزة الحكومية المعنية. 2- إنني اتعجب من وجود حكومة تطلق علي نفسها حكومة ذكية يعيش رئيس مجلس وزرائها في قرية ذكية ولا تملك أن تستوعب الصرخات والاستغاثات هل حكومة نظيف مقيدة و"مغلولة اليد" حتي يأمر رئيس الدولة بفتح الملف. 3- الاستغاثة معناها الدارج أن إنسانا يطلب (help) أي مساعدة بعد أن طرق كل الأبواب وعرض قضيته فوق الترابيزة وتحت الترابيزة وفشل في الوصول للحل..! ودق علي باب الحزب الوطني ولم يفتح أحد وسمع صوتا: مين؟! 4- وفي البلد محافظون وكل محافظ هو مجازا رئيس جمهورية المحافظة ولكن يبدو أن للمحافظين "سقفاً" لا ينبغي أن يتعدوه وهي مسألة تستوجب التأمل فكيف يكون في مصر (حكم محلي) غير قادر علي استيعاب قضايا المواطنين ومشاكلهم علما بأن ألف باء السياسة هي (الحياة اليومية للناس) والحكم المحلي ولد منذ البداية لكي يكون في خدمة الناس وأن يكون باب المحافظة مفتتوح ولو مرة واحدة كل أسبوع وفي يوم محدد ملحوظة: وامانات الحزب أيضا. 5- لا أعلم علي وجه التحديد هل حركت الاستغاثات المدفوعة الأجر المياه الراكدة في الأجهزة أم ظل الحال علي ما هو عليه؟! فليس من المعقول أن تتحرك "ابوة" رئيس كل المصريين لمجرد استغاثة قادر بينما قضايا وصرخات أغلب البسطاء إما "مدفونة" في قلوبهم أو "منشورة" في أبواب الشكاوي في الصحف. 6- يلجأ أحيانا أصحاب الاستغاثات إلي الشاشات الخاصة بهدف اثارة قضيتهم علنا وطلب مداخلات اطراف الشكوي من المسئولين!! وثقافة الصوت العالي. 7- من الطبيعي أن أقول إن هذه (الاستغاثات لرئيس الجمهورية) تتناقض تماما مع مبدأ (المواطنة) الذي تحاول تفعيله التعديلات الدستورية الجديدة فرئيس الجمهورية يعطي اذنه واهتمامه لكل (مواطن) مصري يشرب من ماء نيل مصر ويستظل بسمائها.. وقد قلت ما في قلب محافظا علي حساسية الاشخاص المعنيين.