المخرج السوري نجدت أنزور الذي تخصص في الهجوم علي الفن المصري، والذي لا يترك مناسبة دون أن يردد ويؤكد أن الدراما المصرية قد انتهت وأن الدراما السورية تتفوق عليها حاليا.. هذا المخرج خرج عن النص وترك مصر هذه المرة ليشن هجوما علي السعودية التي قال إنها تفرض حصارا سعوديا علي الدراما السورية..! أما كيف يحدث ذلك ولماذا؟ فإن أنزور يقول إن الشركة السعودية الإعلانية التي تسيطر كما يقول علي توزيع الإعلانات في العالم العربي تشترط علي الأعمال السورية أن يتم خلطها بعناصر مصرية، وخلط الدراما المصرية بعناصر سورية حتي تفقد الدراما السورية هويتها وخصوصيتها وتصبح دراما همجية..! ويذهب المخرج السوري أبعد من ذلك فيقول إن ما يحدث هو جزء من الحصار السياسي علي سوريا، فانتشار الدراما السورية في كل بيت عربي، وعلي كل الشاشات فيه عنصر سياسي ومع نجاح هذه الدراما، وتدهور شعبية الدراما المصرية، تم اتخاذ هذا القرار..! ونسي نجدت أنزور بالطبع أن يقول إنها مؤامرة امبريالية صهيونية أمريكية إسرائيلية بالاشتراك مع السعودية ومصر لتحطيم النفوذ السياسي الكبير والعظيم لسوريا في المنطقة من خلال دراما المسلسلات التليفزيونية السورية التي لو انتشرت كما يعتقد أنزور فإن سوريا ستصبح قوة عظمي في المنطقة وستصبح دمشق عاصمة العرب وتقود الأمة العربية كلها..! وحقيقة لا نعرف كيف يفكر هذا المختال الذي اعتاد مهاجمة العمالقة والكبار بجهل وعنجهية وحماقة لدرجة أنه تطاول ذات مرة علي سيدة الغناء العربي أم كلثوم حين قال عنها "من هي أم كلثوم حتي ينتج مسلسل باسمها"..! ولن ندخل علي أية حال في جدال مع أنزور يمتد أو يفسر علي أنه انتقاد أو تعريض بالأشقاء في سوريا، فنحن نعلم عن يقين أنه معزول ومنبوذ في الوسط الفني السوري لسابق اتهامه لزملائه من المخرجين السوريين بتهم شتي ومن بينها العمالة ومساومة الفنانات السوريات للحصول علي دور في أعمالهم..! ولن يدفعنا هذا إلي المطالبة بعدم اشراك الفنانين السوريين في أعمال فنية مصرية لأننا نؤمن أن الفن لا وطن له أو جنسية وأن الفنان السوري حين يأتي إلي هوليوود الشرق في القاهرة إنما هو يأتي إلي بلاده ليشارك مع اخوانه من الفنانين المصريين في أعمال فنية هي أولا وأخيرا لصالح الفن العربي ومن أجل المشاهد العربي. والقاهرة حين تستقبل فنانا سوريا أو لبنانيا أو كويتيا فإن ذلك لا يأتي من منطلق نقص الكفاءات المصرية القادرة علي أداء الأدوار التي يقومون بها وإنما من منطلق قناعات الكبار بأن عليهم احتضان الجميع والترفع فوق الصغائر ودفع كل المواهب نحو النجاح والتألق بثقة في النفس وبيقين من أن ذلك لن يقلل من المكانة الفنية لمصر ولا قيمة فنانيها. ولا نعلم من هي الشركة السعودية التي تستطيع أن تفرض فنانا سوريا علي الأعمال الدرامية المصرية أو فنانا مصريا علي الأعمال الدرامية السورية فهو أمر الإدعاء به مثير للسخرية حقا خاصة أنه يأتي من مخرج هو أكثر شخص أنتجت له الشركات السعودية والخليجية وكان البعض علي عكس ما يدعي أنزور يقول إن هذه الشركات تدعم الإنتاج السوري لسحب البساط من الهيمنة الفنية المصرية..! والقضية علي أية حال يجب ألا تأخذ أبعادا أكبر من حجمها فهي قضية مخرج يشعر بالإحباط لأن أعماله الفنية الأخيرة لم يكتب لها النجاح فهي تكرار ممل لكثير من أعماله السابقة لذلك فقد فقد صوابه وقرر أن يفتح النار علي السعودية ليدخل في معركة إعلامية جديدة قد تساعده في ترويج مسلسله الجديد خاصة أن معاركه السابقة مع الدراما المصرية ورموزها لم تجد صدي كبيرا لأن أحدا لم ينظر إلي هذه المعركة بجدية حيث انها معركة غير متكافئة بين مخرج لا يجيد إلا "البروباجندا" ومدرسة فنية عريقة قادرة تنظر إلي ما يقوله باستخفاف واستهزاء أيضاً..! غير أن تصريحات أنزور وغيره ممن هم علي شاكلته من أنصاف الفنانين والموهوبين إنما تعكس ما يدور في نفوس البعض من الذين يحاولون بكل الأشكال التقليل من حجم وعطاء مصر في جميع المجالات، والإيحاء بأن دورها الثقافي والفني لم يعد كما كان في الماضي، منتهزين في ذلك بعض الإنتاج الفني المصري الذي لم يكن في المستوي المطلوب في بعض الأعمال. وهو أمر يدعونا إلي أن نعيد التأكيد علي أهمية وضرورة مراعاة قيمة مصر ومكانتها في الأعمال الفنية السسينمائية والدرامية لأن هذا الإنتاج الفني لا يجب أن يكون ربحيا فقط بقدر ما هو رسالة ذات أبعاد متشابكة ومهمة لها تأثيرها علي المكانة المصرية والانطباع العام عن هذا البلد وشعبه. ويكفي في النهاية أن نقول إن كلام نجدت أنزور عن المؤامرة السعودية عن تراجع الدراما المصرية لا يزيد علي كونه كلاما سخيفا يعكس فشلا وجهلا ويروي قصة مخرج فقد عقله..! [email protected]