محمود التهامى منذ بعض الوقت تعلن السلطات العراقية خطة أمنية جديدة لحماية بغداد والمنطقة المحيطة بها التي تشبعت بالدماء الغزيرة الناجمة عن سقوط مئات القتلي والجرحي في عمليات قتل همجية لا تميز بين مدني وعسكري، صغير او كبير، رجل أو امرأة. أصبح مألوفا ان نسمع في الاخبار عن انفجار المفخخين سواء كانوا اشخاصا احياء يحملون المتفجرات او سيارات ملغمة يقودها انتحاريون وتنفجر ادوات الموت في ضحايا ابرياء، كل جريمتهم انهم تواجدوا في المكان الخطأ والزمان الخطأ. الخطة الامنية الجديدة بدأ تطبيقها منذ يومين وينفذها آلاف الجنود من العراقيين والامريكيين ومع ذلك مازالت السيارات المفخخة تنفجر وقتل الابرياء مستمرا والمسلحون يتجولون في كل مكان. ويبدو ان السلطات العراقية الان بتركيبتها الطائفية غير قادرة علي مواجهة متطلبات اي خطة امنية، وليس لديها الادوات الضرورية لحل تلك المسألة الامنية نظرا لميلها نحو طائفة وعدم قدرتها علي عدم التمييز بين العراقيين بسبب انتمائهم الطائفي سواء كانوا من الشيعة او السنة. وبعد مرور الوقت الطويل من الاحتلال والحكم الطائفي للعراق لابد ان يتساءل اي مراقب للموقف لماذا لا يتوقف العنف، ولماذا تفشل الخطط الامنية المتتالية في محاصرة المسلحين. والاجابة لا يمكن ان تخرج عن عدم جدية الحكومة العراقية في مقاومة العنف لانها اساسا تعتمد عليه في بقائها.. واستمرار عملية القتل الجماعي مع الوجود الامني الكثيف يعني ان قوي الامن ذاتها إما انها تمارس اعمال العنف بنفسها وإما تغض الطرف عن الفصائل الموالية لها لتضرب خصومها بقوة تحت ستار العمليات الامنية. وحينما نتحدث عن تصفية العنف لابد ان نتذكر ان المواطنين العراقيين يعاقبون لادلائهم بمعلومات عن اماكن وجود المسلحين بما يعني ان سلطات الامن ذاتها مخترقة ومشاركة في تنفيذ عمليات العنف المستمر لاجبار المجتمع علي الخضوع لسلطان السادة الجدد الذين قدموا مع الاحتلال من الخارج. والمثير في الموضوع ان القوات المحتلة التي اسهمت في اسقاط النظام السابق سلمت السلطة للقوي السياسية المؤيدة لها، وعادت تلك القوي لتتمرد علي سادتها وتنتهج سياسات شوهت تماما السياسة الامريكية وتكاد تقضي علي هيبتها تماما في الشرق الاوسط.