أصدر رئيس مجلس الوزراء مؤخرا قرارا لتنظيم شركات التخصيم ومسمي رأسمال الشركات لتبسيط اجراءات الاستثمار وهو ما جعل الخبراء يؤكدون علي أهمية التعديل في ظل ندرة هذا النشاط في مصر وأعلن بعضهم عن مخاوفه من أن تتعرض شركات التخصيم لحالات افلاس مما يؤدي الي فقدان الثقة في السوق كما ان هناك من يري أن شراء الديون والذي سوف يتم بالطبع بأقل من قيمتها هو نوع من الاستغلال لحالات المديونية سواء كانت قصيرة الأجل أو طويلة الأجل غير ان الخبراء يؤكدون ان التجربة العملية في ممارسة النشاط ستكون هي الفيصل في الحكم عليه ومدي ملاءمته لطبيعة المواطن المصري والقدرة المالية للشركات والممول أو المدين الذي سوف يلجأ للشركات لبيع ديونه أو الدائن الذي يلجأ اليه لشراء ديونه. وفيما يلي نستعرض أهم الآراء حول تقييم هذا النشاط ومدي ملاءمة هذا التعديل للسوق. بداية يري الدكتور محمد الصهرجتي خبير أسواق المال ان نشاط التخصييم هو نشاط مطبق عالميا لتوفير السيولة عن طريق المؤسسات التي تقوم بخصم الاوراق التجارية عن طريق سداد قيمتها الحالية قبل ميعاد استحقاقها ويلاحظ ان هذا النشاط يعتبر احدي العمليات التي تؤديها بعض البنوك التجارية في مصربالفعل ولكن لا توجد مؤسسات أو شركات تقوم بهذا الدور بالقدر الكافي ولهذا فإن لتنظيم النشاط من خلال التعديلات الجديدة أثرا كبيرا علي قدرة الشركات والمؤسسات علي الحصول علي التمويل قصير الأجل وخاصة في النشاط الصناعي. قطاع الأعمال العام وعن إمكانية استفادة شركات قطاع الأعمال العام من وجود مثل هذه المؤسسات في اعادة الهيكلة اشار الصهرجتي الي ان شركات قطاع الاعمال العامة مديونياتها معظمها ناتجة عن قروض طويلة الأجل وتسويتها تتم بطريقة خاصة مشيرا الي انها قطعت شوطا كبيرا في تسويتها بالتعاون مع وزارة الاستثمار والمالية وتلقي المساندة الكبيرة من الدولة. وفي الوقت الذي توقعت فيه وزارة الاستثمار ان يكون لتنظيم نشاط التخصيم اثر كبير علي قدرة الشركات والمؤسسات علي الحصول علي التمويل قصير الأجل حيث ان نشاط التخصيم من الانشطة التي تساعد الشركات علي تخصيم الديون قصيرة الاجل وتحويلها الي نقدية مما يساعدها علي سرعة إتمام عملياتها الانتاجية والخدمية فانها تري ان هذا القرار يأتي استكمالا لمنظومة مؤسسات وأدوات التمويل غير المصرفية فإذا كان قانون سوق رأ س المال قد نظم أدوات التمويل المتوسط والطويل الأجل ومؤسساته حيث عني بتنظيم اصدار الاسهم والسندات ونشاط التوريق فان نشاط التخصيم يستكمل منظومة التمويل باعتباره معنيا بالتمويل قصير الأجل. وفي المقابل اعتبر شريف نور المستشار المالي بارمس آند ينج ان مصر إلي الآن لا توجد لديها شركات تعمل في نشاط التخصيم بالمعني الصحيح والمطبق عالميا والذي يعمل علي شراء الديون قصيرة الأجل اضافة الي ضعف نشاط التمويل طويل الاجل عن طريق التوريق وان كانت هناك بعض البنوك التي تقوم بهذا الدور. إحياء الديون وأضاف نور ان نشاط التوريق واصدار السندات في مصر ضعيف مقارنة بالدول الاوروبية والتي تصدر سندا كل لحظة بخلاف السوق المصرية مشيرا الي ان الشركات الاجنبية لا تقبل علي هذا الاستثمار في مصر وتفضل انواعا أخري من الاستثمار. أوضح نور ان من أهم ادوار هذه الشركات القيام بعملية احياء الديون مرة اخري وتقييمها في الوقت الحالي لتشتريها احدي المؤسسات او شركة التخصيم بنفسها وهو الأمر الذي يعطي بدوره الثقة للمستثمرين للدخول في السوق. يذكر ان القانون رقم 95 لسنة 1992 حدد انشطة الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية في المادة 27 ثم أضيف اليه بقرارات وزارية أنشطة جديدة في ضوء ما طرأ علي الاقتصاد القومي من متغيرات ومن بين هذه الانشطة المستحدثة نشاط توريق الحقوق المالية الذي اضيف بالقرار الوزاري رقم 697 لسنة 2001. كذلك فقد تناولت المالدة 11 في القانون رقم 148 لسنة 2001 بشأن التمويل العقاري موضوع التوريق حيث أجازت للممول ان يحيل حقوقه الناشئة عن اتفاق التمويل الي احدي الجهات التي تباشر نشاط التوريق وتلتزم الجهة المحال لها بالوفاء بالحقوق الناشئة عن الاوراق المالية التي تصدرها في تواريخ استحقاقها من حصيلة تلك الحقوق ويضمن الممول الوفاء بالحقوق الناشئة عن الاوراق المالية. صدر قرار رئيس الوزراء الاخير لاستكمال المنظومة التشريعية للتمويل اخيرا وتفعيل نشاط التخصيم وتضمن القرار استبدال نص الفقرة 5 من البند السابع من اللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار بهدف تعريف نشاط التخصيم بشكل واضح باعتباره خدمة مالية غير مصرفية ويقصد بهذه الخدمة قيام شركة التخصيم بشراء الحقوق المالية الحالية والآجلة من بائعي السلع والخدمات وتقديم الخدمات المرتبطة بذلك.. وتتضمن الفقرة الجديدة ان يكون التخصيم مع حق الشركة في الرجوع علي البائع محل الحقوق في حالة عدم سداد المدين الأصلي أو دونه وفقا لما نص عليه عقد التخصيم. ونص قرار رئيس مجلس الوزراء الأخير علي انه يجوز تحديد رأسمال الشركات عند التأسيس بأية عملة حرة قابلة للتحويل وذلك بشرط ايداع رأسمال الشركة في أي من البنوك المسجلة لدي البنك المركزي في حسابات بالنقد الاجنبي ويتم ايضا نشر القوائم المالية للشركات بذات العملة التي تم التأسيس بها ويشمل القرار انه يجوز للشركات طلب تحويل مسمي رأسمالها من الجنيه المصري بأية عملة حرة قابلة للتحويل وفقا لعدة ضوابط. الإفلاس ومن جانبها اعلنت الدكتورة مني المصري استاذة التمويل بجامعة القاهرة عن مخاوفها من ان تتعرض شركات التخصيم لحالات افلاس مما يؤدي الي فقدان الثقة في السوق إلا أنها تري أيضا في حالة نجاحه ما سوف يحققه من اسهام في زيادة السيولة في السوق وتحسين قدرة المستثمرين علي تمويل انتاجهم بعد ان تتحول الحقوق المالية المتمثلة في الديون الي سيولة في أيديهم عن طريق شراء الشركات لها والوفاء بها للدائن. واشارت مني المصري الي حاجة السوق الي مثل هذه الشركات وخاصة العاملة في نشاط التصدير حيث ان شركة التخصيم تقوم بسداد قيمة الصادرات للمصدر مخصومة منها عمولتها علي أن تقوم هي بتحصيل المستحقات من المستورد وتزداد الحاجة الي هذه الشركات عند التعامل مع بلاد مرتفعة المخاطر ومن بين الخدمات التي تقدمها شركات التخصيم ايضا التمويل الأولي للمصدرين للانتاج والبحث عن مستوردين محتملين وذلك بالنسبة لصغار المنتجين والمصدرين. وفي المقابل اعتبر الدكتور عبد الرحمن جاب الله استاذ الاقتصاد بجامعة حلوان ان شراء الديون والذي سوف يتم بالطبع بأقل من قيمتها هو نوع من الاستغلال لحالات المديونية سواء كانت قصيرة الأجل أو طويلة الأجل وإن كان يري أن الفيصل سيكون في ممارسة النشاط ومدي ملاءمته لطبيعة المواطن المصري والشركات وقدرتها المالية والممول أو المدين الذي سوف يلجأ للشركات لبيع ديونه أو دائن يلجأ إليها لشراء ديونه.