بالأرقام، لطفي شحاتة يحسم صدارة الحصر العددي في الزقازيق ب71,214 صوتا    الداخلية تضبط 20 شخصًا على خلفية مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب    نائب وزير الإسكان يبحث التعاون مع شركة كورية متخصصة في تصنيع مكونات محطات تحلية المياه والصرف الصحي    بعد قليل، ظاهرة فلكية ترى بالعين المجردة تزين السماء    محمد منير يشعل تريند جوجل ب«مكاني».. أغنية الوحدة العربية تتوّج ختام كأس العرب 2025    تصدر اسمها مؤشرات البحث.. نورهان شعيب تطمئن جمهورها بعد وعكة صحية مفاجئة في المغرب    أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 ديسمبر في بداية التعاملات    مصطفى بكري: أناشد الرئيس السيسي تخفيف الأعباء عن الغلابة والطبقة المتوسطة.. الأسعار هارية الناس    عبد المنعم سعيد: الإعلان عن اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان هو تفعيل لها    رئيس إدارة المديريات الزراعية: صرف الأسمدة سيضم 6 محافظات بموسم الصيف المقبل    «مطروح للنقاش».. إعادة هيكلة الجيش الأمريكي وتغييرات البث الرقمي    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    واشنطن تفرض عقوبات على سفن وشركات شحن مرتبطة بإيران    اجتماع رفيع المستوى في ميامي.. ويتكوف يلتقي الوسطاء لبحث ملف غزة    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    الحصر العددي للدقهلية: تقدم عبدالسلام وأبو وردة والجندي ومأمون وشرعان    اللجنة العامة ببنها تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    الحصر العددي الأول بلجنة طنطا رقم 1، نتائج فرز أصوات اللجان الفرعية    انفجارات في أوريول.. أوكرانيا تستهدف محطة كهرباء روسية    بعد جدل أمني، تيك توك تبيع أصولها في أمريكا    بالأرقام، الحصر العددي للدائرة الثامنة بميت غمر    بناء القدرات في تحليل وتصميم نماذج العواصف الرملية والترابية بالشرق الأوسط    فوز «حسن عمار» في جولة الإعادة بالدائرة الأولى ب انتخابات مجلس النواب ببورسعيد    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    سفير مصر في المغرب يكشف تفاصيل معسكر منتخب مصر قبل كأس الأمم    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    أمم إفريقيا - منتخب مصر يخوض مرانه الأول في المغرب    بالأرقام، الحصر العددي لجولة الإعادة بالدائرة الأولى بالمنصورة    تركي آل الشيخ ينفي مشاركة موسم الرياض في إنتاج فيلم «الست»    وكيل فرجاني ساسي يصدم الزمالك: سداد المستحقات أو استمرار إيقاف القيد    (اشتباكات الإسماعيلية) إهانات بين الكعب الأعلى: جيش أم شرطة؟.. وناشطون: طرفان في المحسوبية سواء    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    «لم يصلوا أبداً».. حكاية 7 أشخاص احترقت بهم السيارة قبل أن تكتمل الرحلة بالفيوم    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    أكسيوس: تيك توك توقع اتفاقية لبيع عملياتها فى أمريكا إلى تحالف استثمارى أمريكى    ترامب يدعو أوكرانيا إلى التحرك سريعا لإنهاء الحرب    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    الزمالك يهنئ بنتايج والشعب المغربى بالتتويج ببطولة كأس العرب    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة إلقاء مادة حارقة على 3 طلاب بالقليوبية    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإييجار القديم.. ينتظر الفرج النائب شمس الدين: ملتزمون بإنهاء الأزمة قبل نهاية دور الانعقاد الحالى
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 04 - 05 - 2025

بين عبق الماضى وضجيج الحاضر، يقف قانون الإيجار القديم شاهدًا على أزمة تجاوزت حدود العقود، عقود إيجار فقدت قيمتها حتى باتت لا تساوى ثمن علبة دواء، إلى ملاك تقطعت بهم السبل وعجزوا عن تأمين مأوى لأبنائهم.
تستمر فصول حكاية قانون الإيجار القديم فى الكشف عن قصص إنسانية معقدة، تتداخل فيها الحقوق الضائعة مع الآمال المحطمة، وتتعالى أصوات الملاك الذين يكابدون مرارة واقع اقتصادى واجتماعى قاس.
ومن قلب هذه المعاناة، تنطلق استغاثاتهم، لتكشف عن تفاصيل الحياة اليومية الصعبة التى تخترق جدار صمت الزمن، مطالبين بإنهاء هذا الخلل التاريخى وإعادة التوازن المفقود بين حقوق المالك والتزامات المستأجر.
وجاء حكم المحكمة الدستورية العليا فى نوفمبر 2024 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية فى قانون الإيجار القديم رقم 136 الصادر فى عام 1981، ليحرك المياه الراكدة، وقد تضمنت تلك المواد ثبات القيم الإيجارية السنوية للأماكن المرخص إقامتها لأغراض سكنية، ودعت المحكمة مجلس النواب إلى تعديلها قبل انتهاء الفصل التشريعى الحالي، بعد أن حددت اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد موعدا لسريان حكمها، « الأخبار» فى هذا التحقيق تعرض المشهد من كافة جوانبه.
اقرأ أيضًا | الرئيس السيسي يؤكد استعداد الحكومة المصرية لدعم خطة التنمية في جمهورية القمر
فى البداية يؤكد مصطفى عبدالرحمن، رئيس ائتلاف ملاك الإيجار القديم، أن أصحاب العقارات القديمة ينتظرون إرسال الحكومة لمشروع التعديلات على القانون لمجلس النواب، تمهيدًا لبدء مناقشتها، بعد تصريح رئيس لجنة الإسكان، الدكتور عطية الفيومي، بأن الحكومة طلبت مهلة لتقديم المشروع.
وأضاف أنه فى حال عدم تقديم الحكومة للمشروع، سيتحرك المجلس لتعديل القانون بشكل مباشر.
وأشار إلى القلق من اللجوء للقضاء فى حال لم تتقدم الحكومة بالمشروع، خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية الذى أعطى مجلس النواب مهلة لإنهاء التعديلات قبل انتهاء دور الانعقاد الحالى، موضحًا أن عدم تصور القانون الجديد قد يؤدى إلى فوضى قانونية فى المحاكم مع زيادة الدعاوى ضد المستأجرين.
وأكد أن ملاك العقارات لا يريدون تعقيد الأمور، وأن العلاقة مع المستأجرين جيدة، ولا توجد أى مشكلة حقيقية سوى ما يتم تداوله عبر السوشيال.
450 ألف وحدة مغلقة
وقال إن عدد الوحدات التى يشملها قانون الإيجار القديم تصل 1.8 مليون وحدة سكنية، بينهم 450 ألف وحدة مغلقة، وأضاف أن هناك دعوى تعويض قيد الانتظار فى محكمة دار القضاء العالى بتاريخ 17 مايو 2025، تطالب الدولة بتعويض الملاك عن فرق الإيجارات، خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية الأخير فى 9 نوفمبر 2024 الذى أكد عدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية.
ظلم مقنن
تحدث عمرو عمار أحد المتضررين من قانون الإيجار القديم، وعضو فى ائتلاف ملاك الإيجار القديم، عن الأزمة التى بلغت ذروتها، واصفًا ما يعيشه الملاك ب»الظلم المقنن»، مؤكدًا نحن لا نبالغ عندما نقول إن 90% من ملاك الإيجار القديم يشعرون أنهم بلا حقوق، وكلمة متضررين لم تعد تعبر عن حجم المأساة.
وتابع عمار: «إحدى السيدات، تبلغ من العمر 72 عامًا، تمتلك عمارة بها 18 شقة، إيجار كل واحدة منها 8 جنيهات فقط، لا تكفى حتى لشراء دواء لزوجها المريض، وهناك شقة مغلقة بها منذ أكثر من 6 سنوات، يؤجرها أحدهم فقط ليضع بها كرسياً للراحة حين يزور المنطقة».
وأشار إلى أن لديه ثلاث عمارات فى شبرا، أقصى إيجار فيها لا يتجاوز 65 جنيهًا، والمستأجرون يساومون الملاك فى ظل قانون «استثنائي» تم فرضه عليهم منذ أكثر من قرن.
وطالب عضو الائتلاف بإقرار فترة انتقالية لا تتجاوز عامًا واحدًا، يتم خلالها العودة للقانون المدنى العادل، مؤكدًا: «لم نطلب إيجارًا ب5000 جنيه، نطالب فقط بعائد بسيط يعيننا على الحياة».
وأردف عمار: «فى أحد الاجتماعات التى جمعت الملاك، تألمت بشدة حتى بكيت، من سيدة عمرها 65 عامًا، زوجها متوفى، تمتلك عمارة فى كورنيش بنها ب22 شقة، لكنها تتلقى مساعدات من جمعيات خيرية لتعيش».
كما استعرض نماذج أخرى من المعاناة، من بينها مالك يجمع القمامة و«الكانز» ليسد رمقه، وآخر اضطر لتأجير شقته الوحيدة ب5 آلاف جنيه وسكن فى غرفة البواب ليستطيع الإنفاق على أسرته.
وأضاف: «مدام آمال، إحدى الملاك، أجرت شقتها وتكدست مع شقيقتيها فى شقة صغيرة حتى تؤجر البقية وتستطيع مواجهة الحياة، مؤكدًا أن لديه شققا إيجارها 5 و6 جنيهات فى قلب وسط البلد، ومعظمها مغلق».
ونوه: «نطالب مجلس النواب بسرعة التحرك بعد حكم المحكمة الدستورية الأخير، فالأمر لم يعد يحتمل، يوم 1 يوليو سيكون فاصلاً، وإذا لم يصدر القانون، سيلجأ الملاك إلى المحاكم للمطالبة بالقيمة السوقية».
وذكر: «نحن التزمنا بالقانون لمدة 102 سنة و11 شهراً، لكن صبرنا أوشك أن ينفد، والكل ينتظر القانون الذى ينصفنا».
صاحبة 3عمارات تتضرر
رغم امتلاكها ثلاث عمارات تضم أكثر من 30 وحدة سكنية ومحال تجارية، تجد السيدة سهير نفسها عاجزة عن توفير شقة لأبنها المقبل على الزواج، وتقول بحسرة: «أنا المالكة، لكنى لا أملك حق التصرف، وأسكن فى بيت إيجار بينما شققى محتلة بعقود مضى على توقيعها أكثر من نصف قرن».
مدام سهير، إحدى ضحايا قوانين الإيجار القديم، تسرد مأساتها التى تمثل نموذجًا لمأساة آلاف الملاك فى مصر، روت معاناتها قائلة: «أغلى شقة من شققى إيجارها 9 جنيهات فقط، يضعهم المستأجر فى المحكمة شهريًا، بينما أبحث لابنى عن شقة بسعر يبدأ من 8 ملايين جنيه، أو أضطر لدفع 15 ألف جنيه إيجارًا شهريًا فى عقار آخر»
وتابعت سهير: «بعض الشقق مغلقة منذ سنوات وسكانها يعيشون فى كمبوندات، ورغم ذلك لا يمكننى استردادها، من يقطنون بها الآن ليسوا المستأجرين الأصليين، بل أحفادهم، والعقود التى تربطهم بنا وقعها أجداد أجدادهم».
قانون عادل
وأضافت سهير نريد قانونًا عادلًا يعيد التوازن بين حقوق المالك والمستأجر: «كيف يعقل أن يكون فى شارع واحد ثلاثة أنواع من الإيجار: قديم، واعتباري، وجديد؟، نحتاج إلى قانون موحد واضح ينهى هذا العبث».
وطالبت سهير بمرحلة انتقالية لمدة ثلاث سنوات يتم خلالها رفع القيمة الإيجارية تدريجيًا بنسبة 15% سنويًا، لتصبح ألفى جنيه فى المناطق الشعبية، و4 آلاف فى المتوسطة، و8 آلاف فى المناطق الراقية، مؤكدة أن هذه المبالغ ما زالت أقل بكثير من القيمة السوقية.
حقوق الملاك
فى صرخة استغاثة من قلب الإسكندرية، نقلت جوليا محمد، أدمن رابطة ملاك الإسكندرية، معاناة أصحاب العقارات القديمة الذين يعيشون أوضاعًا مأساوية بسبب استمرار العمل بقوانين الإيجار القديم دون تعديل.
وأكدت جوليا أن شوارع الإسكندرية، خاصة مناطق كرموز والعطارين وبحرى وبعض أجزاء محرم بيه، بالإضافة إلى شارع عبد المنعم ومنطقة المنشية، باتت تشهد انتشارًا واسعًا للعقارات الآيلة للسقوط، ما يشكل «قنبلة موقوتة» تهدد حياة المارة والسكان.
وأضافت: «بيوت تنهار فوق رؤوس قاطنيها، وشرفات تسقط فجأة على المارة، ولدينا بالفعل أسماء لضحايا سقطوا جراء ذلك، وانتقدت جوليا رفض بعض المستأجرين مغادرة هذه العقارات رغم خطورتها الواضحة، مشيرة إلى أن السلطات فى كثير من الأحيان لا تتمكن من إخلاء العقار إلا بعد حدوث الكارثة بالفعل.. واستطردت: «لا نتحدث فقط عن خطر الموت، بل هناك أيضاً إهدار لحقوق الملاك؛ إذ أن العديد من الشقق مغلقة لسنوات طويلة فى شوارع مثل سعد زغلول وأبو قير، بينما يعانى ملاكها للحصول على قوت يومهم».. واستنكرت جوليا قيام بعض المستأجرين بتحويل الشقق السكنية إلى ورش ومصانع صغيرة لصناعة الجلود والشنط والأحذية، فى الوقت الذى يُحرم فيه المالك من الاستفادة الحقيقية بممتلكاته.
توريث دون حق
وأشارت إلى أن بعض المستأجرين يمتلكون أكثر من وحدة سكنية ويستغلون ثغرات الامتداد القانونى قبل الوفاة بعام، ليضمنوا توريث الشقق لأبنائهم دون وجه حق، مضيفة: «أنا كمالكة مش لاقية حقي، بينما هم يعيشون فى رفاهية».
طالبت جوليا بسرعة إصدار تشريعات عاجلة لتحرير العلاقة الإيجارية، مقترحة أن تكون هناك فترة انتقالية لا تزيد على ثلاث سنوات، مؤكدة أن المالك ليس مسئولًا عن توفير سكن لمواطن آخر وأنها مسئولية الدولة، وبذلك يحقق العدالة للطرفين ويحفظ السلام الاجتماعي.
الدولة دعمت الملاك
وفى خضم هذا المشهد المُشتعل، تظهر أيضًا أصوات المستأجرين المتضررين، الذين يخشون أن تطيح التعديلات المنتظرة بحقوقهم المكتسبة.
وفى هذا السياق، عبر شريف الجعار، المحامى بالنقض ومؤسس اتحاد مستأجرى مصر، عن مخاوف آلاف المستأجرين من مصير مجهول قد ينتظرهم، مؤكدًا أن أى تحرك بخصوص الإيجارات القديمة يجب أن يكون وفقًا للدستور والقانون والأحكام الدستورية الصادرة فى هذا الشأن، وليس بناءً على أهواء أو ضغوط من مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الجعار، إن هناك أحكامًا دستورية واضحة تقنن العلاقة بين المستأجرين والمؤجرين، وتحدد واجبات والتزامات كل طرف، مشددًا على أن مصر دولة قانون، ولا يجوز أن يتحول الاعتراض على بعض القوانين إلى فوضى عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو محاولة فرض تغييرات مخالفة للدستور.
مراكز قانونية
وأضاف الجعار: «قانون الإيجارات القديمة قائم منذ أكثر من خمسين عامًا، وأصحابه حصلوا على مراكز قانونية مستقرة، وأى عبث بهذه المراكز قد يؤدى إلى قلقلة استقرار المواطنين، وهو ما يهدد السلام الاجتماعى فى المجتمع بأسره»، مؤكدًا أن السلام الاجتماعى يحتم على الجميع احترام الدستور والقوانين القائمة.
وأوضح أن الحكم الدستورى الأخير الصادر فى نوفمبر الماضى نص على تحريك الأجرة، وليس القفز بها أو المغالاة فيها، مشيرًا إلى أن الحكم ذاته انتقد الغلو والشطط، ودعا إلى تحريك الأجرة بأسلوب متزن يحترم العدالة الاجتماعية ويوازن بين مصالح جميع الأطراف.
وتابع الجعار: «بصفتى رجل قانون، أؤكد أن التعامل مع ملف الإيجارات القديمة يجب أن يتم من خلال الدستور والقانون، والالتزام الكامل بالأحكام القضائية الملزمة لجميع مؤسسات الدولة، فالقانون والدستور هما الضمانة الأولى والأخيرة لاستقرار المجتمعات، ويجب تطبيق الأحكام القضائية دون اعتراض لضمان سلامة المجتمع».
تحريك الأجرة
أشار الجعار إلى أن اتحاد مستأجرى مصر كان قد تقدم فى شهر مايو الماضى بمذكرة تفصيلية إلى مجلس النواب، أكدت على إمكانية تحريك الأجرة وزيادتها بنسب معقولة تقل كثيرًا عما تم فرضه على الأشخاص الاعتباريين وفقًا لقانون رقم 10 لسنة 2022، الذى أقر زيادة الإيجار للأشخاص الاعتباريين بمعدل خمسة أضعاف القيمة الإيجارية الحالية، مع زيادة سنوية بنسبة 15%.
وأشار إلى أن الأشخاص الاعتباريين هم جهات وشركات تمتلك ميزانيات ضخمة، وبالتالى كان من الطبيعى فرض زيادات عليهم، أما الأشخاص الطبيعيون وهم الغالبية من أصحاب الدخل المتوسط، فيجب مراعاة ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية.
الدولة دعمت الملاك
ولفت إلى أن الاتحاد قدم منذ نحو شهر مذكرة تكميلية من ورقة واحدة إلى مجلس النواب، تضمنت أسس الزيادة الجديدة ومعاييرها، مؤكدًا ضرورة الالتزام بعدة معايير هامة أثناء تحريك الإيجار، أبرزها:
أن معظم هذه العقارات كانت معفاة من الضرائب العقارية، وأن إنشاء العقارات القديمة تم بغرض التأجير وليس التمليك، وفق المادة 69 من قانون 49 لسنة 1977.
وأن ملاك هذه العقارات حصلوا على دعم مباشر من الدولة وقت البناء، بما فى ذلك الحصول على مواد البناء كالأسمنت والطوب بأسعار مدعمة تصل إلى نصف الثمن أو ربع الثمن.
وأن هناك مبالغ مالية دفعت تحت مسمى «خلو الرجل» فى هذه العقارات، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار عند تحديد الزيادة.
البرلمان جاهز
من جانبه، أكد النائب السيد شمس الدين، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن البرلمان عازم على إنهاء أزمة قانون الإيجار القديم قبل نهاية دور الانعقاد الحالي، والمقرر انتهاؤه فى الفترة من 1 إلى 15 يوليو المقبل، تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا والتزامًا بالعدالة الاجتماعية.
وأوضح شمس الدين أن قانون الإيجار القديم بصورته الحالية لا يطبق فى أى دولة بالعالم سوى مصر، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مؤتمر «حكاية وطن» بالعاصمة الإدارية، واصفًا القانون بأنه «غير عادل» ويضر بحقوق الملكية.
وكشف النائب أن مجلس النواب كان قد شكل مجموعة عمل تضم وزراء الإسكان والتنمية المحلية والعدل، إلى جانب رؤساء لجان الإسكان والإدارة المحلية والدستورية والتشريعية بمجلسى النواب والشيوخ، وتم إنجاز ثلثى تعديلات القانون قبل صدور حكم المحكمة الدستورية، لكن التطورات العالمية، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، أدت إلى تجميد المناقشات.
ملامح التعديلات
وأشار شمس الدين إلى أن لجنتى الإسكان والإدارة المحلية اتفقتا على منح الحكومة مهلة حتى منتصف مايو لتقديم مشروع القانون، وفى حال تأخرت، يحق ل60 نائبًا (عُشر أعضاء المجلس) التقدم بمقترح قانون متكامل، وهو ما تم التوافق عليه بالفعل.
وحول ملامح القانون المنتظر، أوضح أن التوجه العام يميل إلى رفع القيمة الإيجارية لتوازى نصف القيمة السوقية للإيجارات الجديدة فى كل منطقة، على أن تكون الزيادة تدريجية خلال فترة انتقالية تتراوح من 3 إلى 5 سنوات.
وضرب مثالًا فى شارع نبوى المهندس بكفر الشيخ، حيث يبلغ الإيجار السوقى 6 آلاف جنيه، قد يبدأ تطبيق القانون الجديد بإيجار 3 آلاف جنيه ويصل للقيمة الكاملة خلال 3 سنوات.
صندوق لدعم غير القادرين
وأكد شمس الدين أن هناك اقتراحًا بإنشاء صندوق لدعم المستأجرين غير القادرين على سداد الإيجار الجديد، سواء من خلال تقديم مساعدات مباشرة أو توفير وحدات بديلة ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي، لضمان عدم تضرر أى أسرة فقيرة.
واختتم النائب بتأكيد التزام مجلس النواب الكامل بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية، مشيرًا إلى أن غالبية شاغلى الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم هم من الأحفاد والأبناء، وليسوا المستأجرين الأصليين، مما يعزز الحاجة لتقنين الأوضاع بما يحقق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر.
فجوة هائلة فى السوق العقارى
أكد الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن قانون الإيجار القديم يعد من أكثر القوانين تعقيدًا فى السوق العقارى المصري، موضحًا أن هذا القانون يطبق على جميع الوحدات السكنية والعقارات التى تم إنشاؤها قبل عام 1981.
وأوضح أن هذه العقارات تخضع لقواعد الإيجار القديم، التى تختلف عن القواعد التى جاء بها قانون الإيجار الجديد الصادر عام 1996، وأشار الشافعى إلى أن قانون الإيجار الجديد نظم العلاقة بين المالك والمستأجر بفترات زمنية وقيم إيجارية عادلة تتناسب مع أسعار السوق، بينما الإيجار القديم ظل دون تعديل لسنوات طويلة، مما خلق فجوة كبيرة بين القيمة السوقية الحقيقية والقيمة الإيجارية الفعلية للوحدات.
وذكر الخبير الاقتصادى أن الإيجار القديم يخص كل المبانى القديمة، والتى تأثرت بشكل أو بآخر مع تطوير العشوائيات وخروج العديد من هذه المناطق إلى بيئة عمرانية جديدة ذات تأثير بيئى ومجتمعى إيجابى على المجتمع المصري.
وشدد الخبير الاقتصادى على أن معالجة ملف الإيجار القديم تتطلب دراسة شاملة، تأخذ فى الاعتبار التأثيرات الإيجابية والسلبية للقانون، مع ضرورة تقييم الحالات الاجتماعية لكل مستأجر وفق درجات القرابة وأولويات الاستحقاق.
وأكد أن من لا تتوافر لديه شروط الاستحقاق يجب منحه مهلة كافية للعثور على سكن بديل، مع التزام الدولة بتوفير مساكن بديلة لضمان عدم حدوث فراغ أو خلل مجتمعي.
وأضاف الشافعى أن المعالجة السليمة لهذا الملف تعتمد على حصر دقيق للوحدات الخاضعة للإيجار القديم، لافتًا إلى أن الدراسات تشير إلى أن نحو 50% من هذه الوحدات إما غير مشغولة أو يشغلها أشخاص غير المستحقين الأصليين، مؤكدًا أن هذه النسبة تمثل فرصة لإعادة ترميم العلاقة بين المالك والمستأجر، وإعادة توزيع الوحدات بشكل عادل.
وأوضح الشافعى أن النصف الآخر من هذه العقارات، التى لا تزال مأهولة بمستأجرين مستحقين، يمكن معالجة أوضاعها من خلال تعديل القيمة الإيجارية تدريجيًا، بما يتماشى مع طبيعة العلاقة، وبما يحقق رضا الطرفين دون الإضرار بأى منهما.. وتحدث الخبير الاقتصادى عن تاريخ تطبيق هذا القانون، مشيرًا إلى أن العقود الإيجارية القديمة كانت عادلة فى وقتها نظرًا لانخفاض تكلفة إنشاء المباني، مما يعنى أن الملاك حصلوا بالفعل على جزء كبير من عائدات البناء عبر الإيجارات.. وأكد الشافعى ضرورة وضع آليات واضحة لفرز الحالات ونحتاج لمعرفة من هم المؤجرون من الدرجة الأولى، ومن هم من الدرجة الثانية والثالثة، بحيث يتم التعامل مع كل حالة وفق أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية.
ودعا إلى تشكيل لجان مشرفة ومتخصصة لحل هذه الإشكالية بهدوء، محذرًا من أى تعامل غير مدروس قد يؤدى إلى توترات اجتماعية وقلاقل تهدد استقرار المجتمع.. وأوضح الخبير الاقتصادى أن مصر تمتلك ما بين مليون إلى خمسة ملايين وحدة سكنية خاضعة للإيجار القديم، مؤكدًا أن معالجة هذا الملف لا بد أن تتم بالشراكة بين الدولة، وصندوق «تحيا مصر»، والمجتمع المدني، لضمان توفير مساكن بديلة للمستحقين وتمكين الملاك من استرداد حقوقهم المشروعة.. وختم الدكتور خالد الشافعى تصريحه بالتأكيد على أن نجاح معالجة أزمة الإيجار القديم سيحقق توازنًا بين العدالة الاجتماعية والاستقرار المجتمعي، ويجنب الاقتصاد المصرى أى آثار سلبية، مضيفًا أن الحل السليم يكمن فى التخطيط الجيد الذى يحمى جميع الأطراف دون المساس بأمن المجتمع أو تماسكه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.