حوار مع النفس! عندما وقع الاختيار علي الشيخ مبارك دعيج الصباح للعمل وكيلا لوزارة الإعلام الكويتية المسئول عن قطاع الاعلام الخارجي شعر البعض بالخوف والقلق من أن تحدث تغييرات لهذا القطاع ذي الأهمية القصوي ويؤثر بالسلب علي الهدف الذي خطط له ورسمه سمو الشيخ صباح الأحمد في بداية الستينيات وكان وزيرا للخارجية ومشرفا علي وزارة الاعلام ولكن الشيخ مبارك أثبت أنه أهل لثقة صاحب السمو الشيخ صباح ونفذ ما كان مطلوبا أن يؤديه قطاع الاعلام الخارجي.. ولذلك رأت الحكومة الكويتية التي يرأسها سمو الشيخ ناصر المحمد أن يتولي الشيخ مبارك رئاسة مجلس إدارة وكالة الأنباء الكويتية نظرا لتشابه وظيفة الوكالة وقطاع الاعلام الخارجي.. وسارت الأمور في طريقها إلي تنفيذ هذه الخطة.. وفجأة.. عين وزير جديد للاعلام وتقدم بمشروع يهدم الفكرة من أساسها.. تم استقال ذلك الوزير تحت ضغوط من مجلس الأمة.. وعاد مشروع توحيد نشاط الوكالة مع قطاع الاعلام الخارجي مرة أخري للنقاش.. وفي سبيله ليري النور قريبا.. ولابد من الاشارة إلي أن الشيخ مبارك يتميز بأنه يملك رؤية ثاقبة.. وعلما واسعا علي دراية عميقة بفنون وعلوم الاتصال مع الرأي العام ثانيا المسئول الأول عن تنفيذ سياسة الاعلام الخارجي لبلاده التي تحتاج دائما إلي اعلام خارجي فعال وفي ظل الظروف الحالية صارت بحاجة أعظم إلي هذا النوع الحديث من فنون الاعلام.. التي قام بتنفيذها الشيخ مبارك. والشيخ مبارك الدعيج الصباح رجل يعمل دون النظر لساعته، ذلك انه ينظر للأمام وللجزء المملوء من الكأس دون ان يتجاهل الجزء الفارغ فيها. يقول خبراء الإعلام ان الاعلام هوالقاطرة الاخيرة في القطار السياسي الذي يحدده البلد، وهو الذي يعكس سياسة البلد مع السماح بحرية الرأي، فالاعلام الكويتي ليس هو من يحدد سياسة الكويت لكنه المرآة التي تعكس التوجهات العامة للدولة في كل المجالات الداخلية منها والخارجي، وهو يعكس النهج الاصلاحي التحديثي في المجال الاقتصادي والتجاري وتفعيل دور القطاع الخاص وتوسيع شبكة العلاقات القائمة بين الكويت ومحيطها الخليجي والعربي والعالمي، وهو الدور الذي اضطلع به الاعلام الخارجي في مواكبة الدبلوماسية الاقتصادية الكويتية التي برزت خلال الجولة التي زار فيها الشيخ صباح أمير البلاد بعض الدول الآسيوية. كان الهدف من التوسع في الاعلام الخارجي الكويتي وتواجده في الدول الشقيقة والصديقة هوممارسة دور اعلامي يشرح وجهة نظر الكويت ازاء ما تعرضت له من ظلم في الغزو العراقي لها، هذا في البداية لكن عمل الاعلام الخارجي ووظيفته تطور بشكل خاص عندما اختير الشيخ مبارك الدعيج الصباح لمنصبه، فتعامل مع التحديات والتطورات التي شهدها العالم بصراحة تامة وموضوعية في الطر حونقد هادف، وعمل علي تعميق الانتماء الوطني والمصداقية في التصدي لقضايا المجتمع ومشكلاته بروح من الصراحة والنقد الهادف ومكافحة الظواهر السلبية. وعندما تولي الشيخ مبارك منصبه عمل علي تحديث الرؤية لوسائل الاعلام لتواكب متطلبات العصر، فخلال جولاته المكوكية ولقاءاته الاعلامية وعلاقاته الواسعة مع الاعلاميين العرب استطاع ان يوجد علاقة مميزة في العمل الاعلامي الكويتي خصوصا الرسمي منه، فكان سفيرا ممتازا للاعلام الكويتي الجديد. ويتميز فهم الشيخ مبارك لوطنية الاعلام الخارجي علي انها ليست في الترويج للخطاب السياسي فقط، بشكل ببغائي وهي النظرة الكلاسيكية لدور الاعلام الخارجي الذي اقتصر لفترة طويلة علي المهرجانات والحضور البروتوكولي خلال الاحتفالية الخارجية الموسمية. ولكن الشيخ مبارك يفهم الاعلام الخارجي بشكل مختلف عما هو سائد، يفهمه بشكل متكامل متواصل ومتداخل فالمرحلة هي مرحلة اقتصاد ونمو التجارة، مرحلة نهوض اقتصادي يتطلب اصلاحا هيكليا واعادة تدوير الاستثمارات والاموال والقوي البشرية وهو الامر الذي يحاول الاعلام الخارجي ان يعكسه عبر اتصالاته بوسائل الاعلام العربية الدولية. وفي عهده صارت المكاتب الاعلامية الكويتية تعمل في الخارج بآلية منظمة تجسد السياسة الكويتية في المجال الاعلامي مع الحرص علي تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وعمل مستمر ولعمل الاعلام الخارجي وهو ما يتماشي مع المراجعة السياسية المطلوبة باستمرارخصوصا الميدان السياسي منها بعد التغيرات السياسية الاقليمية الكبري. لقد كانت الجولات الخارجية التي يقوم بها الشيخ مبارك تعد نوعا من التواصل الذي افتقده الاعلام الكويتي لسنوات بناء علي عدم المبالغة في الحساسيات تجاه ما قيل ويقال في الفضائيات ووسائل الاعلام العربية، فالحوار الاخوي وحده وليس الحملات الاعلامية هو الذي يجب ان يعتمد لحل الخلافات، والعالم العربي بحاجة إلي اعلام من هذا النوع، اعلام تعاون وتقريب الشقيق من شقيقه، والصديق من الصديق، وهو الذي اعتبر ان كل الاعلاميين العرب اصدقاؤه بمن فيهم الذين يخالفونه في الرأي علي أساس منطقي وموضوعي وعلي أساس الاحترام المتبادل. وقد كان الشيخ مبارك يؤكد دوما أن الكويت لم ولن تدفع الأموال كي تغير الحقائق والكويت ليست دولة ترشو الناس بأموالها والدعم الكويتي يأتي في صورة اشتراكات لكل الصحف بلا تمييز.