حسم مجمع البحوث الإسلامية فوضي الفتاوي سواء أكانت مصرفية أو غير مصرفية عندما أعلن في بيان له صدر مؤخرا أن دار الافتاء المصرية هي المرجعية الرسمية المنوط بها اصدار الفتاوي الشرعية المتعلقة بالمعاملات البنكية أو بأي شأن من شئون الحياة.. واحتفظ المجمع لنفسه فقط بحق التعقيب علي الفتاوي الصادرة عن دار الافتاء باعتباره المرجعية العليا وفقا لما نص عليه في قانون تنظيم الأزهر رقم 103 لعام 1961. وكان الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية قد أكد في بيان له أيضا موافقته علي توحيد جهة اصدار الفتوي مطالبا بضرورة إصدار تشريع ينظم ذلك منعا لفوضي فتاوي الفضائيات التي يحرم بعضها معاملات البنوك ويبيح بعضها الآخر هذه المعاملات. وأوضح د.جمعة في أكثر من مناسبة أن الفتوي التي تناقش القضايا المصرفية وغير المصرفية لها ثلاثة أركان: الأول يتعلق بادراك النص الديني الذي يتحدث في مثل هذه القضايا الحياتية والثاني يتعلق بادراك الواقع في جوانبه البنكية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثالث خاص بانزال النص الديني علي الواقع الاقتصادي والمصرفي والاجتماعي المتغير.. وأشار د.جمعة إلي أن توحيد جهة اصدار الفتوي من خلال تشريع يصدر عن البرلمان لا يعني علي الاطلاق تقييد حرية الاجتهاد أو حرية الرأي في الشأن الديني المصرفي أو غير المصرفي..فالاسلام وهذا ما يجب أن يعلمه كل باحث أو عالم أو مفكر يقف بشدة بجوار حرية الاجتهاد وحرية الرأي لكن هذا شيء وفوضي فتاوي الفضائيات شيء آخر. وتعكف حاليا حسبما أعلن دار الافتاء المصرية علي وضع ضوابط وشروط ملزمة لكل من يتصدي لمهنة الافتاء وذلك لمواجهة فوضي الافتاء التي انتشرت في الآونة الأخيرة بوسائل الاعلام وغيرها. ورحب بهذا التوجه الدكتور علي إبراهيم المفكر الاسلامي والاستاذ بجامعة الأزهر مشددا علي ضرورة أن تتفق المجامع الفقهية في الدول الاسلامية المهمة علي رأي موحد في المعاملات المصرفية سواء بالاباحة أو المنع.. وأشار إلي أن الفتوي وخاصة عندما تتعلق بأمور اقتصادية وبنكية مهمة لها ضوابط شرعية من أهمها: أن يعرض الفقيه كيف ينزل الحكم الشرعي علي الواقع الاقتصادي والمصرفي المعاصر وأن يلم بفقه الكتاب والسنة علي نحو صحيح. وأوضح أن كل خريجي الأزهر لا يصلحون لأداء هذه المهمة فالاستاذ أو المفكر الذي تخرج في كلية اللغة العربية أو تجارة أو هندسة الازهر أو حتي كلية الدعوة بجامعة الأزهر لا يستطيع أن يفتي في معاملات بنكية مثل: حكم فوائد البنوك المحددة مقدما.. وحكم التعامل بالاسهم والسندات ذات الفائدة الثابتة وحكم التعامل مع صناديق الاستثمار التي انتشرت في الآونة الأخيرة. وقال هناك أسباب كثيرة للخطأ في الفتوي المصرفية أو المالية منها عدم الالمام بفقه المال والواقع الاقتصادي المعاصرالذي تغيرت قضاياه ومعاملاته المالية والتجارية والمصرفية بل تغيرت قضاياه الاجتماعية والسياسية والعلمية وأصبحت مختلفة تماما عن العصور الأولي للإسلام.. فلم يكن في الزمن القديم وهذا ما يجب أن يعلمه كل من يتصدي للافتاء في مصر أو خارج مصر بنوك تتعامل بالفائدة الثابتة أو المتغيرة وبورصة تتعامل في الاسهم والسندات ومؤسسات تجارية ومالية عملاقة. وأشار إلي أن الواقع المعاصر الاقتصادي والمالي قد تغير بشكل جذري وبالتالي فإصدار الاحكام الشرعية التي تنظمه يحتاج لمجامع فقهية لأنها هي التي تستطيع أن تلم بالكتاب والسنة بشكل جيد وأن تقرأ الواقع قراءة واعية وتدرسه دراسة متأنية قبل أن تصدر حكمها في أي قضية مصرفية أو مالية.