توجهت مصر نحو الاقتصاد الرأسمالي، والسوق الحر، والرأسمالية نظام اقتصادي يقوم علي أساس اشباع حاجات الانسان الضرورية والكمالية وتنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، وتحقيق وفرة الانتاج والتوسع في مفهوم الحرية واطلاق قوي السوق في جني الارباح دون تدخل الدولة في اعاقة ذلك الا بما يتطلبه النظام العام.. ومما لاشك فيه ان اهم مثالب النظام الرأسمالي هو تركز الثروة في ايدي مجموعة صغيرة اذا لم توجد الطريقة لتوسيعها، واحد اهم طرق توسيع الثروة هو تنظيم الموارد التي تتيح رأس المال لمجموعات أكبر من المجتمع وضمان تعبئة كل الموارد المالية والأصول المتاحة وامكانية اعادة تدويرها داخل منظومة الاقتصاد الرأسمالي لخدمة المشروع الخاص. حصيلة الخصخصة والمشروع الخاص إن مشكلة التوجه الي المشروع الخاص بمصر هي بالدرجة الاولي مشكلة توافر رأس المال، وليست مشكلة إدارية او خبرة او سجل نجاح او غيرها من المشكلات - وإن تواجدت - فالاقتصاد المصري دائما ما يكون غير قادر علي حشد الموارد التي توفر التمويل الميسر للقطاعات الوطنية لاقامة المشروع الخاص، ومعظمها من الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، وانشغلت الدولة منذ بدأت برنامج التحول الاقتصادي والخصخصة بالبحث عن الاستثمار الاجنبي المباشر - رغم أهميته - والشركات الاجنبية، ونقل ملكية الاصول العامة الي المستثمر الرئيسي، واتباع الاساليب السهلة التي تؤدي بدورها الي اعادة تركيز الثروة وتحقيق مؤشرات نمو علي مستوي الاقتصاد الكلي لا تنعكس علي مؤشرات الاقتصاد الجزئي، ولا تخدم اهداف التنمية الاجتماعية للطبقات الفقيرة.. فعلي سبيل المثال كان العاملون اجراء لدي الدولة فأصبحوا ببساطة اجراء لدي المستثمر الرئيسي، وبذلك لم يتم توسيع لقاعدة الملكية من خلال خصخصة المال العام، لذلك فان حصيلة الخصخصة المملوكة للشعب يجب ان توجه الي صندوق لاقراض المشروعات الخاصة بدون فوائد وذلك خدمة للتوجه الحقيقي نحو التحول الرأسمالي المطلوب. وتمثل التدفقات المالية في النظام الرأسمالي القاطرة التي توفر القوة المحركة للمشروع الخاص واقتصاد السوق، ولكي تصبح الاصول المتراكمة رأسمالا نشطا ومؤثرا يعطي دفعة لتحقيق فائض الانتاج، فانه يجب تداولها في اوعية اقتصادية يمكن اطلاقها منها كلما دعت الحاجة لذلك، وليس في اوعية تجمدها وتعطل حركتها.. والخلاصة، انه لا توجد رأسمالية بدون المشروع الخاص، ولا يوجد مشروع خاص بدون توافر رأس المال.. كما ان المجتمع الذي يتوجه الي بناء الرأسمالية بآليات اشتراكية سوف يدخل في نفس المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها العديد من دول العالم، وهي عدم المساواة وتنامي الاقتصاد السري وهروب رأس المال وتفشي الفساد وعدم احترام القانون وعدم الاستقرار السياسي وتنامي معدلات الفقر والبطالة. تفاقم مؤشرات الفقر والبطالة إن مؤشر خط الفقر القومي في تقرير التنمية في مصر يؤكد ان عدد الفقراء وصل الي 14.5 مليون من عدد السكان وهم يمثلون نسبة 21% عام 2005، كما ان هذه النسبة تثير الفزع عندما نقارن أعداد هؤلاء الفقراء في اقاليم الصعيد التي وصلت الي 10.6 مليون فرد، أما أقاليم الوجه البحري فان العدد قد بلغ 3.9 مليون فرد.. والمشكلة الرئيسية المرتبطة بالفقر في ظل آليات السوق هي أوضاع البطالة، إذ تشير الاحصائيات الرسمية الي ان معدل البطالة السافرة في مصر قد وصل الي 10% من قوة العمل البالغ عددها 21.5 مليون عامل في عام 2006، ورغم عدم وجود اتفاق عام حول هذه النسب فإنها تعتبر مرتفعة، بل انها ضعف معدل البطالة الطبيعية او الاحتكاكية (التي تصل الي حوالي 4%) وتعادل رقماً مطلقاً يقدر ب2.1 مليون متعطل يتركز معظمهم بين الفقراء من الشباب وبصفة خاصة خريجي المدارس الثانوية، كما ان هذه المشكلة من المتوقع ان تتفاقم مستقبلا اذا لم يتم اتخاذ اجراءات فعالة للتخفيف من حدتها.. فمن المنتظر ان يزيد معدل عرض العمل بنسبة 2.6% سنويا خلال الفترة من 2006 - 2011، الامر الذي يستلزم توليد حوالي 750.000 فرصة عمل جديدة سنويا، وهو رقم يفوق المتوسط المحقق خلال العقد الماضي الذي يقدر ب 435.000 فرصة عمل سنويا. إشكالية رأس المال الخاص ولقد شهد الاقتصاد المصري ومازال يشهد ممارسات خطيرة تجاه رأس المال الخاص، في صوره المختلفة - سواء كان ملكية فردية أو جماعية - تراوحت ما بين استمرار تجميده كنتائج مستمرة لقوانين حقبة الستينيات او الاستحواذ عليه بأقل من عوائده العادلة بدعوي توظيفه في مشروعات قومية لا تدر ربحا، أو مطاردته وتدميره بدعوي عدم شفافيته وعدم تسجيله رسميا لدي الدولة، ويمكن ايجاز هذه الممارسات فيما يلي: