هناك الكثير من القضايا التي تقيد ضد "مجهول" وهو الأمر الذي عادة ما يؤرق رجال البحث والتحري، ويظل أحدهم وراء أي قضية حتي يستطيع أن يكشف أسرارها، ومن ورائها، مهما مضت السنون. لكن أن تقع يوميا وكل لحظة جرائم أمام أعيننا وتحت أبصارنا، ولا يحاسب أحد، أو يحاكم أحد، فهذه هي المصيبة الكبري. أقول هذا بمناسبة قصة "قطعت قلبي" وأنا اقرأها عن طالب فقد ذراعيه وتقرر له أن يعيش باقي حياته معذبا بسبب جاني معلوم جداً اسمه "الإهمال". والقصة كما ترويها الزميلة "المصري اليوم" عن الطفل أحمد محمود أحمد علي "11 سنة" تلميذ في الصف الرابع الابتدائي. صعقه تيار كهربائي بكشك بقوة 220 كيلو فولت بجوار باب المدرسة. وتكتشف بعد أن الكشك بلا أبواب رغم اختلاف الرواية بين أهل الطفل ومسئول شركة الكهرباء. رواية أهل الطفل تقول إن الكهرباء قد جذبته لشدتها وصعقته بسبب عدم وجود الباب، ورواية شركة الكهرباء تقول إن الطفل قام بفتح الأبواب الخارجية، والداخلية ولمس سكاكين الكهرباء بيديه مما أدي إلي صعقه. ومع ذلك وبفرض أن هذه الأبواب في كشك الكهرباء بجانب مدرسة ابتدائي مغلقة هل يسهل علي طفل عمره 11 سنة فتحها، ألا يجب أن تكون هذه الأبواب مغلقة بوسيلة لا يستطيع فتحها إلا عمال متخصصون. أليست هذه أبسط مقتضيات الأمان في كشك كهرباء بقوة 220 كيلو وات بجوار مدرسة أطفال. لكن ماذا نقول عن جريدة "أخبار اليوم" وقد أفردت صفحة كاملة مع صور لنماذج من إهمال الأسلاك العارية، والتي قالت فيه بالحرف الواحد "خطر الأسلاك المكشوفة في شوارع وميادين العاصمة" ويواصل التقرير ليحدد أن المأساة تبلغ قمتها في حي المطرية الذي يقطنه حوالي 5.2 مليون نسمة حيث لاحظ العبارة بدقة تعددت في هذا الحي حالات الموت صعقا وحتي أن الصبية الصغار يلهون بالكابلات ذات التيار العالي". هذا غير أعمدة الإنارة التي تبرز أسلاكها الفتاكة وتخرج من باطن الأعمدة علي مرأي ومسمع من الجميع. كفانا اهمال، وتسيب، والأدهي إلقاء المسئولية علي الطرف المتضرر. هل يعقل أن يقوم طفل بفتح أبواب كشك كهرباء خارجية، ثم أبوابه الداخلية كما يقول المسئولون، ويمسك بسكاكين الكهرباء التي تقوم بصعقه مما يؤدي إلي بتر ذراعيه من عند الكتفين. ألا تخجلوا من أنفسكم وأنتم تقولون هذا الكلام، إن المساس بعداد كهرباء في المنزل يعد مصيبة كبري يحاسب فاعلها قضائيا، ألا تعتقدون أن من الأولي إحكام إغلاق مثل هذه الأكشاك هذا إن كانت مغلقة من أساسه. يجب محاسبة المقصرين وفوراً، ولا يعني هذا فقط توجيه اللوم ولفت النظر إلي موظفين صغار، أو حتي إقالتهم. لا يا سادة إن هناك مسئولين كبار ومهندسين ورؤساء أقسام ورؤساء أحياء تقاعسوا عن أداء واجبهم وعرضوا حياة المواطنين للأخطار، كما يقول د. إبراهيم عبود عضو مجلس محلي الجيزة. أطالب بمحاسبة هؤلاء المهملين فوراً، وأطالب كل مواطن بالتوجه لأقرب قسم شرطة للبلاغ عن أي بالوعة مكشوفة، أو سلك كهرباء عريان، أو أي تهاون، مع توجيه الاتهام إلي المسئولين عن الأحياء. وأطالب الجهات القانونية، ووزارة الداخلية أن تعامل هذه البلاغات بكل جدية، لأن أرواحنا جميعاً في خطر بسبب الجاني المعلوم جداً، واسمه "الإهمال".