من كان يتصور في يوم من الأيام ان تنتهي احوال العالم العربي الي مانراه اليوم.. من كان يتخيل ان تصير احوال الأمة الي هذا المصير المظلم.. والغريب في الامر هو حالة الاستسلام الرهيب التي تبثها الشعوب والحكومات حيث لا تجد ردود فعل لأي شيء أو محاولة للخروج أو المواجهة.. من كان يتصور ان تحدث كل هذه الحروب الأهلية بين ابناء الشعب الواحد.. انتهي الاحتلال الامريكي للعراق بمأساة كانت قد اختفت منذ سنوات بعيدة وهي الحرب بين الشيعة والسنة.. هل هذا هو المصير والمستقبل الذي حلم الشعب العراقي يوما بان يصل اليه.. هل هذه هي الديمقراطية وحقوق الإنسان التي جاءت بها الإدارة الأمريكية الي بلاد الرافدين.. هل هذا هو المستقبل الذي ينتظر العراقيين في ظل الحرية والاستقرار؟ ان اشعال الحرب الأهلية في العراق مخطط امريكي مشبوه ومرسوم حيث لن يكون هناك عراق موحد قوي ولن يكون هناك جيش عراقي أو دولة عراقية وما حدث في العراق حدث في السودان التي تنقسم الآن الي اكثر من دولة ما بين الشمال والجنوب ودارفور ولا احد يعلم ما هو مستقبل السودان بعد التقسيم.. وفي لبنان صراع دام بين طوائف الشعب الواحد من السنة والشيعة والمسيحيين والدروز وضاع حكماء لبنان في صراعات طائفية بغيضة ولا أحد يعلم ما مصير الشارع اللبناني في ظل هذه التقسيمات والصراعات الدينية والمذهبية.. وفي الصومال انتهت حروب الشارع بدخول القوات الأثيوبية التي حسمت المعارك بدعم امريكي واضح.. وفي فلسطين مأساة العرب الأولي ترك الفلسطينيون اسرائيل وبدأوا تصفياتهم ما بين فتح وحماس وجلست إسرائيل تنتظر صراع الإخوة لتفرض في النهاية واقعا علي الجميع بعد ان ينهار كل شيء.. من كان يصدق أن قضية العرب الأولي التي اخذت نصف عمرنا يأسا واحباطا والنصف الثاني معارك وهزائم سوف تنتهي هذه النهاية المأساوية؟ إن دماء فلسطين تتدفق الان علي التراب الفلسطيني وصمة عار في جبين هذه الأمة.. وما بين تقسيم العراق وتقسيم السودان.. وما ينتظر لبنان وفلسطين وهذا اليأس العربي القاتل وهذه المهانة التي تجتاح كل طوائف هذه الأمة يشعر الإنسان بحزن شديد وهو يتساءل أين الشعوب وأين الحكام وأين العقل وأين السياسة وأين وأين..؟ ولا يجد أمامه غير شعوب غرقت في هلس الفضائيات وجرائم المخدرات والضياع بكل أشكاله.. وماذا ينتظرنا بعد ذلك كله غير الاحباط والكآبة وأنهار الدم العربي تغطي كل ركن من اركان هذه الأمة المنكوبة.