مفاجأة من العيار الثقيل فجرها الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب بمطالبته باصدار قانون خاص لمحاكمة الوزراء وهو ما اعتبره البعض تحريضا من رئيس السلطة التشريعية علي اصدار مشروع قانون بدلا من القانون الحالي المعطل لأنه صدر في عهد الوحدة بين مصر وسوريا.. كما أهاب الدكتور سرور بالمشرع وهو مجلس الشعب الذي يرأسه سرور نفسه للاسراع بتعديل قانون محاكمة الوزراء تفعيلا للمادة 159 من الدستور. سرور وصف مسألة اصدار تشريع جديد بأنه إجراء بحثي فقط، فالوزير أي وزير يخضع للرقابة من خلال أدوات الوسائل البرلمانية الفاعلة ولا يمكنه التهرب من المسئولية البرلمانية. تصريحات رئيس مجلس الشعب لم تكشف فقط عن ضرورة اصدار تشريع قانوني لمحاكمة الوزراء وإنما نبهت أيضا إلي أن هناك طريقين لمحاكمتهم حاليا: الأول جنائي يباشره النائب العام وهو مطبق بالفعل أما الثاني فهو جنائي برلماني لكنه ليس مطبقا! خبراء القانون انقسموا بدورهم حول مسألة اصدار قانون خاص بمحاكمة الوزراء فالبعض قال: ولماذا لا يحاكمون مثل أي مواطن يرتكب جريمة أو حتي جنحة يستحق المثول أمام القضاء العادي للمحاسبة عليها؟! والبعض الآخر قال: ولماذا لا يتم تشديد العقوبات بالنسبة لهم باعتبارهم مسئولين كبارا؟ فكلما زادت مسئولياتهم عظمت أعمالهم واتسع نطاق تأثيرها وبالتالي فلا يجب أن يخضعوا للقانون العادي.. ولكن من يضمن صدور مثل هذا القانون؟ ومن يضمن تطبيقه؟ الآراء والضمانات تناقشها العالم اليوم "الاسبوعي" مع الوزراء المسئولين ورجال القضاء وخبراء القانون في هذا التحقيق. في البداية أكد الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية أن الوزير شأنه شأن أي مواطن وعدم تطبيق قانون خاص لمحاكمة الوزراء في مصر لا يعني أنه غير خاضع للمساءلة بل هناك مساءلة سياسية أمام السلطة التنفيذية حيث يقر الدستور بأن رئيس الجمهورية يعين الوزراء ويعزلهم فنحن في مصر أقرب إلي النظام الرئاسي الذي يجعل الوزراء معاونين لرئيس الجمهورية له الحق في مناقشتهم وتقييم أدئهم كما تجري مساءلة الوزير داخل مجلس الوزراء ويجريها رئيس مجلس الوزراء نفسه وذلك بالاضافة إلي المساءلة التشريعية حيث يحدد الدستور مسألة محاسبة الوزراء وسحب الثقة منهم وفقا لما جاء بالمادة رقم (126) التي تنص علي أن الوزراء مسئولون أمام مجلس الشعب عن السياسة العامة للدولة وكل وزير مسئول عن أعمال وزارته ولمجلس الشعب الحق في أن يسحب الثقة من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلا بعد استجواب وبناء علي اقتراح عشر أعضاء المجلس ويتم سحب الثقة بأغلبية أعضاء المجلس. ويضيف د.شهاب أن الوزير مواطن عادي وتصرفاته قابلة للملاحظة مدنيا وجنائيا أمام القضاء فهل من المناسب أن يكون هناك قانون خاص لمحاكمة الوزراء؟ وإذا كان سيصدر مثل هذا القانون فلابد أن تسبقه دراسة وافية ليحقق الهدف منه. الملاحقة.. وكشف الانحراف وأضاف د.شهاب أنه غالبا ما تتم محاكمة الوزير بعد خروجه من منصبه لأن الانحراف لا يكتشف أثناء وجوده بينما لابد من وجود الملاحقة لمنع حدوث أية أخطاء. وقال إن هناك تجربة شخصية حينما تم تقديم بلاغ ضد وكيل وزارة لديه فحوله علي الفور للنيابة الادارية وهو ما يجب أن يسري علي الوزراء. ويعترف شهاب بأنه صدر العديد من الاحكام ضده حينما كان وزيرا للتعليم العالي ولكنها تقتصر علي إعادة تصحيح أوراق الامتحانات وكثير من الأمور المتعلقة بها وقد تم تنفيذ جميع الأحكام.. وهذا يؤكد أن الوزراء، قد تصدر ضدهم أحكام قضائية ولكن ليس لأنهم قد ارتكبوا ما يستحق الوقوف أمام القضاء بحكم مسئولياتهم ولكن لأنهم ممثلون لوزاراتهم. محاكم استثنائية ويرفض المستشار مقبل شاكر رئيس المجلس الأعلي للقضاء ورئيس محكمة النقض الحاجة إلي محاكم استثنائية مرة أخري فالوزير كأي مواطني لابد أن يخضع لقانون العقوبات فلماذا ننتظر قوانين خاصة؟ وأضاف أنه إذا ثبت علي الوزير ارتكاب جريمة ما فلابد أن يحاكم علي الفور ولو كان بيدي القرار فسوف استبعده من منصبه علي الفور ولا انتظر المحاكمة فمن الوارد أن تساعده الكياسة السياسية علي اخفاء دليل جريمته. ونفي المستشار مقبل شاكر.. أن الدعوي القضائية ضد الوزير لا تأخذ مجراها القانوني كأي مواطن فجريمته تخضع لقانون العقوبات فالقضاء في مصر لا ترغيب ولا ترهيب ويؤدي واجبه تجاه الوزير والمواطن سواء. نفوذ الوزير وأوضح رئيس المجلس الأعلي للقضاء.. أنه من الوارد أن يتمكن الوزير من خلال نفوذه اخفاء دليل اتهامه أثناء وجوده في الخدمة ولكن بعد الخروج أو من خلال عدة بلاغات تظهر مساوئه ومن النادر وجود وزير منحرف ولكنني حاكمت وزيرا واحدا وحصل علي البراء وقد أبلغ عنه بعد خروجه من الوزارة مباشرة والحكم كان عنوان الحقيقة.