كشفت "ورقة عمل" حديثة حول تعريف القطاع الخاص المصري بتشريعات "حماية المنافسة ومنع الاحتكار" علي المستويين الدولي والإقليمي عن أن ظاهرة تضمين قوانين المنافسة في تشريعات الدول النامية ظاهرة حديثة نسبيا ومازالت هي "العقدة والحل" خاصة وانها تمثل أهم مطالب الدول النامية في عمليات التفاوض في الاتفاقيات الدولية وفي نفس الوقت تقابل رفضا صريحا من جانب الدول الكبري كأمريكا والدول الأوروبية وبالتالي فعلي الرغم من أن تشريعات المنافسة تعتبر عنصرا ذا أهمية بالغة لمصر وبعض الدول النامية إلا انها تمثل إعاقة في طريقة تفعيل العديد من الاتفاقات الدولية وكانت سببا رئيسيا في فشل مفاوضات الدوحة حول تحرير قطاع تجارة الخدمات. أهداف الورقة وتوضح "ورقة العمل" التي أعدتها الدكتورة ماجدة شاهين حقيقة الدوافع وراء الاهتمام المفاجئ محليا بسياسات المنافسة علي الأصعدة الوطنية والأسباب الرئيسية وراء إسراع الدول في تشريع قوانين وطنية وكذا تطور مفاهيم المنافسة في ظل سياسات الإصلاح وتحرير التجارة. وتطرقت الورقة إلي فشل مساعي إقامة قواعد دولية للمنافسة في إطار منظمة التجارة العالمية مفسدة الأسباب التي أدت إلي مثل هذا الفشل والمتمثلة أساسا في تباين مفاهيم المنافسة فيما بين الدول النامية والدول الكبري. الاحتكارات الدولية وأشارت "ورقة العمل" التي ناقشها مركز دعم القطاع الخاص مؤخراً بالغرفة الأمريكية بالقاهرة إلي أن هناك قواعد دولية لمواجهة الممارسات التقييدية وأهمها مساعي الدول النامية لإقامة قواعد دولية، حيث كان اهتمام الدول النامية الأساس هو وضع قواعد دولية تحد من الممارسات التقييدية للمؤسسات غير الوطنية والتي عانت منها الدول النامية كثيراً، حيث وقعت فريسة لاطماع تلك المؤسسات في وقت تعاظمت فيه قوتها وبدأت تتدخل في الشئون الداخلية للدول النامية إلي حد قلب أنظمة قائمة سلفا وذلك استغلالا لأسواق تلك الدول الفقيرة وهذا من خلال تقسيم أسواقها والسيطرة عليها وتحديد الأسعار إلي غير ذلك من ممارسات احتكارية ضارة. وتؤكد الورقة إلي انه نتيجة للأسباب السابقة فإن الدول النامية والضعيفة تجاريا بدأت في السعي لوضع قواعد دولية لمواجهة ظاهرة الممارسات التقييدية لتلك المؤسسات الدولية "عبر الوطنية"، ولكن وللأسف الشديد لم تفلح الدول النامية في اقناع دول العالم الكبري حتي هذه اللحظة في ضبط قواعد معينة وتحديدها لتستطيع من خلالها التحكم في عمليات المنافسة دوليا وذلك لاختلاف المفاهيم فيما بين الدول وبعضها. وتشير "ورقة العمل" إلي ضرورة تكاتف الدول النامية سواء الإفريقية منها أو غيرها للسعي نحو توفيق اوضاعها التجارية وحماية اسواقها من احتكارات المؤسسات العالمية الكبري والمطالبة بوضع قواعد دولية للمنافسة وذلك من خلال تعريف القطاع الخاص بكل دولة بأهمية تلك التشريعات. الدول الكبري وتعكس الورقة في طياتها مواقف بعض الدول الكبري من عمليات وضع قواعد دولية للمنافسة ومنع الاحتكار حيث تشير إلي موقف "الولاياتالمتحدةالأمريكية" والذي انفردت فيه بقصر أعمال مجموعة عمل محددة علي ضبط سياسات المنافسة علي الأصعدة الوطنية بما استهدفته من ضرورة قيام الدول الأعضاء بوضع قوانين وطنية للمنافسة والإشراف علي تنفيذها من قبل السلطات الوطنية المعنية بغية التحكم فيما وصفته الولاياتالمتحدة بالاحتكارات الوطنية للقطاع العام" وهو ما يعتبر اتجاها من أمريكا لتفتيت القطاع العام في كثير من دول العالم الضعيفة وأهمها مصر والبرازيل والهند. وتوضح الورقة ان موقف الدول الأوروبية بشأن تطبيق قواعد دولية للمنافسة لا يختلف كثيرا عن الموقف المعارض الذي انتهجته الولاياتالمتحدة فالكل يسعي إلي خدمة مصالحه حتي لو كان هذا علي حساب مصالح الدول الأخري، وعليه بات لزاما علي الدول النامية ضرورة تكاتف قواها والمطالبة بحقوقها التجارية فضلاً عن تكثيف مجهوداتها وتطوير أسواقها حتي تستطيع التعدي للتكتلات الاقتصادية العالمية الكبري. مخاطر المنافسة وتلمح الورقة في جزء منها إلي المخاطر المحتملة لقوانين المنافسة الوطنية مشيرة إلي انه ليست الدول النامية بغافلة عن تلك المخاطر التي تأخذها علي عاتقها بالقضاء علي الاحتكارات الوطنية وفي نفس الوقت تحرير سياساتها التجارية وفتح أسواقها للمنافسات الأجنبية، وهي ليست غافلة أيضا عن أن كسر الاحتكارات الوطنية في إطار المفاوضات متعددة الأطراف كان من بين الأهداف الأولية للدول المتقدمة للدفع بإقامة قوانين المنافسة ضمن التشريعات الوطنية، غير أن هذا أكثر خطورة. موقف مصر أما عن موقف مصر تحديدا بشأن تشريعات المنافسة ومنع الاحتكار فتوضح "ورقة العمل" ان مصر عاكفة علي سياسة تحديث صناعاتها وتوجيهها نحو التصدير علي أسس تنافسية دولية، فعند التحرير وإزالة الاحتكارات الوطنية يجب ان تضمن الدول النامية في نفس الوقت احتفاظ صناعاتها الوطنية بقدرتها علي المنافسة واستمراريتها أو سهولة انتقالها إلي صناعات أخري. وعلي صعيد آخر تطرح الدراسة المشكلات التي قد تواجه المؤسسات المتوسطة والصغيرة من جراء الاندماجات التي تحدث بين المؤسسات الكبري وتقول إنه يمكن لسياسات المنافسة أن تؤثر سلبا علي الصناعات الصغيرة والمتوسطة وبالتالي فيجب وضع بنود محلية في تلك التشريعات تنص علي توفير فرص عادلة لمشاركة تلك الشركات في الاقتصاد وكإحدي أولويات سياستها الصناعية، كما ان سياسات المنافسة بالاتحاد الأوروبي نفسه تشمل عدداً من الشروط التي تستثني منع الشركات الصغيرة من بعض الممارسات التقييدية وتعمل علي دعم وتنمية هذه الشركات. البدائل وتطرح ورقة العمل في نهايتها العديد من البدائل المتاحة حاليا أمام مصر في مجالات التعاون التجاري حيث تؤكد أن هناك العديد من دول العالم الإفريقي وبعضا من الدول الأوروبية والآسيوية توافق مصر في قواعد المنافسة الدولية ومنع الاحتكارات، وبالتالي فإن لمصر فرصاً بديلة تستطيع من خلالها تطوير قطاعاتها التجارية وزيادة حجم تبادلها التجاري. ومن أمثلة البدائل التي طرحتها الورقة التعاون الإقليمي بين مصر ودول الجنوب الإفريقي وتحالف الكوميسا وكذلك دول الجوار الأوروبية والأورومتوسطية فضلا عن التعاون الإقليمي والذي يعتبر أهم البدائل الحالية بعد إخفاق منظمة التجارة العالمية في الاتفاق حول قواعد متعددة الأطراف لرقابة الممارسات الاحتكارية.