نهر الدم الفلسطيني جرت فيه مياه كثيرة منذ شهر يونية الماضي، وبالتحديد منذ اختطاف جندي اسرائيلي في احدي عمليات المقاومة والاحتفاظ به اسيرا لدي فصائل المقاومة، منذ ذلك الوقت شنت اسرائيل عملية امطار الصيف لتحرير الجندي الاسير، وانتهي الصيف ولم يتحرر الجندي ولاتزال المفاوضات جارية بوساطة مصرية للافراج عن الاسير مقابل اسري فلسطينيين في ظروف التهدئة الحالية. وكانت مصر قد قامت بجهود دبلوماسية في بداية الازمة للحيلولة دون تفاقم الوضع ولكن تعثرت تلك الجهود بسبب تدخل اطراف اخري اقنعت الفصائل بعدم الاستجابة لجهود تبادل الاسري فوضعت شروطا ومطالب لم يسهل الاستجابة لها. وكان من بين الظروف التي حالت دون تسوية موقف الجندي الاسرائيلي اختطاف جنود اخرين علي الحدود مع لبنان واحتفاظ حزب الله بهم مما ادي الي تفاقم الوضع ونشوب حرب محدودة بين اسرائيل وحزب الله راح ضحيتها الجنوب اللبناني وخسرت لبنان آلاف الشهداء والجرحي واحتلت اسرائيل مجددا جزءا من الجنوب ولم يتحرر الجنود الاسرائيليون ولكن خسرت لبنان الكثير بسبب الحرب ولاتزال تخسر. ومنذ اختطاف الجندي في غزة ومع استمرار عملية امطار الصيف رصد تقرير فلسطيني الخسائر الفلسطينية في الارواح نتيجة القصف الاسرائيلي والتوغل وعمليات الاغتيال ضد النشطاء بلغ عدد الشهداء نحو 541 شهيدا منهم 105 اطفال و61 امرأة. ومن بينهم 36 من النشطاء الذين طاردتهم الطائرات الاسرائيلية، اما عدد الجرحي من الفلسطينيين فيقول التقرير انه بلغ نحو 1600 فلسطيني يعاني بعضهم اصابات ادت الي اعاقة مستديمة. واشار التقرير الي تدمير محطات محولات الكهرباء، وهدم المنازل بعد انذار اصحابها ومن بين المنازل المدمرة 200 منزل في بيت حانون وحدها التي تعرضت ايضا لتجريف مزروعاتها. والسؤال: الي متي يستمر العناد علي الجانبين والي متي سيظل الشارع الفلسطيني اوالاسرائيلي قادرا علي تحمل سياسة تلقي الخسائر الشديدة علي الجانب الفلسطيني وانعدام الامن علي الجانب الاسرائيلي؟ وتشير الحوادث السابق الاشارة اليها الي ان الاستخدام المفرط للقوة تحمله الجانب الفلسطيني بشجاعة ولكن القيادة الفلسطينية يجب ألا تعول علي ذلك كثيرا بل من الضروري ان تراعي قدرة الشعب علي الاحتمال وتنتهج سياسة تضمن استمرار روح المقاومة المدروسة التي تحقق الغرض دون تدمير الشعب وقتل ابنائه. صحيح ان للحرية ثمنا باهظا ولكن ليس معني ذلك ان تغفل القيادات اتخاذ القرارات الصائبة التي لا تضحي بالدم لمجرد العناد وعدم التراجع عن سياسة خاطئة. محمود التهامي