شهدت البورصة المصرية الفترة الماضية ظاهرة غريبة.. فالمستثمر الصغير منذ اللحظات الأولي لتواجده في البورصة مجرد تابع ولكن الغريب انه تحول بنظره من كبار المستثمرين وكذلك المستثمرون الأجانب ليسير بدون تفكير وراء المستثمرين العرب الذين تتغير قراراتهم الاستثمارية وفقا لظروف اسواقهم مما أدي إلي وجود رابط وهمي بين السوق المصري والأسواق العربية الأخري خاصة السوق السعودي رغم ان البورصة المصرية اثبتت انها الأفضل خلال العام الحالي. فقد أصبحت مبيعات العرب ذات تأثير كبير علي المستثمرين المصريين فإذا اشتروا اسهما معينة بكميات كبيرة اشتري المصريون هذه الأسهم؟ وإذا باعوها اتجه المصريون وراءهم مما يزيد من حدة المضاربات والتركيز علي أسهم المضاربات وبالتالي مزيد من التذبذبات في السوق المصري رغم الارقام الجيدة للاقتصاد وكذلك للشركات المقيدة. تفكير المستثمرين من جانبه أشار محمد فهمي محلل مالي بشركة برايم لتداول الأوراق المالية إلي ان السوق المصري لم يتخلص حتي الآن من سياسة القطيع التي تسيطر علي تفكير المستثمرين المصريين منذ سنوات. ولفت إلي ان أهم ما يعيب البورصة المصرية في الفترة الحالية هو استمرار سيطرة الأفراد علي التعاملات الذين يتحركون في كثير من الأحيان بعشوائية متبعين منهج "القطيع" وهو مجرد التقليد والمحاكاة لكبار المتعاملين في البورصة دون تدبر أو تفكير أو حتي مجرد معرفة السبب الحقيقي لما يحدث في سوق الأوراق المالية من تقلبات قد لا يكون لها أي تبرير أو سند علمي أو واقعي، خاصة في البورصات الناشئة أو الصاعدة مثل البورصات العربية ومعظم بورصات الدول النامية. وأكد انه يوجد نوعان من المستثمرين في السوق الأول وهم أقلية لديهم وعي كبير من خلال الدراسة والدورات التدريبية ووجود مثل هؤلاء في السوق يعتبر إضافة ونتمني ان يكون كل المستثمرين من هذه الفئة والثاني وفيها يفتقر المستثمر لأبسط المعلومات الخاصة بالاستثمار في سوق الأوراق المالية. وأشار خالد الطويل رئيس مجلس إدارة شركة الكونسل لتداول الأوراق المالية ان التحركات العنيفة للمستثمرين سواء كانوا عربا أو أجانب في البورصة المصرية توجد الآن قلقا لدي المستثمر الفرد الصغير غير الواعي لكن عند دراسة الوضع جيدا سيجد المستثمرون ان القيام بعمليات شراء خلال فترة تراجع الاسعار هي فرص لاقتناص الأسهم بأسعار رخيصة. وأكد أن حالة التذبذب الحاد للسوق ومؤشر الأسعار يجب ألا تقلق صغار المستثمرين، ويجب أن يسير المتعاملون مع اتجاه السوق بالشراء مع بداية الصعود والبيع وجني الأرباح وعدم الوقوف ضد اتجاه السوق وشراء الشركات القوية التي تمتلك مؤشرات مالية قوية، وميزانيات جيدة وسيولتها عالية. عمليات شراء ومن جانبه أكد سامح أبو العرايس رئيس قسم التحليل الفني بشركة بريمير لتداول الأوراق المالية ان المستثمرين الأجانب يقومون بعمليات شراء مستمرة طوال الأسابيع الماضية مؤكدا ان المستثمر الأجنبي مستثمر واع يدخل السوق بهدف استثماري وليس بهدف المضاربة. وأكد انه من خلال التذبذبات التي شهدتها مستويات الأسعار للبورصة المصرية منذ بداية عام 2006 يتضح ميل نسبة كبيرة من المستثمرين المحليين إلي محاكاة المستثمرين العرب في تعاملاتهم وبالتالي كان تراجع الاسعار الذي سببه خروج بعض المستثمرين العرب من السوق مؤشرا لبعض المتعاملين في السوق. وتساءل أبو العرايس لماذا التركيز علي عمليات البيع التي يقوم بها العرب رغم ان المستثمرين العرب ليسوا مقياسا علي قوة السوق من عدمه فتعاملات المستثمرين العرب غير مؤثرة بالفعل لأنها تبلغ حوالي 20 و25% من حجم التعاملات. أسعار الأسهم وفي المقابل اختلف معتصم الشهيدي الرئيس التنفيذي لشركة تروبيكانا لتداول الأوراق المالية مع الكلام السابق مؤكدان ان أداء البورصات العربية وخاصة بورصتي السعودية ودبي أثر علي البورصة المصرية بعد ان هبط مؤشرا البورصتين لأدني مستوي لهما في عامين بينما مازال مؤشر البورصة المصرية أعلي من مستوياته في بداية العام وبالتالي قام المستثمرون العرب بالبيع في مصر والشراء في أسواقهم مما أدي لتأثير سلبي علي السوق المصري وانخفاض أسعار معظم الأسهم النشطة ولكن بمعدلات أقل كثيرا من السوقين السعودي والإماراتي لأن أسعار الأسهم في مصر رخيصة جدا بالمقارنة مع السوقين ومضاعف الربحية في مصر أقل من 15 مرة بينما يدور في السعودية حول 20 مرة كما ان الشركات المصرية زادت ارباحها بشكل ملحوظ في ميزانية الأشهر التسعة الأولي من العام الحالي. وأشار إلي انه من المستحيل وضع ضوابط علي تعاملات العرب في البورصة بمعزل عن باقي تعاملات الأجانب لأن قانون سوق المال واحد بالنسبة للأجانب والعرب. مزيد من الوعي ومن جانبه طالب الدكتور عصام خليفة عضو مجلس إدارة شركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار المستثمرين بالتوجه إلي البورصة المصرية مع مزيد من الوعي وعدم الانسياق وراء أي سهم بلا أساس مالي فالمستثمر المصري عليه ان يقبل علي الشراء بدلا من البيع العشوائي غير المبرر والدليل علي ان السوق لدينا واعد وجيد الإقبال الملحوظ من قبل الأجانب علي الشراء كما ان نتائج الأعمال مطمئنة للغاية وستؤثر إيجابا علي أداء السوق. وشدد علي ضرورة ان يعي المستثمر جيدا نوع السهم الذي يشتريه وان يعرف هل يحقق نمواً أم لا وان يتعرف علي الاساس المالي لهذه الأسهم فالمستثمر عليه ان يرجع إلي التحليل الأساسي للسهم قبل شرائه لأن المضاربات علي هذه الأسهم ستكون بمثابة "بالونة" ستنفجر ومن ثم ستؤدي إلي حدوث كارثة بالسوق. ويحدد خليفة خطوات حاسمة للمستثمر لابد ألا يحيد عنها وهي تكوين محفظة من أسهم شركات جيدة ذات أداء وارباح متميزة وليست شركات تكتسب قوتها من المضاربة علي اسهمها بهدف تحقيق اسعار وهمية وارتفاعا للبيع وهبوطا للشراء. ونصح صغار المستثمرين في البورصة المصرية بضرورة التريث والهدوء في اتخاذ القرارات ودراستها قبل الإقدام عليها وعدم التأثر بتوجهات الآخرين حيث كثيرا ما يستغل المستثمرون المحترفون هبوط السوق ليقوموا بعمليات شراء كبيرة يكون صغار المستثمرين الخاسر الأكبر فيها نظرا لهرولتهم نحو البيع ثم سرعان ما يعود السوق للارتفاع مرة أخري. وأشار إلي انه علي المستثمر الواعي في ظل تذبذبات الأسعار الحالية ان يقوم بتعديل محفظته بالتخلص من الأسهم الضعيفة حتي لو كانت رابحة لأن هذه الأسهم ستهوي به في أي وقت أما السهم الجيد حتي ولو كان من الأسهم الخاسرة أو مرتفعة السعر ستنمو مع الوقت وستتقلص مخاطرها كما انها تعود إلي سابق مسيرتها الجيدة مرة أخري إذ انه في كثير من الحالات يكون المركز المالي للشركة المصدرة للأوراق المالية قويا، ولكن سعر السهم المصدر والمتداول في البورصة يتجه للانخفاض نتيجة عوامل المضاربة.