مع اقتراب العام الحالي من نهايته تحركت البورصة بخطي ثابتة، تخللتها موجات صعود وهبوط وعمليات جني ارباح، وبعيداً عن منطق التهليل والفرح بالصعود والتهويل والبكاء عند الهبوط، فإن الواقع يقول إن البورصة المصرية هي الأفضل عربيا، وان إدارة البورصة وهيئة سوق المال استطاعتا خلال العام الحالي قيادة دفة السوق وسط أمواج متلاطمة، بسبب أوضاع إقليمية ومحلية. وإذا رصدنا دور إدارة البورصة، نجد ان ماجد شوقي رئيس البورصة اتخذ إجراءات حازمة ضد المتلاعبين، الجانب اليسير تم إعلانه، والجانب الأكبر اتخذ طابع السرية، حتي لا يتم التأثير علي الأسعار والسوق، وكان من أهم القرارات التي تم اتخاذها إيقاف تداول الشركات التي تصعد بشكل غير مبرر حتي تفصح عن أسباب هذا الصعود وعن حقيقة الشائعات التي انتشرت عن هذا السهم أو ذاك، وأدي ذلك إلي تحجيم دور الشائعات في السوق، والارتفاعات غير المبررة، ويبقي بعد ذلك دور المستثمر نفسه في اتخاذ القرار. فإدارة البورصة وظيفتها إتاحة المعلومة بعدالة امام المستثمرين، ومحاربة الشائعات، يبقي بعد ذلك ان يحدد المستثمر هل يدخل في أسهم مضاربات عالية المخاطر لا تستند إلي قوائم مالية أو نتائج أو أخبار حقيقية؟، أم يستثمر في شركات ارباحها ترتفع باستمرار وإدارتها تلتزم تماما بالقواعد والإفصاح؟ غير انه لوحظ ان إدارة بعض الشركات يكون ردها علي الشائعات المنتشرة بشكل غير واضح فهي لا تنفي ولا تؤكد في نفس الوقت، مثلا انتشرت شائعة عن اتجاه هيرمس للاستحواذ علي حصة في البنك التجاري الدولي، وحصة في بنك أردني وانها ستعقد مؤتمراً صحفياً لإعلان المعلومات، وجاء نفي الشركة للمؤتمر الصحفي قاطعاً، ولم يشر من قريب أو بعيد لاحتمال وجود مفاوضات للاستحواذ علي حصص من بنوك. وبالتالي إدارة البورصة مطالبة بأن يكون نفي الشركة للمعلومة أو تأكيدها يتخذ شكلا واضحا، وهناك ضوابط أخري مهمة قامت بها إدارة البورصة من إيقاف سماسرة ومنفذين، والرقابة اللحظية علي التعاملات. أما الدكتور هاني سري الدين الذي واجه هجوما قاسيا في فترة هبوط السوق، فقد تعامل مع الأزمة بهدوء الأكاديمي والمسئول وخبرة المستثمر، وعمل بشكل جدي علي علاج ثغرات، منها علي سبيل المثال وضع ضوابط علي سوق خارج المقصورة، وضوابط علي تعاملات أسهم الخزانة واعتبارها تعاملات داخليين، ومراقبة أشد لتعاملات مجالس الإدارات. وكذلك توجت الهيئة مجهودها بإصدار اللوائح التنفيذية لحوكمة الشركات، واعتبار الحوكمة شرطا من شروط القيد واستمراره، وبالتالي سيتم تعديل قواعد القيد لتتماشي معها، وكذلك مراقبة التحليلات الفنية والأساسية التي تصدرها الشركات، ومراقبة تعاملات وتحركات أسهم الشركات ذات المصلحة. وظهرت آثار التطورات التي حدثت في إدارة السوق والرقابة علي أسعار الأسهم، فالبورصات العربية تنخفض والبورصة المصرية تتحرك بشكل هادئ وثابت. ورغم ذلك فمازلنا بحاجة لزيادة الوعي بالبورصات وأسواق المال، وكيفية الاستثمار وطرق اختيار الأدوات المالية المناسبة، وكذلك احكام الرقابة علي السوق تماما، ومنع تسريب بعض المعلومات التي تنتشر في السوق، وهو ما يحتاج إلي تغليظ العقوبات، وننتظر من الدكتور هاني سري الدين الإعلان عن مشروع قانون جديد لسوق المال ينقل البورصة المصرية إلي مصاف البورصات الصاعدة القوية التي تقف علي أرضية تشريعية وبيئة استثمارية صلبة. وكل التحية لرئيس البورصة ماجد شوقي ورئيس الهيئة الدكتور هاني سري الدين بعد ان واجها مطبات صعبة خلال العام الحالي بصلابة وننتظر الأفضل عام 2007. [email protected]