استعرضت بعض المواقع علي الانترنت اَراء البعض في الحكم الصادر ضد صدام حسين الرئيس المخلوع الذي صدر ضده حكم بالإعدام شنقا. الاَراء متباينة للغاية وفيها استقطاب شديد.. فيها من يصف الرئيس المحكوم عليه بالبطل، وفيها من يؤكد عليه صفة الإجرام. الغريب حقا أن معظم الاَراء الصادرة عن عراقيين حسب التقرير تؤيد الحكم وتجده مبررا، أما المدافعون عن صدام فغالبيتهم من الدول العربية الأخري المجاورة للعراق. وربما يعكس ذلك إذا كان صحيحا اختلاف الظروف التي تحدد كيف يري المراقب الرئيس المخلوع.. فالمراقب من داخل العراق يلاحظ أكثر ما تعرض له الشعب العراقي من قهر في عهد صدام وحتي الذي يدافع عنه من العراقيين يبرر ذلك بأنه كان في حرب دائمة ضد الميليشيات المتمردة في الشمال والجنوب يقصد ضد الشيعة والأكراد. وأما المدافعون عن صدام من خارج العراق فربما تغلبت عليهم الحملة الدعائية التي قام بها النظام العراقي علي مر ثلاثة عقود بدءا من تصديه للحرب ضد الثورة الإيرانية التي تسعي إلي تصدير أيديولوجيتها إلي المنطقة العربية أي إن صدام كان حارس البوابة الشرقية للوطن العربي. وكان صدام ونظامه يزايدان باستمرار علي محاولات الصلح بين العرب وإسرائيل ويرفضان المحاولات السلمية لإنهاء النزاع في الأراضي الفلسطينية ومن هنا اكسبت الممارسة الإسرائيلية صدام شهرة عربية بوصفه مناضلا قوميا ضد إيران من جهة وضد إسرائيل من جهة أخري. وظلت الدعاية البعثية السخية قوية للغاية ومؤثرة في وسائل الإعلام العربية لدرجة أن البعض في الوسائل العربية لم ير غضاضة في غزو العراق للكويت ووجد لذلك مبررا علي مر السنوات منذ تلك الحادثة المشئومة في أغسطس 1990 وحتي الاَن. وليس سرا أن مزايدة البعث العراقي علي الموقف السوري من القضية الفلسطينية حال دون اتفاق وشيك علي إنهاء احتلال الجولان تبلور أكثر من مرة خلال مسيرة المفاوضات السلمية.. ولكن الموافقة النظرية كانت تجهض المحاولات في كل مرة. الدعاية التي قام بها صدام حسين ونظامه في الوطن العربي خلال فترة حكمه رسمت صورة بطولية له ووضعته في مصاف الزعماء القوميين لدرجة أن أحدا لم يلتفت مطلقا لما حدث في العراق ولما يحدث الاَن فيه، وما كان يحدث لولا حماقة نظام حكم مستبد لا يري أبعد من قدميه ولا يعرف سوي تلقين الشعب لغة الدم والانتقام.. وها هم جميعا يدفعون الثمن بلا استثناء.