أعلنت الحكومة البريطانية في مطلع أكتوبر الحالي عن وضع حد أدني للأجور يشمل جميع الصناعات في بريطانيا بعد أن كان الأمر قاصرا فيما سبق علي عدد قليل من الصناعات ويبلغ الحد الأدني الجديد للأجور 5.35 جنيه استرليني (10.08 دولار) في الساعة وتقول مجلة "الايكونوميست" إن حكومة حزب العمال تغازل الناخبين مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية. وخلال الحملة الانتخابية لعام 1997 أعلن حزب المحافظين أن وضع حد أدني للأجور سوف يدمر فرص العمل ويزيد من معدلات البطالة وقال خبراء اقتصاد المئات الآلاف من الناس سوف يفقدون أعمالهم ومع ذلك فقد تم اقرار فكرة الحد الأدني للأجور بعد ذلك بعامين أي في عام 1999 دون أن يحدث ما حذر المحافظون من امكان حدوثه. ولكن ما يثير القلق ليس فكرة الحد الأدني للأجور في حد ذاتها وإنما تصاعد هذا الحد الأدني علي نحو غير مسبوق ففي ابريل 1999 عندما تقرر الحد الأدني للأجور لأول مرة كان أجر العامل البالغ من العمر 22 عاما لا يتجاوز 3.60 جنيه استرليني في الساعة وبعد ثمانية عشر شهرا من هذا التاريخ ارتفع الحد الأدني للأجور 10 بنسات ليصبح 3.70 جنيه استرليني في الساعة وقد كان الحد الأدني للأجور يمثل عند هذا المستوي 36% فقط من المتوسط العام للأجور في بريطانيا وأكثر من ذلك فإن العمال من 18 21 عاما كان لهم حد أدني مختلفاً للأجور بدأ عام 1999 عند 3 جنيهات استرلينية للساعة ثم ارتفع إلي 3.20 جنيه استرليني في أكتوبر عام 2000. والحقيقة أن تواضع مستوي الحد الأدني للأجور يعني أن العمال الذين سوف يستفيدون منه عددهم محدود وقد ظنت لجنة تحديد الحد الأدني للأجور أن عدد المستفيدين في حدود مليوني عامل ولكن عدد من استفادوا بالفعل كان في حدود المليون عامل فقط وهو الأمر الذي حد من امكانية فقد العمال لوظائفهم. وبعد فترة الريبة الأولي أصبحت الحكومة العمالية أكثر جرأة حيث إن نسبة الزيادة الأخيرة في الحد الأدني للأجور قد بلغت 6% وكانت الحكومة قد زادته في العام الماضي بنسبة 4.4% فقط وتجدر الاشارة إلي أن نسبة الزيادة في الحد الأدني للأجور بلغت 49% منذ عام 1999 حتي الآن في حين أن نسبة الزيادة في المتوسط العام للأجور خلال نفس الفترة لم تتجاوز ال32% ونتيجة لذلك فقد أصبح الحد الأدني للأجور يمثل 41% من المتوسط العام للأجور بعد أن كان 36% فقط منذ 7 سنوات عند اقراره لأول مرة. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن هذا النهج البريطاني يختلف تماما عما حدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال السنوات العشر الأخيرة تقريبا حيث ظل الحد الأدني الفيدرالي للأجور ثابتا عند 5.15 دولار للساعة بنسبة 27% فقط من المتوسط العام للأجور في السوق الأمريكي عدا من يعملون في الزراعة ولدي الحكومة الفيدرالية. ورغم أن اللجنة البريطانية المختصة بتحديد الحد الأدني للأجور قد اعترفت بأنها لن تعود إلي زيادته بأسرع من زيادة المتوسط العام للأجور إلا أن الخوف الحقيقي يكمن في أن الحد الأدني للأجور في بريطانيا قد ارتفع بالفعل إلي درجة تهدد مستوي التشغيل بل وتهدد أيضا القدرة التنافسية للشركات البريطانيا وكان اتحاد الصناعات البريطاني قد أعلن يوم 24 سبتمبر الماضي أن كثيرا من الصناعات بما في ذلك متاجر التجزئة تعاني من الوفاء بالحد الأدني للأجور حتي قبل زيادته الأخيرة ومنذ أيام أعلنت الغرفة التجارية البريطانية أن الزيادة الأخيرة في الحد الأدني للأجور ستكون مشكلة بالنسبة لكل الشركات. وتجدر الاشارة إلي أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كانت قد أعلنت في دراسة اصدرتها أخيرا أن تحديد حد أدني معتدل للأجور لا يمثل مشكلة سواء للشركات ومستوي التشغيل ومعدل البطالة ولكن الزيادة الأخيرة في بريطانيا قد تجاوزت حدود الاعتدال.