إذا كان شهر رمضان يمثل للمسلمين "موسما" للعبادة والاستغفار والتقرب الي الله والتوسع في اعمال الخير والعطف علي الفقراء والمساكين فانه يمثل للعديد من التجار فرصة ذهبية لرفع اسعار السلع وتعويض الخسائر وجني المزيد من المكاسب علي حساب المواطنين البسطاء.. الذين خرجوا لتوهم من معركة الدراسة والدروس الخصوصية والمستنزفين من "تكاليف" الاجازة الصيفية خاصة المصايف بل بدأوا دون هوادة عاما دراسيا جديدا بما يمثله من أعباء جديدة من ملابس مدرسية جديدة ومصاريف المدارس والجامعات ومستلزمات الدراسة وتنفيذ قائمة المطالب الدراسية المعتادة التي تشمل ايضا تزيين الفصول، والتبرع الاختياري لصيانة وتجميل المدارس احيانا. وهؤلاء ايضا تنتظرهم مصاريف جديدة بعد ايام عندما "يهّل" عيد الفطر المبارك الذي نخصص له ميزانية استثنائية تشمل بجانب الملابس والهدايا.. كعك العيد وترميم وتجميل "البيوت". اي ان المواطن المصري يجد نفسه في بعض اوقات السنة مطالبا بتدبير موارد مالية للانفاق علي مناسبات ومواسم ومواجهة اعباء ضرورية وسد احتياجات اسرته المتزايدة في الوقت الذي ينمو فيه دخله ببطء فيضطر الي ترشيد نفقاته والاهتمام بالاولويات الضرورية ويدير امور معيشته وكأنه "يمشي علي الحبل" دون ان تشعر به الحكومة أو يرحمه التجار الكبار، بل ان هناك من تزداد عليه الضغوط ويعجز عن تدبير النفقات المتلاحقة له ولاسرته فاما ينتحر او يطفش او يطلق زوجته او يرتكب جريمة.. وقد شهدت السنوات الاخيرة احداثا من هذا النوع. من اصعب الامور اري المواطن البسيط عاجزا عن توفير احتياجات اسرته وتلبية مطالب اولاده، بل انه يشعر بالعجز والحسرة عندما لا يجد من يهتم به من المسئولين ويسمع ويقرأ دائما تصريحات موسمية مستهلكة من عينة "توفير السلع الرمضانية باسعار مناسبة- وتشديد الرقابة علي منافذ الاسواق وردع جشع التجار، وغيرها من الكلمات والقرارات فارغة المضمون التي لا تدعم بآليات فعالة لتنفيذها او جهة مسئولة يلجأ المتضرر اليها. ومما يزيد الطين بلة هو شعور المواطن بان هناك بجانب الحكومة من لا يشعر به ويشارك في استنزافه واستغلاله بل وانتهاكه دون مراعاة لظروف اقتصادية صعبة او اوضاع معيشية معقدة فقد اصبح التاجر الجشع الذي يساعد في تفاقم الاوضاع المعيشية للمواطن دون وجه حق ويستلب امواله دون مقابل هو عدوه الاول لا سيما اذا كان هناك شعور بانه لا احد يحاسب هؤلاء التجار "الجشعين" قليلي الذمة وعاشقي المكسب الحرام.. فاتحاد الغرف التجارية نائم في العسل وليست لديه سلطة في محاسبة التجار بل واعضاء الغرف يكسبون ود التجار من اجل "الانتخابات" والاستمرار في المناصب وحصد المغانم.. كما ان قانون حماية المستهلك اصبح قانونا بلا انياب لاسيما ان الحكومة لم تصدر لائحته التنفيذية حتي الان لاسباب مجهولة ومريبة ولا ادري اذا لم تصدر الحكومة اللائحة الان في ظل هذا الارتفاع الرهيب للاسعار خاصة في موسم رمضان والاعياد.. فمتي ستصدر وتطبق تلك اللائحة؟ بل ان الحكومة تتحجج بحجج واهية من اجل رفع ايديها عن مراقبة الاسعار وضبط الاسواق وردع جشع التجار بل وفرض تسعيرة جبرية بقولها اننا في سوق حرة وان اقتصاديات السوق تتطلب تحديد اسعار السلع وفق آليات العرض والطلب علي السلع وبالطبع هذا كلام حق يراد به باطل.. فهل نحن طبقنا كل مبادئ "الليبرالية الاقتصادية" حتي نترك التجار ليلتهموا المواطنين.. وكيف نطبق تلك الآليات في قانون حماية مستهلك مشلول وبلا لائحة وجمعيات حقوق مستهلك مشلولة ومجهولة ولا تجد من يحميها.. وللحديث بقية.