كل ما يقال عن شركة فورد موتور في هذه الأيام يشير إلي أن الأمور فيها صارت كئيبة.. فقد هبط عليها بالبارشوت رئيس تنفيذي جديد هو اَلان مولالي قادما من شركة "بوينج" ويفترض أنه مسلح بكل السلطات التي تمكنه من إنقاذ فورد مما تتكبده من خسائر.. ولكن الشركة في نفس الوقت تعرض أحد أقسامها الفاخرة وهو "استون مارتن" للبيع وسوف يتبعه قريبا كل من "جاجوار" و"لاند روفر". وتقول مجلة "تايم" إن وول ستريت أيضا فقدت ثقتها في شركة فورد فهبط سعر سهمها منذ أيام إلي 8.77 دولار بعد أن كان سعره قد تحسن قليلا، وفي خطة فورد الجديدة المتوقع إعلانها خلال أيام سيتم الاستغناء عن مزيد من العمالة وإغلاق المزيد من المصانع علما بأنه قد تم حتي الاَن إغلاق 14 مصنعا وجار الاستغناء عن 30 ألف عامل. أما عن كفاءة سيارات فورد فحدث ولا حرج، وعلي سبيل المثال فإن السيارة أوريجون صار ينقصها الكثير من الأساسيات فليس فيها حتي مسند لإراحة الذراع والناس لا تصدق أن هذا هو ما اَل إليه حال سيارات شركة عملاقة مثل فورد موتور. ومع ذلك إصلاح شركة فورد ليس مستحيلا وهناك سوابق كثيرة مشجعة فشركة كرايزلر نهضت من كبوتها علي يد ديترزيتش الذي ركز علي تميز التصميم وكفاءة الإدارة وأصبح الاَن نجما من نجوم التليفزيون بسبب إنجازاته في كرايزلر. ونيسان اليابانية كانت علي وشك الإفلاس عندما قفز كارلوس غصن إلي مقعد القيادة وغير أحوالها من النقيض إلي النقيض. وما ينبغي أن نتعلمه من تجربة كرايزلر ونيسان هو ضرورة الاهتمام بجودة السيارة لكي تتحول الخسارة إلي مكاسب.. ويقول ريك واجونير الرئيس التنفيذي لجنرال موتورز أن إنقاذ أية شركة سيارات لا يمكن أن ينجح بدون سلسلة متتابعة من الموديلات القوية يتم طرحها تباعا في الأسواق.. ولعلنا نذكر هنا أن واجونير يحاول أن يفعل نفس الشيء في جنرال موتورز ولكنه لم يحقق نجاحا حاسما حتي الاَن فنتائج عمله لاتزال مختلطة. والحقيقة أن فورد لا تعاني نقص خبرة عمالها فلديها العشرات بل المئات من كبار المصممين والمهندسين ذوي المهارة.. وقد ظهرت كفاءتهم واضحة بالفعل في بعض الموديلات مثل السيارة موستانج والسيارة ميركيوري ميلان والسيارة فورد فوشون وكلها سيارات ناجحة في الأسواق.. كما أصبحت فورد أول شركة سيارات أمريكية تنتج سيارة مخلطة من طراز سيوفان. ولكن ما تحتاجه فورد موتور في تقدير مجلة "تايم" هو قيادة من نوع رابط الجأش وشديد المراس وذي خبرة في صراعات القوة وحل المشكلات الإدارية. ولم يكن بيل فورد هو ذلك الرجل.. فالهيئة المسئولة عن تطوير سيارات فورد قد أعيد تنظيمها أكثر من 6 مرات منذ حقبة تسعينيات القرن الماضي. وقد كانت هذه نقطة ضعف معروفة منذ سنوات ولكن كان هناك من يري أن فورد تكسب وأنها مادامت تكسب فليس هناك مشكلة.. وقد يكون صحيحا أن مكاسب فورد في التسعينيات بلغت 40 مليار دولار ولكن إنفاق هذه المكاسب لم يكن رشيدا.. فقد ركزت فورد استثماراتها علي السيارات النصف نقل وسيارات السيوفان وتركت الباقي لتفوز به الشركات اليابانية والكورية المنافسة، والمدهش أن فورد الاَن صارت تعتمد علي قواعد إنتاج من صنع مازدا وفولفو بعد أن كانت هي أول من ابتكر قواعد إنتاج السيارات. لقد أعلن مولالي قبل التحاقه بفورد أن هذه الشركة صار ينقصها الابتكار وهو محق في ذلك.. وعلينا الاَن أن ننتظر ما سيفعله الرجل بعد أن تولي قيادتها.. إن هناك من يقول إنه سيجعلها مثل تويوتا أنجح وأكبر شركات السيارات في العالم ولكن ذلك علي أية حال سوف يحتاج إلي وقت يأمل الكثيرون ألا يطول.