ذهب صاحبنا الي هذا المعرض الشهير الذي زاره كثيرا والذي يعرف أصحابه ومالكه جيدا وانهم من خيار الناس ومن رجال الأعمال الناجحين ومن الأشخاص ذوي الحيثية الاجتماعية والثقافية. استقبله مدير المعرض بكل ترحاب وكذلك معاونيه ورفقه في المرور علي أقسام المعرض المختلفة في ذلك المبني الجميل الذي تحيط به الخضرة وتتعدد فيه الأدوار والذي حرص مصمموه علي وجود جراج أمامه يستوعب سيارات الزبائن وهذا أمر بالغ الأهمية. تجول صاحبنا في مختلف الأدوار والأقسام واختار ما راق له وما احتاج إليه وأبدي إعجابه الشديد بجودة المعروضات وملائمة السعر وسجل كل التقدير للعاملين ولأصحاب المشروع الذين تفضلوا بمنحه خصما خاصا. الأمور تسير علي ما يرام وصاحبنا سعيد بما اشتراه أكثر بالمعاملة الطيبة التي تعود عليها من كل العاملين بالمعرض وهم في الحقيقة أكفاء وبالغو الروعة.. ولكي يعيش معنا القارئ الموقف عن قرب دعنا نصف له هذا المبني الأنيق الذي خصص فيه دور مستقيل لكل نوعية من المنتجات التي هو منها ما هو صناعة مصرية عالية الجودة ومنها ما هو مستورد حتي يجد الزبائن علي اختلاف مشاربهم ما يروق لهم.. كل شيء جميل الناس والمبني والبضاعة ولكن يا عزيزي عندما حان استخراج الفاتورة اصطدم صاحبنا بالمثل المصري الشهير "الحلو ما يكملش" فالنظام الحسابي والمحاسبي بالغ البطء وينطوي علي أخطاء ولا يتلاءم مع روعة المكان وروعة الناس وروعة البضاعة.. نعم إنه النظام وسوف تتعجب يا عزيزي القارئ عندما تعلم أنه نظام يتم تشغيله من خلال الحاسب الآلي أو كما نقول Computerize صاحبنا متخصص في عالم المحاسبة والاقتصاد مما جعله يعلن لمدير المعرض ومساعديه عن دهشته للنظام المستخدم وللوقت الذي يستغرقه إعداد الفواتير من خلال هذا النظام والأخطاء التي يمكن أن تنطوي عليه تلك الفواتير وصعوبة التصحيح فيها وطول الإجراءات الكتابية والورقية للدرجة التي تجعل تطبيق النظام بالطريقة اليدوية أدق وأسرع وهذا أمرا غريبا. هل المشكلة في الأجهزة "أجهزة الكمبيوتر" (الهارد وير" Hard Wear أم في نظام التشغيل "السوفت وير" Soft Wear أم في البشر والناس المشغلين.. الحقيقة التي أندهش لها صاحبنا أنه عندما اكتشف الأخطاء التي ينطوي عليها النظام وشرحها لمدير المعرض واتفق معه مدير المعرض عليها إلا أنه قال أن هذا نظام مبرمج علي الكمبيوتر ولا نملك التعديل فيه.. فقال له صاحبنا يا عزيزي أنا لا أطلب منك تعديلا الآن كل ما أطلبه أن تنبه المسئولين عن النظام إلي ما ينطوي عليه من مشكلات وما يسببه للعملاء من ازعاج وما ينطوي عليه من عيوب اشارا إليها فقال المدير بكل أدب واحترام سأفعل إن شاء الله وأضاف قائلا لصاحبنا أود أن أطمئنك أنا بصدد عمل نظام جديد مع شركة من الشركات الكبري المتخصصة في هذا المجال تعمل علي ربط مختلف الأقسام ومختلف المنتجات ومختلف الفروع وجميع المخازن والنظام المالي في شبكة واحدة وهو قد كلفنا الكثير فعقب صاحبنا علي ما قاله مدير المعرض أن هذا أمر طيب واستثمار في مجاله إذا أحسنا استخدامه وإذا كان له مردود ملحوظ علي العملاء والزبائن. وانصرف صاحبنا وهو يستغرب كيف يفوت علينا بعض البديهيات في مجال المال والأعمال ونهتم بكل شيء ولا نلقي بالا لهذه البديهيات. أيها السادة إن النظام في أي موقع وفي أي مجال هو القائد الحقيقي والمدير الذي لا نراه فإن كان كفأ ومتطورا أدي إلي النجاح وإذا كان علي خلاف ذلك فسيؤدي إلي الإحباط والفشل مهما اكتملت العناصر الأخري. وقرر صاحبنا أن يكتب في هذا الموضوع لثلاثة اعتبارات مهمة: الاعتبار الأول: تلك السمعة التي صاحبت الأخطاء الفادحة في فواتير التليفون والكهرباء وبعض حسابات البنوك والتي يقال كثيرا في تبريرها انها من أخطاء الكمبيوتر والحقيقة أننا نظلم الكمبيوتر فهو يعطينا ما نزوده به وهذه المقولة يجب أن نضع حدا لاستخدامها لأنها تنطوي علي خطيئة وليس خطأ. والاعتبار الثاني: أنه يصعب علي الإنسان أن يري النجاح يتحول إلي فشل بسبب أعمال معاونة أو مساعدة لا علاقة لها بالمنتجات أو التسويق أو فنون البيع أو غيرها من أساسيات النجاح فيأتي نظام مالي أو نظام إداري لكي يغتال هذه النجاحات ويعصف بها بلا مبرر وهذا ما يجب أن ننتبه إليه وأن نصححه. أما الاعتبار الثالث: هو اعتبار شخصي بحت مبعثه حب صاحبنا للمكان وأصحابه ومنتجاته والعاملين به وحرصه علي أن يأتي نظام الكمبيوتر أو النظام المالي متواكبا مع هذا كله لأنه حرام أن يبقي الأمر علي حاله وليس في إصلاحه مشقة ولا يحتاج إلي عبقرية فقط يحتاج إلي اهتمام وكثيرا ما يكون الاهتمام هو العنصر الغائب في معادلة النجاح وهذا ما يجعلنا نصرخ ونقول أيها السادة انتبهوا يرحمنا ويرحمكم الله.