جاء قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي صدر فجر السبت الماضي وتم التصويت عليه بالاجماع، جاء ببنود كان لابد للطرف العربي ان يتحفظ عليها، ولهذا ورغم ان قطر - العضو العربي الوحيد بالمجلس - قد صوتت عليه إلا أن وزير خارجيتها حمد بن جاسم أبدي تحفظات عليه عندما أكد بأن بنوده تفتقر إلي التوازن وانه لم يتطرق بشكل واضح إلي ويلات الدمار التي تسبب فيها العدوان الاسرائيلي ولا إلي مسئولية اسرائيل عن هذا الدمار، ولم يعالج قضية الأسري اللبنانيين بشكل متوازن عندما طالب بتسليم الجنديين الاسرائيليين دون شروط. مكره أخاك لا بطل ورغم ذلك رأت قطر انه كان يتعين علي العرب القبول بالقرار من أجل حقن الدماء ووضع حد لهذا العدوان الوحشي الذي استهدفت اسرائيل من خلاله المدنيين اللبنانيين وكأن لسان حال العرب يقول "مكره أخاك لا بطل" وعليه جري القبول بالقرار 1701 رغم ما يتضمنه من انتهاكات للقانون الدولي ولميثاق الأممالمتحدة ومنها الفقرة الثانية فيه والتي تحمل لبنان مسئولية كل ما حدث، وفي المقابل لم تحمل اسرائيل أية مسئولية علي ويلات الدمار والقتل الذي خلفته في لبنان. وبالتالي تستطيع اسرائيل ومن خلال هذا القرار أن تطالب بتعويضات عما حدث لها من جراء هذه الحرب..!! تبرئة الجلاد..!! كان القرار 1701 بعيداً عن العدل والانصاف يبرئ الجلاد ويتهم الضحية، فاسرائيل هي التي قامت بالعدوان الواسع عندما تجاوزت الخط الأزرق واعتدت علي لبنان بحراً وجواً وبراً واستهدفت الأبنية والجسور والطرق وقصفت المواطنين وارتكبت المجازر، وما فعلته المقاومة ممثلة في حزب الله هو رد فعل لما قامت به اسرائيل.. ومن ثم لا يمكن ان تحمل لبنان المسئولية بسبب عملية محدودة قامت بها المقاومة ابتداء عندما أسرت جنديين اسرائيليين بينما لا يوجه لوم إلي اسرائيل رغم سياسة القتل وتدمير البنية التحتية وارتكابها جرائم حرب، والأدهي من ذلك ان ينظر لما ترتكبه علي انه حق طبيعي لها ودفاع عن النفس كما قال بوش..! شرعية سلاح المقاومة أمر آخر أغفله القرار وهو موضوع "شبعا"، والتي كان لابد من الاقرار بأنها أراض محتلة ويتعين علي اسرائيل الانسحاب منها خاصة أن الابقاء عليها تحت الاحتلال من شأنه أن يمنح الشرعية لسلاح المقاومة ويعطي المبرر لحزب الله بعدم نزعه، ويؤخذ علي القرار 1701 انه لم يعلن وقفا شاملا لاطلاق النار وانسحابا فوريا لاسرائيل وانما اعلن وقفاً لما أسماه بالعمليات العسكرية، متبعا في ذلك المنهج الامريكي في امهال اسرائيل فترة أخري لمواصلة عدوانها.. وكأني باسرائيل قد فهمت منطوق الرسالة من أن هذا يعطيها الحق في الاستمرار في العمل العسكري الميداني ضد المقاومة واعتباره دفاعاً عن النفس من أجل تحقيق انجازات علي الأرض لم تستطع أن تحققها خلال شهر كامل. قرار لخدمة إسرائيل لقد تعمد القرار 1701 ان يمنح مدي زمنياً قبل الوصول إلي وقف لاطلاق النار وأعطي انطباعا وكأن هذه المهلة مرتبطة بتجهيز قوة الطوارئ الدولية والتي يتوقع ان تستغرق وقتاً قبل ان يتم نشرها مع نشر القوات اللبنانية، هذا بالاضافة إلي ان القرار المذكور لم يضع آلية لتنفيذ سريع لانسحاب القوات الاسرائيلية التي كانت تحاول استغلال الوقت لتنفيذ المزيد من عملياتها في محاولة لاستئصال عناصر حزب الله قبل ان تنسحب والقرار بذلك يحاول خدمة اسرائيل فالجيش الاسرائيلي يشعر بصدمة كبيرة من نتائج المجابهة مع حزب الله ولذلك رأيناه يفرض علي أولمرت اتخاذ قرار بتوسيع العمليات البرية لتعويض العجز الذي مني به خلال شهر كامل، وكأن اسرائيل بذلك تحاول تعويض الهزيمة والوصول إلي نهر الليطاني ولهذا شرعت في مواصلة العمليات العسكرية وتوغلت في الأرض اللبنانية في أعقاب صدور القرار 1701 وهذا كله كي تفرض واقعاً علي الأرض قبل ان يدخل القرار حيز التنفيذ. إسقاط الفصل السابع أما الايجابيات الواردة في القرار 1701 فتنحصر في انه تجنب الحديث عن انشاء قوة دولية متعددة الجنسيات تستند في أداء مهامها علي الفصل السابع من الميثاق، فالقوة التي ستتمركز في الجنوب هي قوة طوارئ ولا تستند في أداء مهامها علي الفصل السابع وانما تستند علي الفصل السادس إي انها غير مفوضة باستخدام القوة وهناك ايجابية اخري تضمنها القرار وهي المطالبة بتسليم خريطة الالغام وتحديد الحدود عملا بقرار الهدنة 1949. وانتصر حزب الله لقد كشفت هذه الحرب يمكن للمجتمع الدولي ان يكون بطيئاً بل وغائباً عن الساحة او متواطئاً مع الدول الكبري، ومن ثم مارس الصمت ازاء مشهد سفك الدماء والابادة والدمار الذي نفذته اسرائيل في لبنان، وهو المشهد الذي أرادت كونداليزا له ان يكون أرضيه لشرق أوسط جديد، انها حرب أمريكية صرفة وجدت اسرائيل فيها كل ما تحتاج إليه خاصة تحقيق الهدف وهو القضاء علي المقاومة البطلة، ولكن خاب فألها فالسياسة التي اتبعها حزب الله أعانت علي تعزيز المقاومة أكثر وأكثر خاصة مع ما قدمه حزب الله من نموذج مشرف أعاد ثقة الناس بقدرة المقاومة علي مجابهة الاعداء وايقاع الهزيمة بهم.