فور ضربة شواهق نيويورك في 11 سبتمبر قبل خمسة أعوام، كهرب تيار الرعب أعصاب الإدارة الأمريكية.. ساد الاعتقاد لدي البيت الأبيض أنها ليست الضربة الأولي والأخيرة.. وتوالت معلومات الأمن القومي والمخابرات، تؤكد أن القاعدة سوف تعاود خلال أسابيع ضرب مترو أنفاق نيويورك بالغازات السامة ضربة إبادة! رون سكند الكاتب بصحيفة الوول ستريت جورنال، تابع قصة الرعب من بدايتها حتي الآن، وسجلها في كتاب بعنوان: عقيدة ال 1% "The one percent Doctrine".. تصدره مؤسسة سايمون وشستر خلال أيام.. وننفرد مع مجلة تايم بمتابعة قصة الكتاب المثيرة التي يشيب لها ريش الغراب! اجتماع مهم، ذلك الحين، في "غرفة المواقف" بالبيت الأبيض.. معلومات عاجلة ومهمة يعرضها في تلخيص جورج تنت مدير المخابرات المركزية علي ديك تشيني نائب الرئيس، في حضور مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس، تؤكد أن أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري، عقدا اجتماعا ليليا مع أحد علماء الذرة الباكستانيين في أحد المعسكرات بمحافظة قندهار.. وحول راكية النار دار الحوار في صميم قدرات القاعدة لصناعة سلاح نووي بخبرة باكستانية! أخذت المعلومات اهتمام نائب الرئيس، وقرر ضرورة العناية بهذا التهديد الجديد، باعتباره: "احتمالا ضعيفا.. له أثر خطير"! وأضاف: "إن رد فعلنا علي هذا التهديد ينبغي أن يكون يقينيا، وملزما للإدارة الأمريكية علي مدي السنوات المقبلة"! وفي تركيز علي الاتصالات اللاسلكية في شبه الجزيرة العربية، التقطت أجهزة المخابرات الأمريكية إشارة باسم: السيف خفيف الحركة "swift sword".. كشفت الاتصالات التالية انه ممثل القاعدة في السعودية.. وانه يقود مجموعة من الخلايا السرية المنتشرة في شبه الجزيرة العربية!.. وفي يوم وصلته رسالة مهمة من بن لادن.. منطوقها: "استهدف بتركيز خاص عمليات قلب نظام الحكم".. تلتها رسائل أكثر تحديدا: "اقتل أعضاء الأسرة المالكة.. دمر حقول البترول"! وصلت الرسائل إلي صانع السياسة الأمريكي.. مبني ومعني.. تدمير حقول البترول يعني حرمان الولاياتالمتحدة من 15% من استهلاكها اليومي.. ووقف دعم واشنطن للنظام السعودي وغيره من الأنظمة العربية يسهل القضاء عليها بانتفاضات شعبية! في إيجازات سريعة نقل مدير المخابرات المركزية مضمون الرسائل الأخيرة إلي ديك تشيني، والرئيس بوش.. ثم انتقل مع معاونيه إلي قصر الأمير بندر بن سلطان سفير السعودية، في شمال فرجينيا.. بادره: "أخبار سيئة!.. بن لادن غير مركز توجهه ونشاطه.. أصبح يستهدفكم كأسرة مالكة"!.. رد بندر من فرط الاهتمام: "هل استطيع أن أري نصوص برقيات عملائكم في المنطقة؟".. أجابه تنت: "لا أستطيع.. لكني سأحيطك علما بكل ما تريد معرفته"! هذه اللعبة القاتلة..! حدث هذا في 13 فبراير 2003.. جماعة من أهل البحرين تقلهم سيارة قادمة من السعودية إلي المنامة عبر كوبري الملك فهد علي الخليج.. قبضت عليهم شرطة البحرين، بترتيب خاص مع المخابرات المركزية الأمريكية.. ثبت ان بعضهم من الجهاديين. صادروا متعلقاتهم. وفتشوا بيوتهم في المنامة، أحد الجهاديين، واسمه بسام بواخدة، خبير في الالكترونيات.. اكتشفوا علي جهاز الكمبيوتر في منزله تصميما لجهاز غريب، اسمه: المختبر، تبين انه جهاز للتفاعل الكيميائي: تضع فيه الصوديوم سيانايد، وهو المادة الأساسية لسم الفئران.. وبعض الهيدروجين بنسب معينة.. فينتج غاز الهيدروجين سيانايد.. وهو غاز سام لا لون له، استنشاقه يؤدي إلي الوفاة! تبين أن الإرهابي رمزي يوسف كان يعد لبث غاز الهيدروجين سيانايد في أنابيب التهوية لمبني مركز التجارة العالمي في نيويورك قبل تفجيره سنة 1993.. وهو نفس الغاز الذي أطلقته منظمة يوم الحساب "Doomsday" اليابانية في قطارات الانفاق بطوكيو سنة 1995.. وراح ضحيته 12 قتيلا و5000 مصاب! وأكثر استعمالاته فظاعة عندما استخدمه النازيون في معسكرات الاعتقال! بتعليمات من جورج تنت، تم عمل جهاز "مختبر" مثيل.. وأجريت عليه تجارب تشغيل.. وأبدي جون مكلوجلين نائب مدير المخابرات المركزية ملاحظة مهمة علي تصميم الجهاز: "انه دقيق الحجم.. لدرجة انه يمكن حمله في حقيبة ظهر صغيرة، أو كيس مشتروات، دون أن يثير أي شبهات! وهتف تنت وكأنه يحدث نفسه: "لابد أن يري الرئيس هذه اللعبة القاتلة"! في القاعدة.. جاسوس! سبق تنت مجموعة رجاله إلي المكتب البيضاوي ليعطي الرئيس بوش موجزا سريعا عن موضوع "المختبر".. تقليد رئاسي، لكي يبدو الرئيس أثناء الاجتماع متمكنا وفي قلب الصورة.. ثم دخل الجميع، وضع أحدهم جهاز المختبر علي مائدة جانبية.. انفلت بوش من الجميع ليمسك بالمختبر بيد واحدة وكأنه يزن ثقله.. ثم تمتم مفجوعا: "هذا شيء مثل كوابيس الليل"! وبدأ أحد ضباط المخابرات يحاضر الرئيس والجميع حول المختبر: بساطة تشغيله، قدرته علي نشر الموت في أي مكان مغلق، خاصة محطات قطار الانفاق وعرباته.. وخلص في جملة واحدة إلي أن المختبر كسلاح في عالم الإرهاب يضاهي تفتيت الذرة في تسليح الجيوش! وعلي الفور أعطي بوش توجيها بتعميم تجربة الجهاز أمام جميع أجهزة الأمن والمخابرات وارسال تنبيهات بذلك alerts إلي المسئولين في أجهزة الحكومة! في أوراق بسام بواخدة عثرت الشرطة البحرينية علي رقم تليفون في السعودية.. داهمت الشرطة السعودية أصحاب التليفون في الرياض وقبضت علي ثلاثة من الاسلاميين المتطرفين.. تبين ان لهم صلة تنظيمية بثلاثة آخرين تم القبض عليهم كذلك! جميعهم اسلاميون متطرفون أعيوا المحققين السعوديين بتكافلهم والتزامهم الصمت والسرية والاجابة عن الأسئلة بأسئلة أخري! ضابط بالمخابرات المركزية شارك في التحقيقات يعلق: "كأنهم رجال دين.. وأصعب الأمور ان تحقق مع رجل دين!". انما الثابت من واقع الحال والزقول أن بسام بواخدة والثلاثي البحريني كانوا علي صلة تنظيمية وثيقة بكل من الثلاثيين السعوديين! لكن صلة لم تثبت بين الجميع وبين تنظيمات الجهاد الاخري التي تطاردها المخابرات السعودية.. كذلك لم تثبت أي صلة لهم بشخصية "السيف خفيف الحركة" الذي تكرر ذكر اسمه في الاتصالات التي سجلتها وكالة الأمن القومي الامريكية! ظل الرئيس بوش يتصل كل صباح بجورج تنت: "هل من جديد عن المختبر.. يرد مدير المخابرات الامريكية: "ليس كثيرا سيدي الرئيس.. لكننا نفعل كل ما نستطيع لنكشف شخصياتهم ومكنون أسرارهم"! مارس 2003 غزو العراق لكن رغم مشاغل الغزو ومشاكله لم يفتر اهتمام البيت الأبيض ووكالة ال CIA بمتابعة المختبر ومن وراءه.. وتم الاتصال بحكومتي السعودية والبحرين لابلاغهم رسالة مهمة: "نحن مهتمون بقضية الثلاثيات الثلاثة.. نرجوكم ألا تطلقوا سراحهم"!! الظاهر المعترف به ان المخابرات المركزية ليس لها عين بشرية داخل تنظيم القاعدة في أفغانستان.. لكن الباطن مختلف تماما.. هناك عين مزروعة داخل التنظيم.. شخصية باكستانية علي صلة وثيقة بالصفوف الأولي للتنظيم.. والاسم الحركي: علي! ... ونتركك مع "الأخ علي" حتي الخميس القادم.. لنواصل التحري!