الجرائم الإرهابية الوحشية التي شهدتها سيناء خلال العامين الأخيرين أعادت تسليط الضوء بقوة علي هذا الجزء الغالي من أرض الوطن.. وعلي أهميته القصوي للأمن القومي المصري والجدل الواسع حول سبل مواجهة الارهاب في سيناء اوضح وجود اجماع واسع بين أصحاب الرأي والفكر وخبراء الاستراتيجية والأمن القومي حول محدودية فاعلية الحلول الأمنية المجردة ومخاطر التركيز الأحادي الجانب عليها في ظل التركيبة السكانية والاجتماعية لشبه الجزيرة وحدودها البرية والبحرية الطويلة والمفتوحة خاصة مع وجود اسرائيل علي الجانب الشرقي لتلك الحدود. النقاش الواسع حول قضايا الارهاب والامن في سيناء سلط الضوء مجددا علي حقائق سياسية واستراتيجية في قلب نظرية الامن القومي المصري من أبرزها ان التنمية الشاملة لشبه الجزيرة هي السبيل الاكثر نجاعة وضمانا لاستئصال شأفة الارهاب في ارض الفيروز وسد منافذه الخارجية بقدر ما أن هذه التنمية الشاملة ضرورية اصلا وبصورة مطلقة لتأمين البوابة الشرقية للوطن في مواجهة اطماع شريرة معلنة ومضمرة فلا يمكن لمصري ان ينسي ان اسرائيل قد احتلت سيناء مرتين خلال عقد واحد تقريبا (عام 1956 اثناء العدوان الثلاثي ثم عام 1967) وروي عشرات الآلاف من خيرة شباب مصر ارض سيناء المقدسة بدمائهم الزكية لكي يحرروها من دنس الاحتلال. وإذن فان قضية تعمير سيناء وتنميتها الشاملة ليست قضية حاسمة لمواجهة الارهاب علي خطورته بل انها احدي القضايا الاساسية التي تمثل صميم الامن القومي لمصر فالتنمية الشاملة لسيناء تعني فتح الباب لانتشال ملايين المصريين اليها ليحرسوها باجسادهم واذرعهم من أية مطامع وليستغلوا ثرواتها الاقتصادية الضخمة والمتنوعة وليخففوا عبء التكدس السكاني المتزايد في الدلتا والوادي. ومن هنا تبرز اهمية المقال القيم الذي ننشره اليوم والذي كتبه الخبير الجيولوجي محمد حلمي عبد الرازق وهو واحد من خبرائنا الجيولوجيين البارزين ذوي الرؤية التي يمتزج فيها العلم بحرارة حب الوطن والحلم الطموح بمستقبل أفضل له عبر الاستخدام الرشيد لثرواته وكفاءات ابنائه.. وهو أيضا أحد التلاميذ النابهين لعالمنا الجيولوجي الكبير الدكتور رشدي سعيد شيخ الجيولوجيين المصريين وصاحب السمعة الدولية المرموقة. ويركز مقال اليوم بصورة أساسية علي الجوانب الخاصة بالامكانات الضخمة لتوليد الطاقة في مشروع التنمية الشاملة لشبه جزيرة سيناء.. وهي الجوانب التي يعتبرها الكاتب الأساسي الاكثر أهمية لهذا المشروع التنموي. وتأمل "صفحة الرأي" أن يكون هذا المقال المهم فاتحة لنقاش متصل حول مختلف جوانب مشروع قومي للتنمية الشاملة لشبه جزيرة سيناء خاصة بعد اعلان الدولة عن توجهها لانشاء هيئة للتنمية الصناعية في سيناء. ونرحب بكل المساهمات حول مختلف جوانب الموضوع. "صفحة الرأي"