بعد يومين من الاجتماعات المكثفة، الثنائية ومتعددة الاطراف، مع مجتمع رجال الاعمال والمسئولين في تورنتو، وصلت بعثة مجلس الاعمال الكندي - المصري امس الي العاصمة الكندية اوتاوا. ورغم ان زيارة البعثة الي كندا تزامنت مع كشف النقاب عن "مؤامرة ارهابية" تقول اجهزة الامن ان عناصر كندية من اصول اسلامية متورطة فيها، فان ذيول الارهاب لم تنجح في احباط اجندة الوفد المصري الساعية الي تعزيز التعاون بين مصر وكندا في جميع المجالات. كما ان الاعلان عن تفاصيل جديدة لهذه "المؤامرة الارهابية"، من بينها اعتزام المتورطين في هذه العملية اجتياح البرلمان واحتجاز النواب كرهائن وقطع رأس رئيس الوزراء ستيفن هاربر، لم يمنع رئيس مجلس العموم بيتر ميليكين من الاصرار علي استقبال قيادات البعثة المصرية في مقر البرلمان كتعبير عن الاهتمام الكندي الرسمي والبرلماني بهذا الوفد المصري رفيع المستوي الذي يضم لاول مرة اثنين من الوزراء هما فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي وعثمان محمد عثمان وزير التخطيط والتنمية المحلية، الي جانب عدد من القيادات الرسمية منهم السفير عمرو حلمي نائب مساعد وزير الخارجية والدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والادارة واحمد الخادم رئيس هيئة تنشيط السياحة ووفاء صبحي وكيل اول الوزراء بالهيئة العامة للاستثمار وشاهين سراج الدين رئيس بنك التنمية الصناعية.. والمهندس معتز رسلان رئيس مجلس الاعمال الكندي - المصري، فضلا عن السفير المصري لدي كندا الدكتور محمود السعيد. كما اجتمعت البعثة مع جوزيه فيرنر وزير التعاون الدولي ووزير الفرانكفونية واللغات الرسمية، و ديانا فينلي وزيرة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والدكتور ايفان فيليجي رئيس هيئة الاحصاء بكندا. والي جانب هذه الاتصالات علي المستوي الرسمي جرت مقابلات مع العديد من القيادات العلمية والاكاديمية وعلي رأسها الدكتور ديفيد اتكينسون رئيس جامعة كارلتون، ومورين اونيل رئيسة مركز بحوث التنمية الدولية، وقيادات جامعة اوتاوا التي تضم عددا من الاكاديميين المصريين. وبالتوازي مع هذه الاجتماعات متعددة الاطراف.. عقد رجال الاعمال من الجانبين اجتماعات ثنائية تركزت علي استكشاف فرص التعاون المشترك في مختلف المجالات اوالقطاعات الاقتصادية. وكانت البعثة التي يرأسها لاول مرة اثنان من الوزراء بحكومة احمد نظيف الي جانب المهندس معتز رسلان رئيس مجلس الاعمال الكندي المصري ممثلا لرجال الاعمال، قد اختتمت نشاطها في تورنتو بحلقة نقاش شارك فيها لفيف من كبار رجال الاعمال الكنديين. وفي هذه الحلقة النقاشية قدم الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التخطيط عرضا لتطور الاقتصاد المصري في الاعوام الاخيرة، والتحسن المتواصل في مناخ الاستثمار والدور المتعاظم الذي يلعبه القطاع الخاص، المصري والاجنبي، في خطط التنمية، مشيرا الي انه جاء للاستماع الي كل الاقتراحات وابدي استعداد الحكومة لدعم ما يتم الاتفاق عليه. كما اوضحت فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولي انه لا يجب ان يقتصر الاهتمام الكندي علي امكانيات التعاون والاستثمار الهائلة المتاحة بمصر فقط، وانما يجدر الانتباه الي ان مصر هي بوابة فسيحة لدخول ثلاث قارات هي افريقيا واسيا واوروبا، الامر الذي يعطي المستثمرين الذين يأتون الي مصر للمرور الي اسواق القارات الثلاث، حيث تشارك مصر في عضوية تجمعات اقتصادية كبري مثل الكوميسا التي تضم 20 دولة في وسط وشرق افريقيا يقطنها حوالي 300 مليون نسمة، والايكواس التي تضم بلدانا في غرب افريقيا يسكنها 300 مليون نسمة اخري اي اننا نتحدث عن اسواق في افريقيا وحدها تضم ما يقرب من 600 مليون نسمة، الي جانب الاسواق العربية التي تضم 22 دولة توجد مصر في قلبها والاسواق الاوروبية التي ترتبط معها مصر باتفاقيات تسهل الدخول الي دولها الخمس والعشرين الحالية، والتي سيرتفع عددها في يناير المقبل الي 27 دولة تضم 500 مليون نسمة لتشكل اكبر سوق في العالم باسره. واختتمت فايزة أبو النجا عرضها الممتاز بالتأكيد علي شعارات مؤتمر "دافوس شرم الشيخ" بان مصر مفتوحة للمنافسة والاستثمار والتغيير قائلة اننا نعني كل حرف وكل كلمة في هذه الشعارات. ومن جانبه قال السفير عمرو حلمي ان مصر حريصة علي تحويل العلاقة مع كندا من علاقة قائمة علي تلقي المنح والمساعدات الي علاقة قائمة علي المشاركة الحقيقية بين دوائر مجتمع الاعمال المتناظرة في البلدين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والسياحة والغاز والبترول والبتروكيماويات والاسمدة والنسيج والملابس والخدمات الصحية والتعليمية موضحا ان مصر تحتل حاليا الترتيب الثالث والاربعين عالميا والخامس اقليميا في اولويات كندا بالاسواق وفي هذا السياق وصلت الصادرات الكندية الي مصر عام 2005 الي 256 مليون دولار كما حققت الصادرات المصرية الي كندا رقما غير مسبوق حيث وصلت في نفس العام الي 117 مليون دولار. وتحدث شاهين سراج الدين رئيس بنك التنمية الصناعية عن الصناعة من منظوره باعتباره احد القيادات المصرفية مشيرا الي ان الصناعة يجب ان تقود النمو الاقتصادي وان ذلك يتطلب ان تنمو اسرع من نمو الاقتصاد ككل، ولتحقيق ذلك يجب ان يزيد الانتاج الصناعي علي مستواه الحالي (92 مليار جنيه) الي 728 مليار جنيه عام 2025 بحيث يزيد نصيب الصناعة من الناتج المحلي الاجمالي من 17.1% الي 22.6% وهذا بدوره يستلزم زيادة الاستثمارات من مستواها الحالي (12 مليار جنيه) الي 229 مليار جنيه عام 2025 ويجب ان يتحقق هذا بالدرجة الاولي من خلال القطاع الخاص المحلي والاجنبي مضيفا ان دور الاستثمار الاجنبي المباشر لا يقتصر علي توفير التمويل اللازم لذلك وانما يمتد الي نقل التكنولوجيا وتوفير الارتباط مع اسواق الصادرات الدولية. وقدم احمد الخادم صورة لقطاع السياحة في مصر مشيرا الي ان النمو في هذا القطاع يبلغ ثلاثة اضعاف معدل النمو العالمي. وان وصول عدد السياح الكنديين الي 52 الف سائح عام 2005 لا ينبغي ان يكون نهاية المطاف.. وعرض فرص الاستثمار المتاحة امام الشركات الكندية في قطاع السياح بمصر، علما بان السياحة اصبحت اكبر صناعة بالعالم حيث من المتوقع ان تولد السياحة في العالم خلال عام 2006 انشطة اقتصادية تبلغ قيمتها 6.5 تريليون دولار اي 10.3% من اجمالي الناتج العالمي و8.7% من اجمالي العمالة (234.3 مليون فرصة عمل). والجدير بالذكر في هذا الصدد ان كندا تمثل المركز الحادي عشر في ترتيب المقاصد السياحية العالمية وتبلغ حصتها من كعكة سوق السياحة العالمي 2.5%. اما المهندس معتز رسلان فقد استشهد بعبارة "جون ستيوارث بل" احد اهم مفكري الليبرالية ومنظريها الاقتصاديين التي قال فيها ان "التجارة عمل اجتماعي" ليلفت الانظار الي ان مهمة البعثة التجارية المصرية الي كندا تبحث عما هو اكثر من الربح التجاري والصفقات العابرة. جدير بالذكر ايضا ان بعثة مجلس الاعمال الكندي - المصري ستغادر اوتاوا اليوم لتختتم زيارتها بمؤتمر موسع في مونتريال يضم كبار رجال الاعمال الكنديين فضلا عن قيادات الجالية المصرية وحسب معلوماتنا فانه من المتوقع ان يكون مؤتمر مونتريال حدثا اقتصاديا كبيرا نظرا للتحضير الجيد له في الاوساط الكندية المعنية من جانب السفير المصري الدكتور محمود السعيد والجهد الكبير المبذول من يحيي الواثق بالله رئيس مكتب التمثيل التجاري بمونتريال.