تجربة تعاقد مركز البحوث الزراعية مع احدي الشركات الأوروبية لاختبار أصناف زراعية جديدة تم زراعتها في مصر وابتكرها المركز وذلك من أجل تصديرها كتقاوي ومنها الأرز وحتي يمكن أن يستفيد المركز بحق الملكية الفكرية. ويندرج هذا التعاقد تحت بند اقتصاديات الملكية الفكرية وهو نوع مختلف من البيزنس الزراعي لا يرتبط بالأرض أو المحصول بقدرما يرتبط بالعقول المصرية ومدي قدرتها علي الابتكار الزراعي والتي يمكن أن تكون أداة لإنتاج أصناف جديدة قابلة للتصدير والمنافسة وبالتالي مصدر لزيادة الدخل القومي. "الأسبوعي" حاولت رصد معامل التجربة الجديدة في ابتكار أصناف زراعية جديدة خاصة في القطاع الخاص من أجل استشراف المستقبل لفتح أسواق جديدة بأصناف زراعية مصرية جديدة ومبتكرة. في البداية يوضح د.محمد عيد مدير مكتب إدارة تسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية إن حق الملكية الفكرية في مجال ابتكار الأصناف النباتية الجديدة يسدده المزارع عند شرائه تقاوي هذا الصنف الجديد وتحسب لكل صنف علي حدة كنسبة مئوية ثابتة من سعر بيع التقاوي لهذا الصنف وتسدد لصاحب الملكية الفكرية أو ما يسمي علميا بالمربي وهذه النسبة تتراوح عادة في حدود 5%. وتربية الأصناف الجديدة لها أغراض عدة منها مثلا سد الفجوة الغذائية من خلال ابتكار أصناف عالية الإنتاجية وهو ما يحدث عادة في مصر في مجال المحاصيل الاستراتيجية مثل محصول القمح والذي ارتفعت إنتاجيته بفضل برامج التربية والبحوث من 11 أردبا للفدان في عام 1982 إلي حوالي 19 أردبا للفدان الآن، كما تقدم برامج تربية المحاصيل أصنافاً نوعية ذات صفات تسويقية جديدة تشبع احتياجات قطاع من المستهلكين وتحقق هدفاً اقتصادياً كإنتاج صنف ذرة شامية أو زيتون مثلا يحتوي علي نسبة زيوت أعلي. ويوضح محمد عيد أن ابتكار وتربية الأصناف الجديدة والحصول علي حقوق الملكية الفكرية (حق المربي) هو نشاط اقتصادي كبير وتجارة رائجة في العالم كله ويمكن أن تستخدم في تشجيع الابتكار في ذلك المجال. وأبرز مثال علي ذلك كما يضيف عيد سنجده في السوق المصري حيث يستخدم المزارعون العديد من أصناف الخضروات والفاكهة الأوروبية في زراعات الطماطم والفراولة وغيرها ويسددون حق المربي (الملكية الفكرية) تحت اسم قيمة التكنولوجيا لصاحب هذه الأصناف الجديدة. ويوضح د.محمد عيد أن برامج تربية المحاصيل موجودة في مركز البحوث الزراعية منذ القدم نظرا لأهميتها الاستراتيجية لحماية الصنف النباتي من التدهور وإنتاج أصناف جديدة متميزة إنتاجيا أو نوعيا وهو ما يستوجب التحديث دائما حيث يستغرق إعداد الصنف النباتي الجديد في المتوسط من 12 إلي 13 سنة ومن 7 إلي 8 سنوات إذا تدخلت الهندسة الوراثية كما أنه أصبح للقطاع الخاص دور من خلال تواجد برامج تربية تتبع هذه الشركات وتتنافس في بعض الأحيان مع الأصناف الجديدة المنتجة من مركز البحوث الزراعية. الأرز المصري في أوروبا أما مبادرة مركز البحوث الزراعية فكانت استجابة لاهتمام السوق الأوروبي بالأرز المصري والكلام لعيد وطلب بعض رجال الأعمال من الاتحاد الأوروبي بزراعة الأرز المصري في أراضيهم لأنه أكثر جودة من الأصناف الأوروبية والمزروعة في جنوب أوروبا (فرنسا وايطاليا وأسبانيا) وتم الاتفاق مع الجانب الأوروبي في اختبار بعض الأصناف المصرية في العديد من الدول الأوروبية واختيار أفضلها للتعاقد علي تصديرها كتقاوي وكذلك ضمان حق المربي في تلك الأصناف، وإذا نجحت هذه التجربة فهذا من الممكن أن يفتح الباب لمحاصيل أخري تتميز بها الطبيعة المصرية عن الأوروبية خاصة في مجال القمح والشعير.