التصادم العجيب الذي حدث يوم الاثنين الماضي بين قطاري البضائع والركاب في إنشاص بالشرقية فتح من جديد ملف السكك الحديدية والمستوي المتدني الذي وصلت إليه، وكان أبلغ تعليق علي الانهيار الذي وصل إليه هذا المرفق ما قاله وزير النقل المهندس محمد منصور حيث أكد أن القاطرات متهالكة وغير حضارية ولا تليق بسمعة مصر. هذا الحادث وقع بجوار بلدتي سلمنت التابعة لمركز بلبيس في محافظة الشرقية، ولأنني من ركاب هذه النوعية "المتهالكة" من القطارات والتي تسير علي خط الشرق (المنصورة - القاهرة) حيث إنني أزور قريتي سلمنت باستمرار، رغم أنني مولود ومقيم بالقاهرة... أستطيع القول بأن تلك القطارات لا تليق بنقل البشر إطلاقا فهي قديمة جداً وانتهي عمرها الافتراضي وخالية تقريبا من الشبابيك ولا يوجد بها دورة مياه واحدة، بالاضافة إلي المقاعد الخشبية والتي لا تصلح للجلوس والراحة ولاسيما أن القطار تستغرق رحلته حوالي سبع ساعات، أما الاضاءة فهي معدومة تقريبا. والواضح أن تلك النوعية من القطارات أصبحت "خارج الخدمة"، ولكن ولأسباب اقتصادية تستعين بها الهيئة في الخطوط الخلفية اقصد خطوط الغلابة أو المنسيين من فقراء الفلاحين والذين يبحثون عن وسيلة رخيصة لنقلهم هم وأمتعتهم. وغالبا ما تكون منتجات ريفية من زبد وجبن وبيض وطيور - قبل حظر نقلها بسبب انفلونزا الطيور - ويقوم هؤلاء ببيع بضاعتهم بالقاهرة ويعودون محملين بمنتجات قاهرية تحتاجها قراهم. هؤلاء البسطاء سقطوا من ذاكرة الحكومة وبالتالي إذا وفرت لهم هيئة السكك الحديدية قطارات عرجاء "متأخرة" ومتخلفة وأجرتها رخيصة، فتلك نعمة يحسدون عليها وكرم حكومي غير مباشر، وهذا يفسر عدم تطور أغلب محطات "خط الشرق" منذ الاحتلال البريطاني حتي الآن. فهذا الخط في محطات عديدة "مفرد" وغير مزدوج، وبالتالي تلجأ القطارات إلي أسلوب الانتظار في المحطات الكبري حتي يخلوا الخط دون اعتبار لقيمة الوقت خاصة ان القطار القشاش علي هذا الخط يقف دائما علي مزاج السائق! لا يعقل أبداً أن تظل خطوط السكك الحديدية في القري - باستثناء خطي أسوان والاسكندرية - دون تطوير منذ 150 عاماً أي منذ الاحتلال البريطاني أو تنظم الهيئة لوائح صدرت عام 1910! ولا يصح أن نكون في عصر تكنولوجيا المعلومات وحكومتنا الرشيدة المهتمة ب "الالكترونيات" ويستعمل سائقو القطارات أجهزة لاسلكية دائما معطلة ويتبادلون "الأطواق" في المحطات ويستعمل الخفراء لمبات الجاز كإشارات في المزلقانات. الحل في خصخصة السكك الحديدية وبيعها فوراً.