كشفت الحكومة عن وجهها الحقيقي وخلعت قناع الاصلاح السياسي والديمقراطية واعادت للشارع المصري قانون الطوارئ في مظاهرة من التحدي والاصرار علي المضي في سياسة التعنت والقهر ومصادرة الحريات.. لقد كان من الواضح ان الحكومة سوف تمضي في نفس الطريق رغم الاحاديث والوعود الكثيرة عن الاصلاح السياسي والغاء هذا القانون سيئ السمعة.. كانت الحكومة قد اعلنت انها بصدد اصدار قانون جديد يجري اعداده الان في مجلس الشعب لمواجهة قضايا الارهاب ولكن القانون لم يمض بالصورة المطلوبة ومازال حائرا بين الحكومة ومجلس الشعب واصبح مد قانون الطوارئ قضية لا تحتمل التأجيل لتدخل مصر سردابا جديدا مظلما لا احد يعرف ما نهايته. كان الرئيس حسني مبارك قد وعد في برنامجه الانتخابي منذ شهور مضت بالغاء قانون الطوارئ والبحث عن بديل دستوري وقانوني لمواجهة قضايا الارهاب وكان ينبغي ان تسعي الحكومة الي تأكيد ما وعد به الرئيس وتعد مشروع القانون في الوقت المناسب ولكنها حاولت التأجيل حتي وصلت الامور امام احداث كثيرة دامية جعلت الحكومة تراها مبررا لمد العمل بقانون الطوارئ عامين كاملين. لقد استندت الحكومة في قرار المد الي احداث الاسكندرية الطائفية وما حدث في دهب ورفح وقبل ذلك في طابا وشرم الشيخ.. وكما قال العقلاء ورجال القانون فان قانون الطوارئ لم يمنع هذه الحوادث ولم يمنع ايضا التجاوزات التي تمارسها اجهزة الامن ضد المعارضين ابتداء بالصحفيين والقضاة وانتهاء بالاحزاب السياسية. وعلي الشعب المصري ان ينتظر حتي عام 2008 وحتي اشعار اخر بانتهاء قانون الطوارئ الذي كبل هذا الشعب ربع قرن من الزمان واصبح نقطة سوداء في تاريخنا السياسي.. وكان ينبغي ان تنتهي الحكومة من اعداد مشروع قانون مواجهة الارهاب.. وان تسرع في ذلك حتي لا يصبح قرار مد قانون الطوارئ هو المخرج الوحيد.. واذا كانت الحكومة جادة في الغاء قانون الطوارئ فعليها الان ان تعد مشروع القانون الجديد وتعرضه علي مجلس الشعب وتلغي قرارها بمد قانون الطوارئ.. ان هذا هو الاجراء الوحيد لتؤكد الحكومة جديتها في عملية الاصلاح السياسي وحتي لا تبقي مجرد حبر علي ورق.