التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    محافظ القاهرة يناقش خطة رفع كفاءة البنية التحتية بسوق العبور    اسعار اللحوم اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى مجازر المنيا    البترول تعلن عن كشف بترولي جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    إسرائيل تقدم لائحة اتهام ضد متورطين في تهريب أسلحة من سوريا    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    رئيس وزراء لبنان: إسرائيل لا تلتزم ببنود اتفاق وقف إطلاق النار    إيقافات وعقوبات بالجملة بمباراة ألو إيجيبت والقناطر الخيرية بالقسم الثاني    العدد (686) من «فيتو» وأبرز عناوينه: «نواب» 2025 قليل من السياسة كثير من المال    تفاصيل صادمة في واقعة تشويه وجه عروس مصر القديمة.. المتهمة أصابتها ب 41 غرزة وعاهة مستديمة.. وهذا سبب الجريمة    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حصر لأراضي النيل التي يمكن العمل عليها مع المستثمرين    عرض عربي أول ناجح لفيلم اغتراب بمهرجان القاهرة السينمائي    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    ضبط (139) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    «التعليم العالي»: صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    الهيئة الوطنية تعقد مؤتمر المرحلة الثانية لانتخابات النواب 2025.. اليوم    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو يصل القاهرة اليوم    سيد معوض ل حسام حسن: أنت حر في وضع التشكيل.. لكن من حق الناس تنتقدك    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    أوقاف الدقهلية تنظم 150 قافلة دعوية بمراكز الشباب    ارتفاع سعر الذهب 15 جنيها اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    التخطيط تبحث تفعيل مذكرة التفاهم مع وزارة التنمية المستدامة البحرينية    إندونيسيا: إجلاء أكثر من 900 متسلق عالق بعد ثوران بركان سيميرو    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    عاجل - اتجاهات السياسة النقدية في مصر.. بانتظار قرار فائدة حاسم ل "المركزي" في ظل ضغوط التضخم    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    وكيل صحة الأقصر يتفقد التطعيمات ورعاية صحة التلاميذ والطلبة بمدارس مدينة الطود.. صور    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    "الشباب والرياضة" تدشن "تلعب كورة" لاكتشاف 2000 موهبة في دمياط    محمد صبحى يكشف أسباب التوسع الدولى لجامعات مصر وزيادة الطلاب الوافدين    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    تذكرتي تطرح تذاكر مباريات الأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    "البحوث الزراعية" يستعرض استخدامات الذكاء الاصطناعي في تطوير الأداء البحثي    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    حبس 3 متهمين بحوزتهم 11 كيلو حشيش فى سوهاج    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    محمد رمضان وإليا يتعاونان في أغنية «I Don't Know»    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين وروسيا
الاقتصاد يوحد.. والأيديولوجيا تفرق
نشر في العالم اليوم يوم 29 - 03 - 2006

جاءت الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين لتؤكد تدشين التحالف الاستراتيجي بين العملاقين الجارين وتعطي دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية والسياسية بينهما.
ففي هذه الزيارة التي وقعت فيه عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والحيوية المهمة، حرص الاتفاق علي مشروع ديناصوري عملاق وذلك من خلال مد خطين لأنابيب الغاز الروسي إلي الأراضي الصينية عبر منغوليا، هذا المشروع الذي قدرت تكاليفه المبدئية بعشرة مليارات من الدولارات، كما اتفق علي إعداد دراسة جدوي لمشروع عملاق آخر خاص بمد أنابيب البترول من سيبيريا إلي الصين.
وهذه المشروعات الكبيرة المتغلفة بالطاقة والتي أزعجت الأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية باعتبارها غزواً روسياً لأكبر سوق مستهلك للغاز والبترول في العالم، تعلن أيضاً إنهاء دور القطاع الخاص الروسي في مجال الطاقة، فمن المعروف أن شركة يوكوس التي يمتلكها الملياردير الروسي اليهودي ميخائيل كودوركوفسكي كانت تستعد مع شركة بريطانية للقيام بهذا المشروع وذلك قبل أن يلقي القبض علي الملياردير الروسي بتهمة الفساد والتهرب من الضرائب ويوضع في السجن لمدد طويلة.
والاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي وقعها الجاران العملاقان في بكين في الأسبوع الماضي تهدف إلي زيادة التبادل التجاري بينهما من 26 مليار دولار سنة 2005 إلي 60 مليار دولار سنة 2010 كان التبادل التجاري بين البلدين سنة 2001 لا يتجاوز عشرة مليارات من الدولارات.
ورافق هذه الاتفاقيات الحيوية الاستراتيجية اتفاقيات ثقافية خاصة وقد اعتبر الصينيون عام 2006 هو عام روسيا الثقافي في الصين، وقام فريق البولشوي المشهور بزيارات وجولات في عدد من المدن الصينية الكبري مثل بكين وشنغهاي وجوانشو، كما تقوم الفرق المسرحية الروسية الشهيرة مثل فرقة ستلاسلافسكي وفرقة مارلنسكي وفرق الأكروبات الروسية بإقامة حفلات في هذه المناسبة في جميع أرجاء الصين.
وقد وصف الكاتب الأمريكي هواردفرنش الاتفاقية الأخيرة بين روسيا والصين في مجال الطاقة بأنها مشروعات ديناصورية ولها أبعادها الواسعة سياسياً واقتصادياً خاصة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، في حين يعلق اكس هسباويو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شنغهاي أنه خلال العقود الماضية، كانت الولايات المتحدة هي المحور الرئيسي لعلاقات الصين التجارية الخارجية، ولكن الصين الآن تحاول أن تلعب الشطرنج مع الجميع من روسيا إلي أوروبا وآسيا وحتي إفريقيا، واعتبر ذلك هو الخط العام لسياسات الرئيس الصيني الجديد هو جنتاو.
لقد كان الرؤساء والزعماء الثلاثة الذين جاءوا في أعقاب المرحلة الماوية يستمد كل منهم أهدافه من الظروف التي نشأ فيها فكان دانج هسيابنج الذي عاش يدرس في باريس متأثراً بالثقافة الغربية بجناحيها الماركسي والليبرالي، أما زيانج زيمن الذي جاء بعده فكان مجرد تلميذ مخلص لدنج ومبادئه ودفعته ثقافته الروسية التي تعلم ودرس فيها إلي تحسين العلاقات مع روسيا.
أما الرئيس الحالي هو جنتاو فقد تعلم ونما وتطور وعاش في الصين وفي الداخل وأحياناً في بعض الأقاليم الممتلئة بالمشكلات مثل التبت، ويعتقد الكثيرون أنه يعمل تدريجياً علي إحلال العلاقات الروسية الصينية مكان العلاقات الصينية الأمريكية التي كانت الأولي علي القائمة الصينية طوال العقود الماضية.
وحتي قبل هذه الاتفاقيات العملاقة في مجالات حيوية مثل السلاح والطاقة من الصين وروسيا كان هناك مؤشر آخر يتعلق بالتقرير الذي أصدرته وزارة الخارجية الصينية عن حقوق الإنسان في العالم لأول مرة، والذي انتقد وبشدة الممارسات اللاإنسانية واللاأخلاقية والمعادية لحقوق الإنسان في سجن جوانتناموا الذي تشرف عليه القوات الأمريكية، وكذلك الممارسات المعادية لحقوق الإنسان في العراق وأفغانستان، كذلك التضييق علي الحريات العامة داخل أمريكا نفسها تحت دعوي محاربة الإرهاب.
وهكذا تنعكس الآية، فبعد أن كانت الولايات المتحدة تضع الصين دائماً موضع الاتهام بالنسبة لاتهامات حقوق الإنسان وذلك في التقرير السنوي الذي تصدره الخارجية الأمريكية، أصبح الوضع مقلوباً أو معدولاً مما يؤكد أن الصين خلال السنوات الماضية كسبت المزيد من الثقة بالنفس والقدرة علي المواجهة كما تضاعف ثقلها الدولي الذي بدأ يكتسب أبعاداً جديدة.
نحن هنا ولاشك ومع الاتفاقيات الروسية الصينية الجديدة أمام تحالف استراتيجي حيوي بين الجارتين الكبيرين واللتين تمثلان قرابة ثلث سكان العالم وتحتلان رقعة جغرافية تمتد من شرق أوروبا وجبال الأورال ووسط آسيا حتي شواطئ الباسفيكي وبحر الصين.
ويمتلكان قدرات وطاقات بشرية إنتاجية هائلة كما أنهما عضوان أساسيان في النادي الذري ويمتلكان سوياً قرابة نصف الوجود من أسلحة نووية في الترسانات العالمية.
الغريب أن يتم هذا التحالف الاستراتيجي بين روسيا والصين في هذا الوقت بالذات خاصة بعد أن تحلل الاتحاد السوفيتي وخرجت روسيا منذ أكثر من عقد من الزمان من عباءة النظام الشيوعي القديم، بينما كانت العلاقات بين العملاقين الجارين والاشتراكيين منذ بداية الستينيات وحتي انهيار وتحلل الاتحاد الوفيتي علاقات مشحونة بالتوتر والصراع المتصل الذي وصل إلي درجة الحرب الساخنة علي الحدود الطويلة الممتدة بينها والمتنازع عليها.
والتحالف الجديد لا يقوم علي أسس أيديولوجية فليس هناك ما يجمع الصين التي مازالت تأخذ النظام الاشتراكي وتفخر بذلك روسيا التي خرجت من هذا النظام وارتدت عباءة وثياب الليبرالية علي الأسس الغربية، ولكنه تحالف يستند ولاشك إلي مصالح مشتركة كثيرة وعديدة بين البلدين وفقاً للمنهج البرجماتي السائد في كل منهما.
واتجاه الصين للتحالف مع روسيا قد يكون مفهوماً ومفسراً في إطار المصالح المؤكدة لها في تأمين الحدود الواسعة والممتدة مع الجارة الكبري والتي استنزفت الكثير من الجهد العسكري والمالي في العقود الماضية، كذلك الاستفادة من التكنولوجيا الغالية خاصة في مجال الأبحاث والدراسات الخاصة بالذرة والطاقة والفضاء.
أما اتجاه روسيا إلي الصين خاصة في عهد الرئيس بوش فهو الذي يثير بالفعل الكثير من التكهنات والتفسيرات خاصة أن روسيا كانت خلال السنوات الماضية مندفعة في الاتجاه غرباً والاعتماد علي الولايات المتحدة بشكل خاص في حل مشكلاتها الاقتصادية، ولكن يبدو أن القرار النهائي الذي توصل إليه الخبراء السياسيون والاقتصاديون والعسكريون الروس هو أن الاتجاه شرقاً والتحالف مع الصين هو الخيار الأوحد كحل لكثير من الأزمات الاقتصادية والسياسية.
وخلال الأعوام الخمسة الماضية قفزت التجارة الثنائية بين البلدين من أقل من 5 مليارات دولار في أواخر التسعينيات إلي 10 مليارات دولار سنة 2001 ثم إلي 26 مليار دولار سنة 2006 ثم إلي قرابة 60 مليار دولار كما هو مخطط لها خلال الأعوام الثلاثة القادمة، وأصبحت هناك قاعدة عريضة لهذا التحالف من خلال المشروعات المشتركة بينهما في مجالات حيوية مثل الصناعات الكيماوية والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة الذرية والأقمار الصناعية ثم السلاح وأخيراً الطاقة والغاز والبترول.
وهكذا يشهد العالم ميلاد قطب دولي جديد نشأ عن تحالف استراتيجي من دولتين كبيرتين علي أسس من المصالح المشتركة ولمواجهة أخطار مشتركة، فهل ينجح الاقتصاد فيما فشلت فيه الأيديولوجيا..!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.