مرة أخري عادت الأسعار في السوق العالمي للبترول للجنون والارتفاع، حيث لم يتراجع متوسط السعر عن 60 دولارا للبرميل منذ بداية العام، بل إن الخبراء يتوقعون أن تظل الأسعار مرتفعة خلال السنوات الثلاث القادمة. وكما يشير سايمون ويليامز من مؤسسة "إيكونوميست انتليجانس يونيت" فإن عائدات البترول السعودي وحده بلغ 154 مليار دولار في 2005 ويتوقع أن يصل إلي 160 مليار دولار في 2006. والسعودية تنتج 6.9 مليون برميل يوميا وما بالك ببقية الدول الغنية بالبترول مثل فنزويلا وإيران والكويت وأندونيسيا ونيجيريا. ومع ذلك فإن سياسات الأغنياء من الدول ذات الاقتصادات الكبري عملت وستظل تعمل علي اضطراب سوق البترول، فالولاياتالمتحدة ترفض اللجوء لاستخدام جزء من المخزون لتهدئة الأسعار والسوق المضطرب في حين تلجأ الصين واليابان لعمل مخزون احتياطي استراتيجي جديد ينافس مخزونات الولاياتالمتحدة التي تنتج وحدها نصف الإنتاج العالمي من البترول وتعد أكبر مستهلك للبترول والطاقة في العالم. وإذا نظرنا من جانب اَخر للسياسة البترولية لمنظمة "أوبك" التي تضم في عضويتها أكبر الدول المصدرة للبترول فسنجدها تنتهج سياسات من شأنها رفع الأسعار، فهناك رفض لرفع سقف الإنتاج بهدف زيادة المعروض لخفض السعر. ومما يزيد الطين بلة وينعكس علي الاقتصاد العالمي سلبا هو عدم توجيه أموال "البترودولار" نحو الاستثمار الجيد الذي من شأنه إيجاد فرص عمالة جديدة وبالتالي خفض معدلات البطالة، كذلك إنشاء مشروعات جديدة مطلوبة لحفز النمو الاقتصادي والحفاظ علي البيئة في نفس الوقت. ومن جانب اَخر فإن الطلب المتزايد علي الاستهلاك البترولي في شرق اَسيا لم يدفع تلك الدول للبحث عن بدائل للطاقة، بل إنها تفكر في زيادة المخزون البترولي. الثمرة الوحيدة في اَسيا كانت مؤخرا من خلال اتفاق بترولي كبير بين الصين وروسيا تزود بمقتضاة الأخيرة احتياجات أكبر دولة في العالم من حيث السكان والاستثمار بكافة احتياجاتها البترولية وتعمل معها علي إنشاء خطوط جديدة للإنتاج البترولي ونقل الغاز. أما عمليات المضاربات في الأسواق العالمية للبترول وبورصة البترول الدولية في لندن ونايمكس بالولاياتالمتحدة فإنها غالبا ما تتم لصالح الشركات البترولية الكبري وتدفع الأسعار للجنون في الوقت الذي تعاني فيه عدة شركات من الاضطرابات العمالية مثلما حدث مع شركة "شل" في نيجيريا، وكما يحدث في العراق من تخريب للمنشاَت البترولية وتدمير أنابيب البترول. ومع تراجع أثر الكوارث الطبيعية علي الإنتاج البترولي مثل الأعاصير في خليج المكسيك وأمريكا اللاتينية اندفع البعض للقول بأن كوارث البشر وليست الكوارث الطبيعية هي اليد الخفية وراء جنون أسواق البترول.