يمر برنامج الخصخصة حاليا بأزمة حقيقية لم يشهدها منذ بدايته في عام 1991 بعد ان وصلت صفقة عمر افندي الي مرحلة تستدعي التحري والبحث عن دوافعها وبعد ما شهدته صفقة شبين الكوم من احداث اشبه بافلام هوليود اضافة الي البلاغات التي أصبحت شبه يومية لوقف اجراءات البيع والتي كان اولها البلاغ المقدم من احد المساهمين في البنك المصري الامريكي واخرها البلاغ المقدم من احد اعضاء مجلس ادارة شركة "سيد" حيث ارتبطت هذه البلاغات بمخاوف متعلقة بهوس البيع الذي انتاب وزارة الاستثمار والذي قد يؤدي الي سيطرة القطاع الخاص علي انشطة مهمة باسعار غير متناسبة مع قيمة الشركات الحقيقية. الوضع السابق قابلته مخاوف من تحول ملفات الشركات المدرجة في قائمة البيع الي النائب العام لحسمها ويصبح ذلك فيما بعد اجراء روتينيا وعرفا متبعا في عمليات البيع التي من المفترض ان تتم بأسرع مما يكون لمواكبة التحولات في اقتصاديات العالم بأسره وتتأكد خطورة ما يحدث الآن في ميدان الخصخصة كما يؤكد الخبراء ان القانون رقم 203 عند صدوره كان خاليا من التعقيدات الا ان الروتين القاتل هو الذي جعل بيع اي شركة يستغرق وقتا طويلا بعد ان يتم استحداث اجراءات جديدة هي في الاصل ناتجة عن ظروف كل حالة ولكنها للاسف لا تلبث حتي تتحول الي عرف والي قانون يتم تطبيقه في عمليات البيع التالية ويكون ذلك بغرض البعد عن القيل والقال. "الاسبوعي" ناقش مع الخبراء خطورة الموقف الحالي واسبابه وما ارتبطت به الاحداث الاخيرة من اجراءات متزامنة كان اهمها تفكير الحكومة في كيفية حصار الفساد واستغلال النفوذ وكان آخرها ما اكدته مناقشة مجلس الوزراء وللمرة الأولي لمجموعة من المبادئ التي تمنع تضارب المصالح لذوي المناصب العامة في الدولة وتضع الاطر القانونية لأداء الموظف العام لوظيفته والتي انفردت "الاسبوعي" بنشرها في عددها الاخير الشهر الماضي. وفيما يلي نستعرض اهم ما جاء من آراء حول ما يحدث وحول ما يتخذ من اجراءات. سياسات دولة.. وليست رؤية وزير الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار علق علي هذه المخاوف المطروحة في بيان له بعد اجتماعه الموسع الاسبوع الماضي برؤساء الشركات القابضة والتابعة حين اشار الي ان برنامج ادارة الاصول المملوكة للدولة ليس توجها خاصا وفقا لرؤية "وزير" وانما وفقا لبرنامج للحكومة وسياسة الدولة وان عمليات الطرح لا تأتي إلا بعد الدراسة المتأنية من الشركات التابعة والشركات القابضة وموافقة الجمعيات العامة لهم علي عمليات البيع فالأمور تتخذ بمشاركة الجميع وبعد مناقشات داخل الحكومة ولا توجد قرارات أو توجهات فردية. أضاف الوزير أن الحديث عن أن عمليات الخصخصة تسير بسرعة كبيرة ليس له أساس فعمليات البيع محدودة للغاية وهناك اجراءات للطرح والتقييم واعادة الهيكلة وهي تستغرق وقتا طويلا، ومعظم حصيلة النشاط هي نتاج طرح مساهمات المال العام في الشركات المشتركة مشيرا إلي أن عمليات الطرح تسير وفقا لقواعد محددة وواضحة ويتم فيها التركيز علي شيئين أساسيين هما: الحفاظ علي المال العام والمحافظة علي حقوق العاملين مؤكدا أن وزارة الاستثمار تلتزم بتطبيق قواعد الشفافية والافصاح في عمليات البيع فالوزارة هي اكثر الجهات حرصا علي الحفاظ علي المال العام، فاعلانات طرح الشركات المملوكة للدولة ومساهمات المال العام في الشركات المشتركة يتم نشرها في الصحف المختلفة، ويتم عمل مجلد لمحاضر الجمعيات العمومية لمجالس ادارات الشركات القابضة التي يتم فيها مناقشة عمليات البيع ويتم أيضا نشرها علي موقع وزارة الاستثمار. وحول ما يثيره البعض حول قطار الخصخصة السريع، أو طرح كل الأصول للبيع دون عزيز أو غال - كما يتردد- أكد الوزير أن جميع عمليات البيع تأتي وفقا للبرنامج المحدد والمعلن مؤكدا أنه منذ يوليو 2004 حتي يونيو 2005 يقدر ما تم بيعه بخمس شركات فقط لا غير كما تم دمج ثلاث شركات والاستحواذ علي شركة واحدة ومن يوليو 2005 وحتي تاريخه تم بيع ست شركات فقط هذا بالنسبة لشركات قطاع الأعمال العام التي تتبع قانون 203 لسنة 1991 التي يبلغ عددها حاليا 166 شركة بالاضافة إلي أربع شركات تم استرجاعها لحوزة الدولة للحفاظ علي المال العام، والعمالة بها بعد فشل ادارتها بنظام اتحاد العاملين المساهمين، ومن هنا أشار وزير الاستثمار إلي أنه ينبغي تفعيل حركة البرنامج وفقا لضوابط العمل المتعلقة بالحفاظ علي المال العام وحقوق العاملين، مؤكدا علي حرص وزارة الاستثمار علي توفيق أوضاع العاملين المؤقتين وفقا للضوابط المنظمة لذلك بما يحفظ حقوقهم ويدعم استقرار أوضاعهم، مشيرا إلي أن عدد العاملين بشركات قطاع الأعمال العام بلغ 401 ألف بأجور بلغت 4.5 مليار جنيه سنويا، وأوضح أن هناك زيادة في هذا البند نتيجة الزيادات والعلاوات التي أقرت العام الماضي ستتجاوز نصف مليار جنيه.