جدد تقرير التنمية البشرية 2005 الجدل الدائر منذ سنوات حول سياسة الطاقة في مصر ومستقبل الأجيال القادمة حيث قدر خبراء التقرير عمر الاحتياطيات البترولية بعشرين عاما أو بعد 19 عاما تحديدا في ،2025 أما احتياطياتنا من الغاز الطبيعي فقدروها بسبعين عاما. وفي نفس الوقت أكدت أحدث دراسة عن المركز العربي للدراسات البترولية أنه في حين سيبلغ الإنتاج العالمي من البترول الذروة عام 2020 فقد بلغت بالفعل دول عربية قمة الإنتاج وهي مصر وسوريا وسلطنة عمان وتونس وهو ما جعلنا نبحث في قضية الاستغلال الأمثل لثروات مصر من البترول والغاز الطبيعي لضمان الوفاء بالاحتياجات المحلية لسنوات مقبلة والعمل علي تحقيق فائض يمكن تصديره لتوفير النقد الأجنبي اللازم لخطط التنمية الاقتصادية، خاصة أن هذا القطاع جزء لا يتجزأ من الرؤية المستقبلية ويمثل جزءا بالغ الأهمية ليس لأنه مصدر للعملة الصعبة وإنما لأنه يفي باحتياجات التنمية. وقبل أن نعرض وجهتي النظر حول هذه القضية ننقل تصريحات وزير البترول المهندس سامح فهمي خلال مقابلة تليفزيونية حول هذه القضية الأسبوع الماضي، حيث أكد أن هناك لجنة عليا تحدد سياسات هذا القطاع وليس له الحق في اتخاذ قرارات فردية، مشيرا إلي أن أهم التحديات التي تواجه هذا القطاع هو الحفاظ علي مستويات إنتاج الزيت الخام والمكثفات في ظل التناقص الطبيعي لحقول الزيت الخام المتميزة التي تم اكتشافها خلال الستينيات والسبعينيات مثل حقول المرجان وأكتوبر إلي جانب تقادم البنية الأساسية لشبكة خطوط وتشهيلات إنتاج الزيت الخام. وأضاف أن القطاع وضع برنامجا بهدف تنمية صادراته من البترول والغاز والبتروكيماويات لترتفع من 5.16 مليون طن في عام 2004 تبلغ قيمتها 4.3 مليار دولار سنويا إلي 30 مليون طن بترول مكافيء عام 2006 تصل قيمتها لأكثر من 6 مليارات دولار ثم إلي 45 مليون طن بترول مكافيء عام 2010 قيمتها أكثر من 10 مليارات دولار، وأكد أن القطاع سيحقق هذا الرقم في ظل ارتفاع الأسعار العالمية قبل حلول 2010. وقال المهندس سامح فهمي إن برنامج تنمية الصادرات بقطاع البترول يعتمد علي عدة محاور في مقدمتها زيادة الاحتياطيات المصرية المؤكدة من الزيت الخام والغاز الطبيعي بتكثيف عمليات البحث وتحسين شروط الاتفاقيات. البنك الدولي أما وفقا لتقرير البنك الدولي الذي يتناول الوضع البيئي في مصر عام 2005 فتوقع أن ينمو الطلب علي الطاقة نموا كبيرا في المستقبل ليصل إلي 5.4% سنويا وذلك بافتراض نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 7% سنويا ونمو السكان بمعدل 5.1% سنويا وهو ما جعل التقرير يدعو إلي ترشيد استغلال الطاقة. كما حذر من أنه في حالة عدم تغيير تشكيلة الوقود والتكنولوجيات وأسعار الطاقة والتحول لاستخدام المعدات المتقدمة صديقة البيئة ستكون تكلفة التدهور البيئي باهظة وسيزيد الدعم إلي 140% خلال العشرين سنة القادمة. جبهة المعارضة وتضم هذه الجبهة بالإضافة إلي بعض خبراء الطاقة أيضا مسئولين سابقين عن هذا القطاع وعلي رأسهم المهندس عبدالهادي قنديل وزير البترول الأسبق، حيث يوضح أن مصر بدأت التصدير عام 1975 طبقا لاتفاقية السلام مع إسرائيل وكان هناك اضطرار لذلك، وكان الجزء الاَخر من الخام نعتبره إنتاجا زائدا ولذلك كان يصدر.. أما حاليا ومع بدء تناقص الخام فليست هناك اكتشافات كبيرة رغم كثرة الاتفاقيات خاصة أن اكتشافات الحقول الكبيرة تمت وهي تنضب حاليا، أما ما تم حاليا فهو اكتشافات صغيرة لا يتجاوز إنتاجها ما بين 4 و10 اَلاف برميل يوميا.. وفي نفس الوقت سرعة الاستهلاك في مصر عكست سرعة الاكتشافات أو تنميتها، إذن يجب التفكير في البديل للبترول الخام خاصة أن رصيده حاليا يبلغ 6.1 مليار برميل وهو نصف ما كانت تمتلكه مصر عام 1986 مع ملاحظة أن معدل استهلاكنا زاد بمقدار الضعف ولذلك أنا معترض علي التصدير بالكامل لأنه يضر بالأجيال القادمة خاصة أن الطاقة أسعارها ترتفع ولن نجد الموارد لشرائها، موضحا أن مبدأه هو إبقاء الغاز للأجيال القادمة ولا يتم تصديره رغم زيادة المخزون منه مع الاكتشافات الجديدة حيث تضحي الوزارة باَبار أسعارها منخفضة بأخري مرتفعة الأسعار. وتساءل المهندس عبدالهادي قنديل لماذا تبيع وزارة البترول الغاز وهو البديل الذي يمكننا به مواجهة انخفاض الزيت؟ خاصة أن سعر الغاز المصري في أوروبا هو نفس سعره علي رأس البئر.. ولماذا نستغل الغاز في تنمية اقتصاد دول أخري ولا يستغل في تنمية اقتصادنا من خلال زيادة الاستثمار الصناعي؟ وأكد قنديل أن الوزير لا يحدد هذه السياسة وإنما هي سياسة دولة مستغربا إذا كانت الشركات المكتشفة لها الحق في التصدير من حصتها في الغاز فلماذا نصدر نحن من حصتنا ومازال الكثير من مصانعنا ومنازلنا لم يصلها الغاز المصري في الوقت الذي تستمتع فيه دول مجاورة بالغاز المصري؟ ويوضح وزير البترول الأسبق أنه في عام 84 كانت هناك مشكلة علي الطاقة النووية في الضبعة وتم استجواب وزير الكهرباء وقتها وأعلنت أن الخام المخزون الحقيقي في مصر 3 مليارات برميل وهو يكفي مصر لمدة 10 سنوات ما لم تتم اكتشافات جديدة، وما توقعته بعد 10 سنوات بدأنا نشتري من حصة الشريك الأجنبي بمعني أننا نستورد، وطالب بالأخذ من هذا المقال عبرة ودروسا في قضية تصدير الغاز خاصة أن مصر خاضت عام 1988 معركة لتعديل الاتفاقيات الخاصة باكتشافات الغاز الطبيعي وهو ما أدي إلي الاكتشافات الحالية للغاز الطبيعي.