سلاح مقاطعة السلع أثبت جدواه بشكل كبير عندما قام غالبية المسلمين بمقاطعة البضائع الدنماركية كرد فعل علي الاساءة إلي رسولنا الكريم في صحيفة دنماركية تافهة. وهذا السلوك السلمي الايجابي يمكن أن نستفيد منه الآن في مصر ضد المنتجين والتجار الذين أشعلوا أسعار العديد من السلع المهمة، لاسيما اللحوم والاسماك بعد قلة المعروض من الدواجن وذلك عقب الإعلان عن مرض أنفلونزا الطيور والقيام بأكبر مذبحة للفراخ في تاريخ مصر بحجة محاصرة المرض والحفاظ علي البشر. المنتجون والمربون والتجار انتهزوا الفرصة، وبدون أية مبررات، قاموا برفع أسعار اللحوم والاسماك بعد أن زاد الطلب عليها، كانت حجتهم أننا في سوق حر والبضاعة فيه تسعر حسب العرض والطلب، ومادام الطلب يزيد فإن السعر بالتالي يزيد! ونسي هؤلاء أنهم يطبقون اقتصاديات السوق علي مزاجهم وبالشكل الذي يحقق مصالحهم أو يضخم مكاسبهم فقط. أما بقية القواعد الصارمة للاقتصاد الحر فلا يعلمون عنها شيئا ولا يطبقونها إذا تعارضت مع مصالحهم. فالمنطق يؤكد أنه لا مبرر اطلاقا لرفع أسعار اللحوم عشرة جنيهات في المتوسط مرة واحدة والاسماك ستة جنيهات تقريبا بل والذين زادت أسعار الأرز باعتباره من الوجبات اللصيقة باللحوم والاسماك بل وحتي المسلي والذي علي طريقة "الشيء لزوم الشيء". بل العجيب أيضا أنه تم رفع أسعار الفول والطعمية لشدة الاقبال عليهما والمنطق يقول أيضا أن الذي يدافع عن جشع المنتجين وتقاعس الأجهزة التي تراقب الاسواق وكذلك كل الكوارث الطبيعية والبشرية.. هو الزبون أو المشتري، فالذي يتحمل فاتورة الخسائر في النهاية هو المواطن المصري المطحون. المصري الذي أصبح بمفرده محملاً بأعباء غلاء الاسعار وتوابع الكوارث ونتائج السياسات الخاطئة وكأنه فأر تجارب وجشع التجار ومافيا الدروس الخصوصية.. لا يجد من يدافع عنه سوي تصريحات من "أعلي المستويات" تؤكد علي الوقوف بجانب محدودي الدخل وأن "هم" المسئولين الأكبر هو المواطن البسيط، وكلها تصريحات "فشنك" لا تسمن هم تغني من جوع، فالكلام الحكومي المعسول في الظاهر يقابله حقيقة مرة "في الباطن".. فقد تم رفع سعر كيلو السكر محليا جنيها كاملا.. وكان الرد "الرسمي" أن سعره ارتفع عالميا وبالتالي ليس للحكومة ذنب في ذلك لأن السبب خارجي أو بالأحري خارج عن ارادتها رغم انها أعلنت أن مخزون السكر يكفي 9 شهور، أي أن السكر المخزن تم استيراده بالاسعار "القديمة" وموجود عند التجار بالسعر القديم وبالتالي فإن أي ارتفاع في سعره سيكون في شحنات السكر الجديدة التي سيتم استيرادها بالسعر الجديد. ويبقي السؤال: إذا كان السكر المصري أو غيره من السلع مرتبطاً بالاسعار العالمية.. فلماذا يتحمل المستهلك البسيط نتيجة أو فاتورة ارتفاع أسعاره عالميا ولا يستفيد عندما تنخفض تلك الاسعار؟ أي أن المستورد والمنتج يكسبان دائما، والفقير يخسر علي طول الخط. ومادام المصري البسيط المحمل بأعباء كثيرة هو "الملطشة" اقتصاديا وسياسيا فيجب أن يقوم بدوره السلمي ويفعل شيئاً ايجابيا واحداً وهو "المقاطعة" أي لا يشتري المنتجات التي يقوم التجار برفع ثمنها دون مبرر مهما كانت التضحيات. فمن الأفضل أن يربط الشعب المسكين الحزام علي بطنه ويغير من عاداته الغذائية ويأكل الاطعمة الرخيصة التي تبقيه علي قيد الحياة وبدلا من أن يستمر يلعب دور "المسطية".. فالموت جوعا بكرامة أفضل من الموت شبعا تحت الاقدام.