تسريبات عديدة من هنا ومن هناك في عدد من الصحف الأوروبية وفي مواقع الكترونية "مصرية" علي شبكة الانترنت تتحدث عن وجود خطط لإرسال نحو 15 ألف جندي مصري إضافة إلي حوالي ستة آلاف جندي من قوات درع الجزيرة الخليجية وقوات مماثلة من دول شمال أفريقيا في إطار قوات حفظ سلام عربية تذهب إلي العراق تمهيدا لانسحاب أمريكي بريطاني علي مراحل. ولأنه لا يوجد حتي الآن أية اشارات رسمية عربية تتحدث عن هذا الموضوع فإننا سوف نعتبر كل ما يقال علي أنه نوع من جس النبض أو بالون اختبار لقياس الرأي العام العربي ومدي ترحيبه أو معارضته لهذه الخطة لتي سيتم تسويقها بالطبع إن تمت في إطار صفقات سياسية معينة تراعي مصالح بعض دول المنطقة التي تعاني من أزمات متفاقمة في علاقاتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولا يستبعد أن تكون الجولة القادمة لكونداليزا رايس إلي المنطقة في إطار استكشاف ردود الفعل العربية خاصة أن واشنطن التي تدخل حاليا في مواجهة ساخنة وحاسمة مع إيران بسبب القدرات النووية الايرانية تحاول اقناع العرب بالتحالف معها وتأييد القيام بأي عمل عسكري أمريكي محتمل بدعوي مواجهة الخطر الايراني الزاحف للعرب من بوابة العراق. وهو سيناريو غير مقبول ولا يجب أن ننجر للوقوع في هذا الفخ الجديد الذي يحاول الأمريكان إيقاع العرب به حتي تصبح المعركة عربية عربية بدلا من كونها مواجهة أمريكية حالية مع مقاومة عراقية شرسة ومستمرة ترفض التوقف وترفض الاستسلام للوضع والتقسيم السياسي القائم في العراق حاليا. فالنفوذ الايراني الموجود في العراق لم يكن ليحدث لولا الاحتلال الأمريكي لبغداد وتكريس سياسات تقسيم المجتمع العراقي علي أسس مذهبية وعرقية، وهذا النفوذ تم بتشجيع ومباركة أمريكية في محاولة لاضفاء الشرعية علي الاحتلال الأمريكي وايقاف معارضة شيعة العراق لهذا الاحتلال. والولاياتالمتحدة التي تحاول الخروج حاليا بهدوء وسلام من العراق بعد تزايد فضائحها وانتهاكاتها لحقوق الانسان هناك وخاصة بعد الصور الأخيرة في معتقل أبو غريب تحاول توريط أطراف أخري هناك وهي في ذلك مستعدة لاستخدام كل أوراق الضغط والرشاوي السياسية أيضا للوصول إلي هذا الهدف. إن التقارير الغربية التي تتردد حول هذا الشأن تتحدث عن وجود امكانية لحدوث تغيير في المواقف العربية تجاه مشاركة قواتها في قوات حفظ السلام في العراق بعد أن كانت هذه الدول تنأي بنفسها حتي الآن عن مثل هذه المشاركة خوفا من دخول قواتها في مواجهات مع جماعات المقاومة العربية. وهو تخوف صحيح في اعتقادنا لأن المواجهة العربية العربية لن تجري فقط علي الأراضي العراقية ولكنها سوف تجعل من الدول العربية أهدافا سهلة ورئيسية للارهاب الذي سيترك معركته مع أمريكا وبريطانيا ويعتقد أن معركته الجديدة ستكون مع الدول العربية التي تتدخل في قضية لم تكن طرفا أو شريكا في صناعتها. وصحيح أنه لابد من وجود خطة عربية لمواجهة ما قد يحدث إذ اكتسحت ايران العراق في حال انسحاب القوات الأمريكية والبريطانية ولكن هذه لن تكون مشكلة لا تتعلق بالعرب وحدهم وإنما ستكون قضية دولية ذات أبعاد أخري ولن يسمح المجتمع الدولي بحدوثها بسهولة والخوف فقط من امتداد التأثير الايراني إلي دول أخري مجاورة وهذا أمر يمكن معالجته من خلال خطوات داخلية وإجراءات وقائية اجتماعية وسياسية لهذه الدول لا علاقة لها بالدخول في مواجهة عسكرية ضد إيران. أن التجارب علمتنا أن ارسال أي قوات خارج الحدود له دائما عواقبه الوخيمة، وفي اعتقادنا فإن أي قرارجديد مثل هذا لابد أن يستند إلي إرادة شعبية كاملة قبل الموافقة عليه. [email protected]