رفضت الحكومة الأمريكية عرض الهدنة بشروط الذي اقترحه زعيم القاعدة في شريط صوتي بثته قناة الجزيرة وقالت مصادر استخبارات أمريكية إنه من المرجح أن يكون صحيحا.. وجاء في أسباب الرفض الأمريكي أن الولاياتالمتحدة لا تتفاوض مع الإرهابيين. والحقيقة أن العرض "القاعدي" ليس للقبول أو الرفض فلا يرد علي ذهن بن لادن أن تقبل الولاياتالمتحدة عرض الهدنة فتعطي لتنظيم القاعدة مكسبا معنويا كبيرا وتسبب زيادة كبيرة في عدد أنصاره الفاعلين والمتعاطفين خاصة أولئك الذين يكرهون السياسة الأمريكية غير العادلة بالنسبة لقضاياهم في الشرق الأوسط. وبالطبع فإن الضربات التي تلقاها تنظيم القاعدة في العراق وأفغانستان أوقعت به خسائر جسيمة وقتلت العديد من قياداته كما أنها دأبت أي الضربات المضادة للتنظيم علي قطع موارد التمويل ومطاردة أي جهة يثبت أنها تعطي تمويلا للقاعدة. وتجتهد الجهود الدبلوماسية الأمريكية في الضغط علي الأماكن المحتملة لإيواء المنتمين لتنظيم القاعدة ومحاولة ضرب المجتمعات المتعاطفة معهم وإلحاق خسائر جسيمة بها. ويحاول بن لادن أن يعلن أن عملياته مستمرة وأن حالة العداء التي يشنها ليست ضد الشعب الأمريكي ولكنها ضد السياسة الأمريكية في محاولة لجذب انتباه القوي الأمريكية المعادية للحرب علي العراق أو أفغانستان وتشجيع الأصوات التي تنادي بسحب القوات الأمريكية في العراق.. وهذا الاتجاه الذي يلقي تأييدا شعبيا في الولاياتالمتحدة أي الاتجاه المعادي للحرب علي العراق ما هو إلا وجهة نظر يدعمها البعض ويرفضها البعض ولا تستند إلي أسس أيديولوجية كما يتصور بن لادن. وربما كانت ظروف الحملة الدعائية المعادية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تجعل من عرض بن لادن وتحديه للولايات المتحدة مثيرا بالنسبة للرأي العام، ولكن الأمر يختلف في أوساط الرأي العام الأمريكي والغربي بوجه عام.. فمسألة الحرب ضد الإرهاب تأخذ أبعادا مختلفة ولا يوجد في الغالب من يوافق علي عقد هدنة مع تنظيم يمارس الإرهاب ويهدد بضرب المصالح بل والبلاد الغربية في عقر دارها. إن شريط بن لادن يعزز قبضة مجموعة بوش في الولاياتالمتحدة ويعتبر إنذارا موجها ضد أمن الولاياتالمتحدة وستركز الإدارة الأمريكية علي هذا الجزء من التسجيل لتبرر الإجراءات الإضافية للتدخل في الحياة الخاصة للأمريكيين والإجراءات الصارمة للحفاظ علي الأمن القوي تحسبا لتلك العمليات التي يهدد بن لادن بأنها تحت الإعداد. ومع كل القوة العسكرية الأمريكية فسوف تظل قدرة الولاياتالمتحدة علي حشد الإمكانيات اللازمة لهزم الإرهاب محدودة إذا لم تصحح أخطاءها السياسية وتنتهج سياسات عادلة بالنسبة للمشكلات الدولية.