يعم التفاؤل بمستقبل الاقتصاد العالمي هذا العام تقديرات معظم المحللين وكثيرون منهم يرسمون سيناريوهات وردية للنمو في العالم وخاصة في الاسواق الناشئة وهناك من يري ان الاسواق الناشئة بعكس ما حدث عام 1997 ستكون قوة استقرار في الاقتصاد العالمي.. فنحن نذكر ان موجة مماثلة من التفاؤل كانت تحيط بالاسواق الناشئة مثل الصين وروسيا والبرازيل وغيرها في منتصف التسعينيات وان الاستثمارات الاجنبية المباشرة كانت تتدفق عليها بغزارة ولكن فجأة حدثت الازمة الآسيوية الشهيرة عام 1997 كأزمة مالية بدأت في تايلاند ثم سرعان ما انتشرت لتعم اندونيسيا وكوريا الجنوبية وروسيا والبرازيل. وتقول مجلة "نيوزويك" ان هذا السيناريو المقلق غير قابل للتكرار هذه المرة حيث يقدر مورجان ستانلي ان كل الظروف مواتية لكي تواصل الاسواق الناشئة نموها في عام 2006 ويقدر جولدمان ساكس ان معدل نمو الاقتصادات الناشئة سيبلغ 6.6% في المتوسط في عام 2006 وانه كان 6.7% في عام 2005 ويتوقع معهد التمويل الدولي ان يصل حجم تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة علي الاسواق الناشئة الي 300 مليار دولار في عام 2006 بزيادة 50% عما كان عليه الحال منذ سنوات قليلة مضت. وامام هذه الصورة الشديدة التفاؤل لوضع الاسواق الناشئة في عام 2006 يظهر هناك من يحذر من المفاجآت المحتملة فبعض الخبراء يشير الي ان اسعار الفائدة قد ترتفع بقوة في الولاياتالمتحدة ويمتص الاقتصاد الامريكي بذلك معظم الاستثمارات التي قد تتجه الي الاسواق الناشئة. ويحذر خبراء آخرون من احتمال حدوث تباطؤ شديد للنمو في الولاياتالمتحدة والصين وهو ما سوف يؤثر سلبيا علي صادرات الاسواق الناشئة.. ويقول فريق ثالث من الخبراء ان اسعار البترول قد تشتعل اكثر مما هي الان وتسبب اضرارا بالغة للاسواق الناشئة المستوردة للبترول.. ويشير الخبراء الي خطر رابع هو احتمال انفجار فضيحة كبيرة لاحدي الشركات العالمية العاملة في الاسواق الناشئة علي نحو يهز ثقة المستثمرين اما الخطر الخامس والاخير فهو احتمال تفشي وباء فتاك مثل انفلونزا الطيور.. وهذه الاخطار برغم عدم وجود رابط يربط بينها الا انه يجب النظر اليها بجدية خصوصا مع تراخي المستثمرين العالميين في تقييماتهم للاسواق الناشئة في نهاية عام 2005 وما يمكن ان يخرج منها من مخاطر علي حركة الاقتصاد العالمي. وتقول مجلة "نيوزويك" ان كريستين فوربز العضو السابق في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس بوش والخبيرة الاقتصادية حاليا في (MIT) تنحاز الي المتشائمين في تقديراتهم وتعلن عن قلقها وتوقعها لهبوب عاصفة من الاسواق الناشئة علي الاقتصاد العالمي في العام الجديد.. وقد تكون السيدة فوربز محقة في قلقها عموما ولكن لاسباب اخري وهي ان الاقتصادات الناشئة لم تعد شيئا هامشيا بالنسبة للاقتصاد العالمي وانما صارت في قلبه وجزءا مركزيا منه وعلي سبيل المثال فان نصيب الاسواق الناشئة من التجارة العالمية ارتفع من نحو 27% في عام 1995 ليصبح 33% في الوقت الراهن.. كذلك فان معدل نمو الاسواق الناشئة يبلغ ضعف او ثلاثة امثال معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة، كما ان الروابط بين الاسواق الناشئة والاسواق المتقدمة تزداد قوة وتسهم في منع حدوث اي نوع من الانهيارات العالمية المفاجئة. وهناك بالطبع فوارق بين الظروف التي كانت سائدة في تسعينيات القرن الماضي وبين الظروف السائدة حاليا تستبعد امكان انتكاس الاسواق الناشئة كما حدث عام 1997، وعلي سبيل المثال فان تدفق الاستثمارات الاجنبية علي الاسواق الناشئة لم يعد يركز علي البورصات وانما صار يركز علي العمل والانتاج في الزراعة والصناعة، كذلك فان حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة قد زاد بنسبة 92% خلال الفترة من عام 1994 حتي عام 2005 وصار 12% فقط من هذه الاستثمارات مخصصا للعمل في البورصة والباقي في انشاء المصانع او شراء الشركات وهو نوع من الاستثمارات لا يسهل نقلها او سحبها بسرعة مثل الاستثمارات في الاسهم والسندات في البورصات المختلفة وصار جزء مهم من ايرادات وارباح الشركات العالمية الكبري يأتي من هذه الاسواق الناشئة وهو الامر الذي يؤكد رؤية الخبراء المتفائلين لدور الاسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي.