مؤشرات كثيرة تشير إلي أن النصف الأول من يناير سيشهد مكاسب قوية للاسهم وستكون هناك مشتريات قوية من الأجانب وارتفاع في أحجام وقيم التعاملات، ولكنها لن تكون نهاية التراجيديا التي حدثت في أسواق المال خلال عام 2008 ولكنها محطة لالتقاط الأنفاس من الهبوط المتواصل وتصحيح لأعلي، مثلها يحدث التقاط للأنفاس وقت الهبوط يؤدي لجني الأرباح وتراجع مؤقت للأسعار. ولكن ماذا يدفعنا للتفاؤل بأن النصف الأول من يناير أو حتي الشهر بالكامل سيشهد بعض المكاسب الجيدة وارتفاع النشاط؟، عوامل كثيرة تدفعنا لهذا الاعتقاد وترجيح هذا الاحتمال، ربما يكون علي رأسها أن تصنيف الاقتصاد المصري الذي أعلنته استاندرد آند بورز وبها يكون من أفضل التصنيفات ولا نقصد إنه الأعلي، ولكن محافظة مصر علي الوضع مستقر رغم الأزمة العالمية الحادة والتي أدت لتخفيض تصنيف معظم دول العالم، وعلينا أن نرفع القبعة لمحافظ البنك المركزي الدكتور فاروق العقدة لأن سياساته النقدية كانت من الأسباب المباشرة لهذا التصنيف الجيد، نتيجة للمحافظة علي معدلات السيولة ووضع ضوابط صارمة علي الإقراض العقاري والائتمان بشكل عام بعد أن وعينا الدرس السابق القاسي من نواب القروض ومأساة بنك القاهرة ومصر اكستريور والنيل وغيرها. وهناك أسباب أخري للصعود أهمها نظرية الطمع، فالأسواق في اتجاه عام هابط في أغلبها وبالتالي هناك خوف من المستثمرين وبالتالي تعمد بعض المؤسسات الكبري من الأجانب علي عمل موجات شرائية في بعض الأوقات لدفع الأسعار للصعود، وبالتالي جذب قطيع المستثمرين الأفراد للدخول وزيادة الطمع، بل وينسي البعض أن الاتجاه الهابط مستمر، فيحدث ارتفاع جيد للأسعار وزيادة في النشاط ثم يحدث خروج من المؤسسات والأجانب لجني الأرباح، وهو ما يمكن تشبيهه بحائط في المنزل علي وشك الانهيار وعلي السكان أن يقوموا بعمل دعامات للمنزل حتي يستطيعوا الخروج ولا ينهار الحائط علي رؤوسهم. ومن الأسباب الأخري التي تدفعنا للاعتقاد بأن صعودا في الأجل القصير ربما يستمر حتي نهاية الشهر هو وجود سيولة جيدة خارج السوق مازالت مرتعشة وخائفة تحتاج لمن يشجعها علي دخول الأسواق وستجده بالفعل من المستثمرين الأجانب الذين سيدخلون بشكل قوي في الأجل القصير للأسباب السابق ذكرها. وأيضا هناك سبب آخر هو أن الصناديق والمؤسسات العالمية ستبحث في بداية العام عن فرص استثمارية وستبدأ في توجيه جانب من فائض السيولة إلي الأسواق الناشئة وربما يعتبر السوق المصري من افضل الأسواق الناشئة التي تراجعت فيها الاسعار بشكل حاد اكثر من اللازم. ولكن اذا كان هناك صعود جيد وربما قوي سيحدث في يناير ما اسباب الخوف وما الداعي له؟! الحقيقة ان ترقب نتائج اعمال الشركات عن عام 2008 وخصوصا الربع الرابع والاخير من العام سيعطي مؤشرا لمدي عدالة التسعير في أسواق المال والبورصات، كما انه سيعطي مؤشرا عن نتائج الاعمال خلال الربع الأول من عام 2009 وتوقعات العام بأكمله وعلي أساس هذه النتائج سنري مدي عدالة تسعير الأسهم في البورصة ومضاعفات الربحية الحقيقية علي النتائج المتوقعة وليس الماضي، وهو ما يرتبط بعوامل كثيرة منها عوامل دولية أي وضع الاقتصاد العالمي، وكيفية تعامل الاقتصادات الرئيسية مع الازمة المالية العالمية، وخصوصا الاقتصاد الامريكي والخطوات التي سيتخذها باراك أوباما عند توليه السلطة رسميا في 20 يناير الجاري، وكذلك الوضع الاقليمي سياسا واقتصاديا ويؤثر فيه عاملان في غاية الأهمية الاول هو التوترات الإقليمية وخاصة ملفي إيران وحماس والأمر الثاني هو أسعار النفط وتأثيرها علي وضع السيولة في دول الخليج، أما الأهم فهو الوضع المحلي وكيفية تعامل الحكومة المصرية مع الأزمة المالية العالمية وتنشيط الاقتصاد وتمويل الشركات وبعض القرارات المهمة لمساعدة الشركات والاقتصاد علي عبور الأزمة. نعم من المحتمل أن يكون هناك صعود في يناير ووضح ذلك من حركة أسعار شهادات الايداع الدولية وتحسنها وبالتالي فالسوق سيصعد اليوم الأحد وبقوة، ولكن السيناريو الذي سيحدث بعد ذلك يدفعنا للترقب والحذر لأن حركة الأسواق ستعتمد علي أوضاع الاقتصاد الكلي عالمية وإقليمية ومحلية، وبالتالي فالتفاؤل المؤقت مطلوب ولكن الحذر واجب. [email protected]