انتقلت عدوي السلاسل والمولات التجارية وايجابياتها وسلبياتها من البلدان الأوروبية وأمريكا إلي البلاد العربية ومنها إلي مصر خلال السنوات الاخيرة حيث بدأت تتوسع في كل مكان بمصر. فيراها البعض حلاً سحريا ووسيلة لتلبية احتياجات المستهلك في مكان واحد وبأقل جهد.. بينما يراها البعض الآخر أنها بمثابة دايناصور يلتهم مئات المحال الصغري لأنها تبيع بأسعار أعلي وتقدم خدمات أقل. لكن المستفيد الأول الذي يتفق عليه جميع الأطراف هو المستهلك ثم المستثمر الأجنبي "الشركة الأم" بعد أن أثبتت التجربة نجاحها وحققت هذه السلاسل والمولات التجارية أرباحاً هائلة في البلاد العربية ومصر، وساهمت فرص النمو المتزايدة والجاذبية الكبيرة للاستثمار في دفع مجموعة من الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال لاقتحام السوق المصرية وباستثمارات تصل إلي عدة مليارات من الدولارات. ومن خلال رصد العديد من الشركات العالمية والعربية التي بدأت تغزو السوق المصري نجد أنها في تزايد مستمر فهناك مجموعة الفطيم الإماراتية التي توسعت في سوق السوبر ماركت في مصر وأسست مكتباً خاصاً لها في مصر لخدمة هذا الهدف.. كما توجد أيضاً الشركة الكويتية للأغذية "الكويت" وشركة كارفور الفرنسية ومترو الألمانية وكذلك شركة شبرايت الجنوب إفريقية بخلاف المستثمرين المحليين وفي مقدمتهم سعودي والهواري وأبو ذكري وجاد... إلي آخره. وتشير التقديرات المبدئية إلي أن حجم الاستثمار في هذه السلاسل كما حدده الخبراء يبلغ 15 مليار جنيه ومتوقع زيادتها خلال الفترة القادمة إلي الضعف. كما توسعت أيضاً المولات التجارية في مصر وتزايد الاستثمار فيها وبلغت الاستثمارات فيها جانباً حوالي 7 مليارات دولار أي ما يقرب من 40 مليار جنيه ومن المتوقع أن تصل إلي 12 مليار دولار عام 2010. وتؤكد الإحصائيات نجاح سياسة التسوق وافتتاح المولات التجارية الجديدة وتحقيق الهدف منها وهو تحقيق أرباح طائلة نتيجة الاستثمار الجيد والمتميز، وكذلك نجاح فنون وآليات التسويق الجديدة. السلاسل تهدد وقد نجحت السلاسل والمراكز التجارية الكبيرة "المولات" التي بدأت تنتشر في انحاء مصر في سحب البساط من المتاجر الصغيرة "محلات السوبر ماركت" المنتشرة أيضاً في مدن وقري مصر بل وهددتها بالكساد. ويشير محمد عبدالعظيم صاحب سوبر ماركت بوسط البلد إلي انخفاض القوي الشرائية بالمحل نتيجة انتشار سلاسل "الهايبر" الكبيرة التي أصبح الزبائن يفضلونها عن المحلات الصغيرة، موضحاً أن المشتري المصري للأسف الشديد بدأ يهرب من المحلات الصغيرة أو الكيانات الضعيفة لأن السلاسل والمولات بها مميزات كبيرة له حيث إنها مكيفة ومغرية كما أن البرامج التسويقية التي تتبناها وتوفير الأماكن الترفيهية وخصوصاً المولات وفرت علي المستهلك الوقت والجهد. ويضيف طارق منصور مدير أحد المحال التجارية بالقاهرة أن أسواق مصر تعاني من ضعف القوي الشرائية بسبب الحالة الاقتصادية متوقعاً استمرار انخفاض حركة البيع والشراء خاصة بعد افتتاح فروع عديدة للسلاسل في المحافظات المختلفة ووسائل الجذب التي تعرضها للمواطنين أي أنها أصبحت مثل الديناصورات التي تلتهم الأشياء أو الكيانات الصغيرة. ويوضح أن هناك فئة قليلة تعتمد علي المحال التجارية الصغيرة والتي ترتبط بها بعلاقات قديمة مشيراً إلي أن الكيانات الصغيرة من المحلات التجارية والسوبر ماركت سيأتي عليها يوم من الأيام وتغلق أبوابها. استثمارات مضمونة وتؤكد دراسة حديثة أعدتها الدكتورة مني أباظة الأستاذ المساعد بقسم الاجتماع في الجامعة الأمريكية عن سلاسل المحلات والمولات التجارية وأثرها في حياة المصريين وكذلك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لها أن هذه المولات غيرت في أخلاق وطبائع الشباب المصري والعربي وأنها استثمارات مضمونة وسريعة الربح لرجال الأعمال ولكنها في كل الأحوال تركز علي منطق الاستهلاك والشراء. وقالت الدكتورة مني أباظة إننا لا نجد حماساً بنفس القدر من الأموال العربية للإقبال علي مشاريع منتجة تسهم في زيادة الدخل القومي وتحارب البطالة التي تطحن الشباب. وتشير الدراسة إلي أنه منذ عام 98 بات واضحاً أن السلاسل والمولات التجارية هي النمط الاستهلاكي الكاسح في المجتمع المصري وتنبه لها رجال الأعمال المتطلعون نحو الثراء والمكسب السريع لا يملكون فرصة الاشتراك في النوادي الرياضية يكون الذهاب إلي المول في كثير من الأحيان هو الحل خاصة في الصيف عندما ترتفع درجة الحرارة فيكون التكييف المركزي للمول ميزة وسبباً إضافياً للذهاب.