تعتزم وزارة المالية خلال الأسابيع القليلة القادمة طرح أذون خزانة بالدولار وذلك من خلال نظام "المتعاملون الرئيسيون" والذي يضم 13 بنكا وبعض الأفراد وكذلك عددا من المؤسسات المالية من خلال الاكتتاب في هذه الاذون والذي ستكون مدته ثلاثة أشهر قابلة للزيادة إلي ستة أشهر. وقد أبدت هذه البنوك تخوفها من "الأذون" بحجة أنه قد تؤدي إلي عدم استقرار سعر صرف الدولار بالاضافة إلي الاضرار بالاصلاحات التي يقوم بها البنك المركزي في السياسة النقدية. وقد طرح "الاسبوعي" في هذا الموضوع وجهات النظر المختلفة حول تلك الأذون لمعرفة مميزاتها وعيوبها. في البدية يسأل محمد علي البربري نائب محافظ البنك المركزي السابق عن الهدف من طرح هذه الأذون خاصة وأن البنوك تغطي احتياجات وزارة المالية من السيولة المحلية فلماذا تطرح وزارة المالية أذون خزانة بالدولار وتعيد تحويلها للعملة المحلية لتمويل مشروعات به مؤكدااً أن ذلك سوف يؤدي إلي زيادة أعباء الدين المحلي ولكن بوجه جديد من خلال العملة المحلية. ويوضح البربري أن اصدار هذه الأذون سوف يؤدي إلي تجميد جزء من أموال المودعين حتي تستطيع البنوك استخدامه في شراء هذه الأذون ولكن المشكلة أن هذه الأذون مدتها قصيرة جدا ولن تستطيع وزارة المالية سدادها إلا إذا قامت باصدار أذون أخري تقوم بطرحها تمول منها سداد الأذون السابقة ومن هنا تبدأ سلسلة الديون المحلية بالعملة الصعبة وهنا الخطورة - كما يقول البربري - حيث إن المديونية ستكون بالدولار. ويؤكد محمد البربري أن من الأفضل للحكومة أن تعتمد علي أذون الخزانة بالعملة المحلية حيث يكون ردها أسهل من أذون الدولار فإذا عجزت الحكومة عن السداد يمكن أن يقوم البنك المكزي بطبع بنكنوت ويسلف الحكومة لسداد هذه الأذون التي استحق سدادها بخلاف الأذون بالدولار فلا يمكن فعل ذلك مما يتطلب اصدار أذون دولارية جديدة. وأضاف أنه لا يوجد داع حاليا لطرح مثل هذه الأذون بالعملة الصعبة طالما لا توجد مشروعات تحتاج تمويلاً بالدولار وطالما يتوافر لدينا موارد تمويل بالعملة الصعبة لا تمثل ديونا علي الحكومة ولا تزيد من أعباء الدين أو حتي ردها أساساً وهذه الموارد ممثلة في عائدات هيئة قناة السويس والبترول فضلا عن عائدات السياحة والصادرات والتي زادت بنسبة 30% مؤخرا. خطورة الطرح ويتفق دكتور شريف دلاور عضو أمانة السياسات بالحزب الوطني مع الرأي السابق مؤكدا أنه ليس لدينا عجز في مواردنا من العملة الأجنبية كما أن لدينا 5.3 مليار دولار فائض في ميزان المدفوعات طبقا لتقرير البنك المركزي الذي صدر مؤخرا مع زيادة الصادرات السلعية مثل البترول والغاز بنسبة 30% وأكد أنه ليس هناك حاجة لمثل هذه الأذون بالدولار رغم أن وزارة المالية قد تطرحها لتغطية الزيادة المستمرة في عجز الموازنة العامة للدولة والذي أصبح يمثل خطورة حيث بلغ هذا العجز ما يقرب من 10% من الناتج المحلي في حين أنه لا يجب أن يزيد علي 3 إلي 4% وهذه الأذون في النهاية سوف تؤدي إلي زيادة هذا العجز وكذلك زيادة أعباء الدين. ويؤكد شريف دلاور أن اصدار هذه الأذون أمر جيد وسليم وذلك علي المدي القصير حيث يعالج مشكلة العجز بشكل منطقي ويتواكب مع المعطيات الحالية بكفاءة ولكن مردوده خطير علي المدي الطويل ويعتبر غير سليم نهائيا وخطورته تكمن في كونه حلا يعالج قشور مشكلة العجز وليس أصلها وهو أسباب هذا العجز باعتبار أن وزارة المالية ليست منوطة بعلاج هذه الاسباب. ويوضح دلاور أن المسئول عن علاج تلك المشكلة هو مجلس الوزراء وخاصة المجموعة الاقتصادية علي أن يبدأ العلاج بهياكل الصناعة والإنتاج وكذلك الخدمات والتي تمثل خطراً كبيرا في مصر تعتمد علي الاستيراد في كل مكوناتها كذلك نظم التوظيف وأوضاع التجارة الخارجية مؤكدا أن علاج كل ذلك يؤدي في النهاية إلي حل المشكلة الاساسية والتي هي بدون هذا الحل واستمرار الحكومة في طرح أذون وسندات حتي لو كانت محلية وليس بالعملة الصعبة سوف يزيد في النهاية من أعباء الدين وتكاليف خدمته وكذلك العجز ونجد في النهاية أنها تعاملت مع العجز بالعجز وتؤثر أيضا علي استقرار سعر الصرف. أمر جيد وعلي الجانب الآخر يؤيد الدكتور محيي الدين علم الدين الخبير المصرفي ومستشار السابق للجنة الاقتصادية بمجلس الشعب طرح الحكومة من خلال وزارة المالية أذون خزانة الدولار مؤكدا أنه أمر جيد خاصة أن الحكومة تحتفظ بالأموال المقترحة بهذه الأذون في البنك المركزي ثم تعيد سحبها بالعملة المحلية وبذلك لن تستخدم هذه الأموال ويمكن سحبها في أي وقت هذا إلي جانب أن عائد هذه الأذون التي تحصل عليه البنوك المستثمرة معفي تماما من الضرائب ويمكن لأي بنك من البنوك المكتتبة في هذه الأذون أن تعيد بيعها لعملائها وهي بذلك لن تؤدي إلي عدم استقرار سوف الصرف أو عودة الدولار.