رغم الحديث المكرر والمحفوظ حول عبقرية المكان في مصر واتساع شواطئها وإطلالها علي بحرين.. وخلافه إلي أن تلك "العبقرية" لم تترجم إلي واقع أو بمعني أدق إنشاء شبكة خطوط بحرية قوية تستطيع أن تنقل صادراتنا إلي أي مكان في العالم مما ينعكس بالإيجاب علي حركة الصادرات وزيادتها. وقد مل العديد من المصدرين من الشكوي من حول عدم توافر الخطوط الملاحية لنقل صادراتهم ووجود عقبات شحن كبيرة تقطع الطريق علي منتجاتهم المصدرة خاصة إلي الأسواق الجديدة ولاسيما بعد تطبيق بروتوكول الكويز.. والحكومة أذن من طين وأخري من عجين وعلقت حل المشكلة في رقبة القطاع الخاص والذي يري أن إنشاء الأساطيل البحرية التجارية يحتاج إلي استثمارات ضخمة وطويلة الأجل عائدها مرتفع ولكن بعد فترة وكثيرة المخاطر وأصبح الشحن من البحر المتوسط أو الأحمر تتحكم فيه الخطوط العالمية لأن هناك غيابا واضحا للخطوط الوطنية وهو ما يرفع تكلفة النقل إلي بعض هذه الأسواق أو يطيل من مدة الشحن، إضافة إلي مشكلات الأسواق "القديمة الجديدة" كسوق الولاياتالمتحدة والذي اكتسب حداثته ببروتوكول الكويز حيث يواجه مشكلات عدة في شهوره الأولي تتعلق بمرونة استيراد المدخل الإسرائيلي وغياب الوعي للمستورد الأمريكي عن نظام الكويز المصري بالرغم من الترويج الحكومي للبروتوكول علي المستوي العالمي؟ ولكن أكثر ما يعانيه المصدرون من الخطوط البحرية الأجنبية هو طول مدة سفرها باعتبار مصر محطة تعبر عليها من البلد صاحبة الخط إلي الهدف الرئيسي إضافة إلي تعرض الصادرات المصرية أحياناً إلي تأخير الرحلة إذا جاءت طلبيات مفاجئة لمساحات علي السفينة من البلد صاحب المنشأ والتي يؤثر الخط مصلحتها علي مصلحة المصدر المصري في أغلب الأحيان وهو ما يكلف المصدر الوقت وتكلفة أرضية الانتظار. مجدي البندراوي مدير توكيل خط apl يوضح أن السبب الرئيسي في مشكلات الوقت والتكلفة في خدمات الخطوط الأجنبية يعود إلي عنصر العرض والطلب فبالنسبة للسوق الأسيوي وبسبب حركة الاستيراد القوية منه إلي مصر تقدم خطوطه خدمة الشحن بسعر منخفض حتي لا تعود بحاوياتها فارغة وذلك علي عكس السوق الإفريقي والذي تضعف حركة الواردات مقارنة بالأسيوي فيه ويقوم علي نقل البضائع فيه خطوط عالمية تعمل لخدمة صادراتها إلي هذا السوق وتمر الصادرات المصرية من خلالها علي محطات كثيرة حتي تصل إلي هدفها الرئيسي كما يلفت البندراوي إلي أن عنصر العرض والطلب وقلة الخطوط الملاحية المتجهة إلي بعض المناطق قد يؤثر أيضاً علي رفع التكلفة. مشكلة الخليج ويظهر عنصر العرض والطلب الذي أشار إليه البندراوي بوضوح في أسعار الشحن إلي السوق الخليجي فبمقارنة متوسط وقت الشحن وتكلفة النولون لحاوية جافة 20 قدماً في بعض الخطوط المتجهة إلي ميناء جدة بالسعودية نجد أنها تتكلف 450 دولاراً وهي نفس التكلفة إلي ميناء أوزاكا في اليابان بل وتصل إلي 175 دولاراً إلي موانئ تركيا، كما يعاني المصدرون إلي منطقة الخليج من طول مدة النقل.. ففي الوقت الذي تصل فيه مدة الشحن إلي اليابان لحوالي 21 يوماً يصل في بعض الخطوط المتجهة إلي قطر إلي 21 يوماً أيضاً والكويت إلي 28 يوماً ويرجع ذلك إلي غياب الخطوط. ويري أسامة صلاح "وكيل شحن" أن مشكلة الوقت تعتبر أقل في الشحن البحري إلي جنوب شرق آسيا بسبب ارتفاع الواردات منها إلي مصر وهو ما شجع من وجود الخطوط المباشرة بينها وبين القاهرة إذ تستغرق رحلة مصر إلي اليابان 21 يوماً وسنغافورة 14 يوماً وهونج كونج 12 يوماً إلا أن المصدرين إلي هذه المنطقة يعانون من ارتفاع تكلفة الحاويات المبردة بشكل واضح بسبب نقص الواردات المحتاجة للتبريد من هذه المنطقة عن الصادرات المصرية بنسبة كبيرة وهو ما يجعل أسعارها تتجه للارتفاع بسبب عنصر العرض والطلب. الأسواق الأسيوية ويعتبر المصدرون نقص الحاويات المبردة المتجهة إلي جنوب شرق آسيا بدون الخليج عاملاً محورياً في ضعف الصادرات المصرية إلي هذه المنطقة وتعتبر الصادرات الزراعية والصناعات الغذائية المصرية الأكثر احتياجاً للحاويات المبردة من أكثر الصادرات المطلوبة في هذه المنطقة. محمد العبد "مصدر زراعي" واجه هذه المشكلة إذ اجتذبه عرض تصديري إلي باكستان خلال فترة قصيرة في أحد المواسم التي ينخفض فيها سعر نوع من الصادرات الزراعية المصرية علي أرض مصر عن مثيلتها الصينية علي أرض الصين التي تمثل المنافس الأكبر في هذا السوق بنسبة 30% إلا أن تكلفة الحاوية المبردة تجعل الصادر الصيني أقل في السعر بعد الوصول نظراً لامتلاك الصين لخطوطها الخاصة التي تقدم لمصدريها أسعاراً شديدة الانخفاض.