أثار قرار إلغاء اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل الموقعة بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "EGAS مع شركة غاز شرق البحر المتوسط "EMG» والتي يملك الجزء الأكبر من أسهمها «حسين سالم» ويساهم فيها مجموعة ميرهاف الإسرائيلية وشركة امبال الأمريكية - الإسرائيلية وشركة بي تي تي التايلاندية ورجل الأعمال الأمريكي سام زميل، ردود أفعال واسعة داخل إسرائيل وفي مصر. فرغم تأكيد الإدارة المصرية أن القرار تجاري محض وليس له أي أبعاد سياسية، وأن القرار اتخذته الشركة المصرية لأسباب تجارية محضة «ولا يوجد علم مسبق لدي الحكومة المصرية أو المجلس العسكري بهذا القرار.. الذي استند إلي ما تنص عليه بنود العقد كعلاقة تجارية بين شركات ولا تحكمه أي اعتبارات سياسية ولا يعكس أي توجهات للدولة، وأنه تم إخطار شركة غاز شرق البحر المتوسط أكثر من مرة بوجوب سداد ما عليها من متأخرات مالية وكانت آخر مهلة لسداد هذه المتأخرات هو يوم الثامن عشر من شهر أبريل الحالي ، ولم تقم الشركة بالسداد» حسب ما صرح به المهندس هاني ضاحي رئيس هيئة البترول والغاز المصري، وإعلان فايزة أبوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي أن «قرار وقف التصدير تجاري وليس سياسيا ويعتبر العقد مفسوخا لعدم سداد الطرف الآخر لالتزاماته المالية.. والحكومة المصرية ليس لديها أي مانع من عمل اتفاق جديد مع إسرائيل لتصدير الغاز».. إلا أن القراءة الصحيحة للقرار وردود أفعاله المحتملة والمتوقعة تؤكد الطبيعة السياسية للقرار. فيستحيل اتخاذ قرار حتي ولو كان ذا طبيعة تجارية بحتة له انعكاسات علي علاقات مصر الإقليمية والدولية وأمنها القومي بعيدا عن الإدارة السياسية للبلاد وتحديدا المجلس الأعلي للقوات المسلحة. وقد أشارت مصادر رسمية مصرية إلي أن إلغاء عقد تصدير الغاز لإسرائيل «سبقه دراسة قانونية مستفيضة علي مدي الشهور الماضية مع وضع جميع السيناريوهات المحتملة لرد الفعل الإسرائيلي». ويصعب عدم الربط بين توقيت صدور القرار وإعلان إسرائيل مؤخرا بأن «سيناء غير آمنة للرعايا الإسرائيليين». وربما يكون رد الفعل الإسرائيلي للقرار هو خير دليل علي أن القرار سياسي بامتياز رغم صياغته الذكية في الإطار التجاري البحت. فصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قالت إن قرار شركة الغاز المصرية «لا يمكن أن يقرأ بعيدا عن الرأي العام المصري الرافض لاتفاقية الغاز مع إسرائيل وعمليات تفجير أنبوب الغاز في سيناء ومهاجمة السفارة الإسرائيلية في القاهرة»، وقال وزير الطاقة الإسرائيلي «عوزي لاندو» إن الاتفاق لن يقود فقط إلي تفاقم النقص في الطاقة خلال فصل الصيف، لكنه سيضر أيضا باتفاق السلام الهش بالفعل بين البلدين. وذكرت وكالات الأنباء أن «افيجدور ليبرمان» وزير الخارجية الإسرائيلي سلم مذكرة تحذير خطية إلي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعته إلي «اتخاذ قرار شجاع بإعادة تشكيل فيلق الجنوب في الجيش الإسرائيلي الذي تم حله مع توقيع اتفاقية الصلح بين القاهرة وتل أبيب، والإسراع بتشكيل ثلاثة ألوية قتالية جيدة التدريب»، وأضاف ليبرمان أن التحول الاستراتيجي في مصر بعد ثورة 25 يناير ربما يسوق خطرا أكبر من الخطر النووي «الإيراني» علي إسرائيل. وعلق «بيني حانتس» رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي علي قرار إلغاء عقد تصدير الغاز لإسرائيل قائلا «.. في حالة تحول مصر إلي دولة عدو بعد سنوات طويلة من السلام معها، فإن جنود الجيش الإسرائيلي مستعدون، كما أنهم مستعدون لأداء أي مهمة فيما يخص مواجهة التهديدات، بالإضافة لحالة عدم الاستقرار التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط». وجاء رد الفعل المصري مغايرا تماما، فقد رحبت الأحزاب والقوي والحركات السياسية بالقرار، واعتبرته استجابة للضغوط والمطالب الشخصية، ورد متحدث حزبي علي ما قاله د. محمود حسين أمين عام جماعة الإخوان المسلمين من أن المجلس العسكري أقدم علي هذه الخطوة لتحسين صورته أمام الشارع المصري، فقال «فليكن.. طالما أن القرار صحيح وفي مصلحة مصر سياسيا واقتصاديا وضد مصلحة إسرائيل، وهناك دراسات ومعرفة بردود الأفعال وكيفية التعامل معها».